عيد الفصح بين الرجاء والتصعيد: خطاب قاسم يوتّر الداخل والردود تتوالى

يحتفل لبنان اليوم بعيد الفصح المجيد، وسط تصعيد سياسي بعد خطاب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم.
هذا التصعيد، تماهى معه كلام السفير الايراني في لبنان مجتبى أماني، إذ اعتبر أنّ مشروع نزع سلاح حزب الله في المنطقة “مؤامرة واضحة” تستهدف أمن الدول واستقرارها، في إشارة إلى نزع سلاح حزب الله وتسليمه للدولة اللبنانية.
وحذر أماني في تصريح عبر منصة إكس “من أنّ الاستجابة لمثل هذه المشاريع تجعل الدول عرضة للهجمات والاحتلال”.
وأضاف: “في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة تزويد الكيان الصهيوني بأحدث الأسلحة والصواريخ، تضغط على دول أخرى لتدمير ترساناتها العسكرية تحت ذرائع مختلفة، وبمجرّد أن تستسلم تلك الدول، تصبح هدفاً سهلاً للهجوم، كما حصل في العراق وليبيا وسوريا، نحن في الجمهورية الإسلامية الإيرانية نعي خطورة هذه المؤامرة ونحذر الآخرين من الوقوع في فخ الأعداء. إن حفظ القدرة الردعية هو خط الدفاع الأول عن السيادة والاستقلال.”
ووفق مراقبين فإنّ الخطاب الإيراني المتكرّر حول “الردع” والذي يُستخدم لتبرير الإبقاء على سلاح حزب الله خارج إطار الدولة اللبنانية، يعمّق الخلاف الداخلي حول مفاهيم السيادة والشرعية، ويطرح تساؤلات حول دور طهران في رسم حدود القرار الأمني والسياسي في لبنان.
وفي تعليق على كلام قاسم، أشار رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إلى أنّ “البعض يصرّ في الأيام الأخيرة على العودة إلى منطق التهديد والوعيد والأيادي التي ستُقطع. هذا ليس منطق الدولة، ولا منطق الديمقراطية، ويجافي تمامًا منطق السلم الأهلي. على أصحاب هذا المنطق أن يكفوا عن استعماله ويكتفوا بما ألحقوه بالبلاد والعباد من مآسٍ وأضرار، ويتركوا الحكم الجديد ينتشل البلاد من المأساة التي أوصله إليها أصحاب هذا المنطق . فليتركوا المجال للرئيس الجديد والحكومة الجديدة من أجل مسح الخسائر التي خلّفوها، والبدء بإعادة بناء دولة فعلية تعيد الكرامة والعزّة والعيش الكريم الى اللبنانيين، وتبادر إلى إعادة الأعمار”.
وسط هذه الأجواء تطرق البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في رسالة الفصح الى دور المسيحيّين فقال ” إنّهم أصحاب رسالة وهي: أن يعزًوا الحزانى ويحملوا أثقال الآخرين، وأن يشجّعوا، وأن يعلنوا الحياة في زمن الموت، وأن يظلّوا بمدارسهم وجامعاتهم ومستشفياتهم وسائر مؤسّساتهم، في كلّ مكان وبيئة، يؤدوّن الخدمة للجميع، ويشهدون أنّ جميع البشر إخوة وأخوات، فيُسكتوا صراخ الموت. كفى حروبًا، كفى تصنيع أسلحة والمتاجرة بها، فالعالم بحاجة إلى خبز لا إلى سلاح. ولتتوقّف عمليّات الإجهاض وقتل الأبرياء، ولتُفتح أيادي القادرين لتملأ الأيادي الفارغة حتى من الضروريّ. ها نحن اليوم حجّاج الرجاء نلتجئ إليك، أيّها المسيح القائم. لنفتح قلوبنا لك، أنت الحياة، ونتقبّلها منك حياة جديدة، ونمط عيش جديد، يخرجنا من عتيقنا إلى جديد نعمة القيامة”.
في المقابل، علّقت مصادر وزارية قريبة من رئاسة الجمهورية على كلمة نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، معتبرة أنها “تندرج في خانة المواقف المتضاربة”. وأكدت المصادر لصحيفة “الشرق الأوسط” أنه “لا أحد هدد بنزع السلاح بالقوة، وأن كل الأمور ستحل بالحوار، الذي أبدى قاسم بنفسه جهوزية الحزب بشأنه، مع مطالبته بعدم الضغط عليهم في الوقت الحالي”.
وأشارت المصادر إلى أنّ لهجة قاسم التصعيدية موجّهة بشكل أساسي إلى بيئة الحزب في هذه المرحلة الحساسة، لكنها شددت على أنه “لم يتحدث بسلبية عن الحوار مع الرئيس جوزاف عون، وكذلك عن الجيش اللبناني ودوره”، مذكّرة بتصريح قاسم: “فخامة الرئيس هو المعني الأول ليحدد آلية الحوار وبدء الحوار، ونحن مستعدون في الوقت المناسب أن نشارك في هذا الأمر”، وأضاف: “نحن متفاهمون ومتعاونون مع الجيش… نحن والجيش في الخندق الواحد ضد إسرائيل”.
وأكدت المصادر أن “التواصل سيستكمل رغم كل شيء؛ لأن من مصلحة الحزب قبل أي طرف آخر أن تتسم هذه المرحلة بالهدوء”، مشيرة إلى أن “الأمور تسير بالحوار والدبلوماسية التي لا بد أنها تأخذ بعض الوقت، وهو ما لم يرفضه قاسم بكلامه”.
وذهبت المصادر إلى اعتبار خطاب قاسم رسالة إلى الخارج، لا سيما في ظل المفاوضات الإيرانية – الأميركية، قائلة إن الخطاب “موجّه إلى طهران بأن سلاح الحزب ورقة يمكن الاستفادة منها، وإلى الأميركيين بأن الحزب يرفض الضغوط عليهم، في رسالة مفادها: من واجه إسرائيل يواجه كل من يكون وراء إسرائيل ومع إسرائيل”.
من جهتها، شددت مصادر رئاسة الحكومة لـ”الشرق الأوسط” على أن “الحكومة ماضية في تطبيق البيان الوزاري وما يتوجب لحصر السلاح بيد الدولة، وصولاً لبسط سيطرتها على كامل أراضيها”.
من جهتها، قللت مصادر سياسية متابعة من أهمية تصريحات قاسم وغيره، ووصفتها في حديثها لـ”نداء الوطن” بأنها “مجرد زوبعة في فنجان، هدفها شدّ عصب جمهور الحزب وبيئته الخارجة من حرب مدمرة قضت على الحجر والبشر”.
وأضافت المصادر أنّ “المجتمع الدولي واضح في الرسائل التي ينقلها إلى لبنان، ومفادها أنه لا مساعدات ولا أموال لإعادة الإعمار قبل نزع السلاح”، مشيرة إلى أنّ “نائبة الموفد الأميركي إلى المنطقة، مورغان أورتاغوس، كانت حازمة في زيارتها الأخيرة حين أبلغت القيادات اللبنانية بضرورة انتهاز الفرصة الأخيرة الممنوحة للبنان”.
وأكدت أن “الحزب يحاول أن يلعب ورقته الأخيرة لعلّه يحسّن شروط التفاوض على سلاحه، أو أنه يراوغ بانتظار نتائج المحادثات الإيرانية – الأميركية”، مضيفة: “لكن في كل الحالات، مسار بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية قد انطلق، وإذا واصل الحزب نبرته التصعيدية وتمسكه بالسلاح، فسيتحمل مسؤولية عودة الحرب مجددًا. لذا، المطلوب منه عدم عرقلة مسار بناء الدولة”.
مواضيع ذات صلة :
![]() كنائس لبنان تحتفل بعيد الفصح المجيد… ودعوات للسلام وقيامة الوطن | ![]() عيد الفصح في لبنان: رسائل رجاء ودعوات لقيامة الوطن | ![]() بوتين يعلن الهدنة… وزيلينسكي يوافق |