الهبات الصحّية تتوالى: دعم دولي متجدّد لتعزيز صمود القطاع الطبّي في لبنان

تتوالى الهبات الصحّية للبنان في ظلّ الظروف الصعبة التي يمرّ بها القطاع، في مشهدٍ يعكس استمرار الدعم الدولي والتزام الشركاء بتأمين الحدّ الأدنى من الخدمات الطبّية للبنانيين، لا سيما للفئات الأكثر هشاشة. وفي هذا السياق، يؤكّد وزير الصحة العامة الدكتور ركان ناصر الدين أنّ الحكومة اللبنانية مستمرّة في التعاون الكامل مع المنظمات الدولية والمجتمع الدولي، بهدف تأمين خدمات الرعاية الصحّية وتنفيذ المزيد من المشاريع المشتركة التي تساهم في تعزيز قدرة النظام الصحّي على الصمود والاستجابة.
وأعلنت منظمة “اليونيسف” والاتحاد الاوروبي، في بيان، أنّ الاخير “سلّم 40 طنًّا من الأدوية الأساسيّة والمعدّات الطبّية الطارئة إلى وزارة الصحّة العامة في لبنان. ووصل جزء من هذه الإمدادات إلى لبنان في كانون الثاني الماضي على متن طائرة تمّ تأمينها من قبل اليونيسف، بينما وصل الجزء المتبقي بحرًا الشهر الماضي. وتشمل الشحنة مجموعة متنوعة من الأدوية الأساسية، من بينها المضادات الحيوية، والأدوية المضادة للالتهابات، ومسكنات الألم، والتي ستوزَّع حسب الحاجة والاستهلاك بين مجموعة من 300 مركز رعاية صحية أوّلية، ووحدات صحّية أولية، منتشرة في مختلف المناطق اللبنانية. كما تتضمن الشحنة 15 مجموعة طبية للطوارئ، ستساهم في تلبية احتياجات نحو 150.000 شخص للمساعدة الطبية الطارئة لمدة ثلاثة أشهر”.
وأكد الوزير ناصر الدين أنّ هذه “الهبة الكريمة تشكّل تأكيدًا للمجتمع اللبناني بأنّ الحكومة مستمرّة بالتعاون الكامل مع المنظمات الدولية والمجتمع الدولي لتأمين خدمات الرعاية الصحية وتنفيذ المزيد من المشاريع المشتركة”. ولفت إلى أن” استلام الهبات مشروع متكامل بدأ في السابق وهو مستمر لتوزيع الهبات بشكل عادل بين كل اللبنانيين”.
أضاف “أن اللبنانيين من ذوي الطبقات الهشّة يحتاجون إلى الخدمة والمساعدة”، آملا أن” يستعيد القطاع الصحي في لبنان دوره الفاعل وقدراته الكاملة في وقت قريب لتأمين المزيد من خدمات الرعاية”.
بدورِه ، قال القائم بالأعمال بالإنابة في بعثة الاتحاد الأوروبي في بيروت سامي سعادة: “الاتحاد الأوروبي يقف دومًا إلى جانب لبنان. وخلال النزاع، أعددنا توجيهًا دعمنا عددًا من القطاعات، وزدنا من مساعداتنا الإنسانية لتلبية احتياجات الأشخاص الذين نزحوا. واليوم، نقدّم إمدادات طبية حيوية إلى وزارة الصحة العامة لضمان استمرار حصول المتضرّرين على الرعاية الصحية الأساسية التي يحتاجونها”.
ومع هذه الشحنة، يرتفع إجمالي المساعدات الإنسانية التي قدّمها الاتحاد الأوروبي استجابةً للنزاع في لبنان إلى 418 طنًّا من المستلزمات الطبّية. وقد بدأت عمليات الجسر الجوي الإنساني في تشرين الأول/أكتوبر 2024، حيث موّل الاتحاد الأوروبي 12 رحلة إلى بيروت، حملت إمدادات طبّية من الاتحاد الأوروبي، ودوله الأعضاء، وعدد من المنظمات الإنسانية.
وفي هذا السياق، قال أكيل أيّار ممثل اليونيسف في لبنان: “في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية، من الضروري ضمان استمرارية تأمين الأدوية الأساسية. وتُجسّد هذه المساهمة السخيّة من الاتحاد الأوروبي التزامنا المشترك بدعم القطاع الصحي في لبنان وحماية رفاه السكان الأكثر ضعفًا، لا سيما النساء والأطفال”.
وأشار البيان الى أنه “منذ اندلاع النّزاع في أيلول/سبتمبر 2023، أمّنت اليونيسف أكثر من 200 طن من الإمدادات الطبية، استفاد منها نحو مليونيْ شخص تأثروا بتصاعد النزاع. وتُواصل اليونيسف، بالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة العامة والشركاء، دعم النظام الصحي في لبنان لضمان إيصال الرعاية المنقذة للحياة إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها”.
خبر سارّ لـ500 مريض
من جهة أخرى، كان وزير الصحة قد أعلن عن تسلّم هبة من منظمة الصحة العالمية مموّلة من إيرلندا والصندوق المركزي للأمم المتحدة لمواجهة الطوارئ، وتتضمن مستلزمات طبية لتغطية 24 ألف جلسة غسيل كلى لما يقارب 500 مريض على مدى 4 أشهر كاملة، وسيتمّ توزيعها بين 19 مستشفًى حكوميًا يضم مراكز لغسيل الكلى.
جاء ذلك في وزارة الصحة العامة في مؤتمر صحافي مشترك مع ممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان عبد الناصر أبو بكر وبحضور مدراء المستشفيات الحكومية المعنية.
وأعلن الوزير ناصر الدين أنّ الهبة القيّمة تسلط الضوء على بادرة إنسانية نبيلة تجسّد أسمى معاني التضامن والتعاون الدولي، خصوصًا أنها موجهة لمرضى من ذوي الطبقات الهشّة يعانون من أمراض الكلى المزمنة ويحتاجون إلى العلاج بشكل دوري ومستمر، وستسهم الهبة الكريمة في تخفيف الأعباء عن كاهل المرضى وعائلاتهم.
وأكد وزير الصحة أن مرضى غسيل الكلى يحظوْن بالأولوية القصوى والعناية الخاصة، إذْ تدرك الوزارة حجم المعاناة التي يتكبّدونها وأهمية توفير العلاج اللازم لهم من دون انقطاع. وشدّد على أنّ وزارة الصحة ستظلّ ملتزمةً بتوفير كل الدعم اللازم لهؤلاء المرضى وستعمل جاهدة لاستدامة علاجهم وتأمين احتياجاتهم الصحية بشكل كامل.
وتوقّف ناصر الدين أمام الدور المحوري الذي تقوم به المستشفيات الحكومية في رعاية المرضى وتقديم الخدمات الصحية الضرورية لهم، وذلك على الرَّغم من كل التحدّيات والصعوبات التي تواجه القطاع الصحي في لبنان. وقال: “إن تفانيكم في المستشفيات الحكومية وعملكم الدؤوب يستحق كل التقدير والإحترام”.
وتوجّه بالشكر لمنظمة الصحة العالمية وجمهورية إيرلندا والصندوق المركزي للأمم المتحدة لمواجهة الطوارئ على هذا الدعم، لافتًا إلى أن التعاون الوثيق هو نموذج يحتذى به ويؤكد على أهمية الشراكة الدولية في مواجهة التحديات الصحية.
وختم مؤكّدًا أنّ الوزارة ستواصل العمل بكل جهد لضمان حصول جميع المرضى على الرعاية الصحية اللازمة وستبقى على تواصل وتنسيق كامل مع الشركاء الدوليين والمحليين لتحقيق هذا الهدف النبيل.
بدورِه، أكد ممثل ممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان عبد الناصر أبو بكر التزام المنظمة بدعم النظام الصحي في لبنان خلال هذه المرحلة من التحدّيات ولا سيما لناحية ضمان حقّ الوصول إلى الخدمات لأفراد الطبقات الهشّة الذين يعانون من الأمراض المزمنة مثل غسيل الكلى.
وقال إنّ الهبة إنجاز كبير ويعكس الإهتمام الذي توليه منظمة الصحة العالمية لمرضى الأمراض المزمنة الذين لا يجب إهمالهم خلال الأزمات، مُذَكِّرًا بأنّ منظمة الصحة العالمية عملت بجهد مع السلطات اللبنانية خلال الحرب الأخيرة لتأمين احتياجات مرضى غسيل الكلى وعلاجاتهم.
وتابع الدكتور أبو بكر لافتًا إلى أن المنظمة تعمل لتأمين المزيد من الموارد في ظل تزايد الحاجات، وذلك من خلال تأمين دعم إضافي من المانحين لتعزيز وضع المستشفيات التي تقدّم خدمات الرعاية للمرضى الأكثر بحاجة. وأكد ممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان أن المنظمة ستواصل العمل على دعم النظام الصحي وبناه التحتية مبديًا اعتقاده أن التعاون سيوفّر الإمكانات لتلبية الحاجات.