هل تهتزّ جبهة جنوب لبنان؟
تشهد المنطقة اكتمال فصول جديدة من المعطيات التي تُفيد باحتمال حدوث توتّرات كبيرة مستقبلاً.
فبعدما انحصرت الصّراعات خلال الأشهر القليلة الماضية بالنزاعات حول ثروات المناطق الإقتصادية الخالصة في شرق المتوسّط، وبالتزاحُم الإقليمي – الدولي في ليبيا، وبالتصارُع العربي – الإيراني – الدولي حول لبنان وسوريا والعراق واليمن، نجد أن نوافذ جديدة من التوتُّر بدأت تُفتَح حالياً.
سوداوي؟
ففي إسرائيل، تمّ حلّ الكنيست. وتتّجه تل أبيب نحو انتخابات مبكرة في آذار القادم، وسط منافسة غير تقليدية، يتعرّض لها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من التيار اليميني الإسرائيلي، من خلال جدعون ساعر، المنشقّ عن حزب “ليكود”، ومؤسّس حزب “أمل جديد – وحدة لإسرائيل”، الذي من بين أهدافه ترسيخ هوية إسرائيل كدولة للشعب اليهودي، بالإضافة الى تشجيع الإستيطان والزراعة في الجليل والنّقَب والضفة الغربية، والشريط الشرقي من هضبة الجولان على امتداد نهر الأردن ووادي عربة، وصولاً إلى إيلات.
رصيد إيديولوجي
وهو (ساعر) يتمتّع بشعبيّة داخل إسرائيل، إذ يُنظَر إليه على أنه صاحب رصيد إيديولوجي “إستثنائي” يمكّنه من قيادة المعسكر القومي.
كما يُنظَر إليه على أنه متمسّك بـ “أرض الميعاد”، كأرض كاملة لإسرائيل، وكمُعارِض لقيام دولة فلسطينية، والرجل القادر على قيادة برنامج سياسي يثبّت هوية إسرائيل اليهودية، من خلال تشكيل حكومة يمين إيديولوجية.
الترسيم
وإذا دمجنا كل تلك المستجدات الإسرائيلية، مع التوقّعات بأن القيادة الإيرانية الجديدة في حزيران عام 2021 ستتمتّع بنكهة متشدّدة بحدّ أقصى، فإننا نكون أمام مشهد شرق أوسطي شبه سوداوي، يرفع حظوظ اندلاع مواجهات مستقبلاً.
فما هو تأثير تلك الوقائع على لبنان، وعلى جنوبه، خصوصاً بعد دخول ملف التفاوُض غير المباشر حول ترسيم الحدود البحرية، بوساطة أميركية ورعاية دولية، في نفق مسار متعثّر، عبّر عنه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أمس بالحديث عن “طريق مسدود”.
تحسين أوراق
علّق خبير في شؤون الشرق الأوسط على آخر المستجدات في المنطقة، فرأى أن “التطوّرات السياسية الأخيرة في إسرائيل تتطلّب مراقبة سلوك نتنياهو تجاهها. فإمكانية إعلان ترشّحه للإنتخابات المبكرة، تعني أنه قد يعزّز حظوظه الإنتخابية والسياسية هذه المرّة، بخطوات عدوانية عسكرية وأمنية في المنطقة”.
وكشف في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” أن “مسار الترسيم الحدودي البحري في جنوب لبنان في حالة من التراجُع المستمرّ، بسبب عدم التزام إسرائيل والولايات المتحدة بـ “اتّفاق الإطار”، الذي أُعلِنَ قُبَيل بدء هذا المسار”.
وأضاف:”الإنتخابات المبكرة في إسرائيل، والى جانب كونها تعكس وجود حالة من عدم الإستقرار السياسي هناك، إلا أنها قد تكون محطة يحاول نتنياهو تحسين أوراقه الإنتخابية عبرها، وذلك من خلال سوريا أو لبنان أو قطاع غزة، وهي الساحات التي تعتدي عليها تل أبيب تقليدياً في المنطقة”.
متشدّد؟
ولفت المصدر الى أن “استنفارات مُتبادَلَة بين “حزب الله” وإسرائيل، تتحكّم بالحدود الجنوبية للبنان منذ أشهر. حتى إن تل أبيب قامت بمناورات ضخمة قبل أسابيع، تضمّ في جدولها التعامُل مع قرى لبنانية في حال وقوع حرب. وهذا مؤشّر بحدّ ذاته، يلتقي مع منسوب التوتّر المرتفع منذ مدّة أصلاً، وهو قد يرتفع أكثر خلال المرحلة القادمة”.
ورجّح “فَوْز شخصية متشدّدة جدّاً في الإنتخابات الرئاسية الإيرانية، تنتمي الى فكر “الثورة الإسلامية”، ولا تهتمّ بالمعادلات السياسية. وهذا ما سيعزّز مجالات رفض طهران التفاوُض حول اتّفاق نووي جديد، بحسب المطالب والشروط الأميركية والأوروبية الجديدة”.
2015
وشدّد المصدر على أن “إيران مستعدّة للعودة الى “الإتفاق النووي” الموقَّع عام 2015. وإذا رفضت واشنطن، فهذا من شأنه أن يشكّل نقطة تجاذُب ستنعكس على المناخ العام في المنطقة، بشكل غير إيجابي”.
وعن دور روسيا في تلك الحالة، قال:”الروس سيلعبون دوراً في الملف السوري تحديداً. ولكن مساحة الإشتباك الأميركي – الإيراني أوسع من سوريا”.
وختم:”لا قرار إيرانياً بجَعْل لبنان ساحة اشتباك، وهذا ظهر بوضوح بعد اغتيال قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” قاسم سليماني”.
مواضيع ذات صلة :
إسرائيل: سنواصل العمل بحزم ضد “الحزب” | برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | في لبنان ما يستحق الحياة |