عيد الفصح في لبنان: التقاليد تزيّن البيوت والقلوب

حين تقترب أيام عيد الفصح، تتزيّن المتاجر والسوبرماركيت في لبنان بألوان الربيع، وتفيض رفوفها ببيض الشوكولا، وزينة العيد، وروائح المعمول الزّكية. وعلى الرَّغم من أنّ عيد الفصح يُحتفل به في بلدانٍ عديدةٍ حول العالم، فإنّ للبنان نكهته الخاصة، وتقاليده المتجذّرة التي تجمع العائلة، وتُحاكي الحنين والفرح.
المعمول… حلوى العيد بامتياز
لا يمكن تخيّل عيد الفصح في لبنان من دون رائحة المعمول التي تملأ البيوت. هذه الحلوى التراثية، المصنوعة من السّميد والزّبدة وماء الزّهر وماء الورد، تُحشى عادةً بالتمر أو الجوز أو الفستق الحلبي. وما يميّزها ليس فقط مذاقها، بل الأشكال الخاصة التي تُستخدم لتمييز نوع الحشوة — فشكل المعمول بالجوز يختلف عن شكل المعمول بالتمر أو الفستق.
تُحضّر العجينة عادةً يوم الجمعة العظيمة، بينما يُخبز المعمول يوم السبت، في أجواء حميميّة تتعاون فيها أفراد العائلة على العجن، والتزيين، والخبز.
بيض العيد… لعبة وتقاليد
في بعض الدول، يُحتفل بعيد الفصح من خلال ألعاب البحث عن البيض الملون (Egg Hunt)، لكن في لبنان، هناك تقليد آخر يُسمى “تفقيس البيض”. بعد غداء الأحد، يتجمّع أفراد العائلة، وكلّ منهم يختار بيضةً مسلوقةً ملوّنةً، ثم تبدأ اللعبة: يضرب كل شخص بيضته ببيضة الآخر، والفائز هو من تبقى بيضته سليمة حتّى النهاية.
عادةً، يُحضّر البيض قبل يوميْن، ويمكن تلوينه بطرق طبيعية باستخدام قشور البصل الأحمر أو الأصفر. هذا الطقس الرّمزي يعكس الحياة الجديدة والقيامة، ويضيف لمسةً من المرح والترابط العائلي.
غداء الفصح… مائدة عامرة بالمحبّة
الغداء يوم أحد القيامة ليس مجرّد وجبة، بل هو احتفال عائلي واسع يجمع الأهل والأقارب حول مائدة واحدة. وبعد فترة الصيام التي تسبق العيد، تتحوّل المائدة إلى عرض شهيّ لأطيب الأطباق. من أبرزها طبق الأرز بالدجاج أو باللحم، المحاشي، وقطع اللحم والدجاج المشوية، إلى جانب السلطات والمقبّلات المتنوّعة.
أكثر من عيد… مناسبة للمحبة والوحدة
بعيدًا عن الحلويات والطعام، يبقى الفصح في لبنان مناسبةً روحيةً وعائليةً بامتياز. الناس يزورون الكنائس مساء سبت النور، ويتبادلون التهاني يوم الأحد، في جوٍّ من الفرح والتفاؤل. وفي السنوات الأخيرة، تشهد بعض الكنائس توحيدًا في الاحتفال بين الطوائف المختلفة، ما يضيف للعيد بعدًا وحدويًّا يلامس القلوب.
عيد الفصح… ذاكرة حيّة في وجدان اللبنانيين
يبقى عيد الفصح في لبنان أكثر من مجرّد مناسبة دينية. إنّه محطة للفرح واللقاء والتجديد. من تحضير المعمول، إلى تلوين البيض، ولعبة “تفقيس” البيض، وصولًا إلى مائدة الغداء الجامعة… كلّها طقوس تجعل من العيد مناسبةً لا تُنسى.
ففي بلدٍ يمرّ بالكثير من التحدّيات، تظلّ المناسبات كعيد الفصح نافذةً للأمل، حيث تُضاء البيوت بالنور، والقلوب بالإيمان، وتُجدّد العائلات روابطها بلحظات من الفرح الحقيقي.
مواضيع ذات صلة :
![]() بوتين يعلن الهدنة… وزيلينسكي يوافق | ![]() ميشال عون: نصلي لتكون قيامة المسيح مصدر قوة لشعبنا ووطننا | ![]() الأطفال يحتفلون بعيد الفصح في حديقة قصر بعبدا… هذا ما نشرته السيدة الأولى! |