4 مهمّات كانطلاقة لمحرّكات الحكومة العتيدة

لبنان 8 آب, 2021

كتب مجد بو مجاهد في “النهار“:

إذا كان آخر ما استقرّت على أساسه الأحوال الجويّة الحكوميّة يتمحور حول عبارة أنّ “الأمور تقاس في خواتيمها” في ظلّ أجواء مستقرّة وغير مقفلة رغم بروز عدد لا يستهان به من الغيوم في سماء التأليف، فإنّ الأسئلة التي تطرح على بُعد أشهر من موعد إجراء الانتخابات النيابية المقبلة تتمثّل في المهمّات التي يمكن الحكومة العتيدة أن تتّخذها على عاتقها خلال مهلة الأشهر المذكورة. وتكمن العناوين العريضة التي تؤكد عليها مصادر كتلة “الوسط المستقلّ” عبر “النهار” في أهمية استعادة الثقة من خلال اتخاذ إجراءات سريعة تساهم في وقف الانهيار المالي. وترتبط النقاط الأساسية التي لا بدّ من ترجمتها في اتّخاذ سياسة واضحة في القطاعات الحياتية الأساسيّة والتنسيق في موضوع السياسة النقدية. ويبرز قطاع الكهرباء في طليعة القطاعات التي تحتاج إلى إصلاحات جذرية وآنية، بما يساهم في الابتعاد عن الحلول الترقيعية أو المؤقتة.

وتهتّم الحكومة العتيدة في عملية إقرار البطاقة التمويليّة سريعاً من خلال اتباع طريقة شفافة ومن دون استنسابيّة. وتركّز على ضرورة استكمال التواصل مع صندوق النقد الدولي كأولويّة حتمية، مع طموح لامكان التوصل إلى برنامج متكامل خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نيل الحكومة الثقة. وتتجه إلى اعتماد سياسة قائمة على أساس أن يكون كلّ وزير مسؤولاً عن وزارته ويباشر في الورشة الخاصة به. ومن هنا، تترسّخ أهمية أن يقع الاختيار على شخصيات تتمتّع بالمؤهلات والخبرة المطلوبة لتولي الحقائب الأساسية والسير سريعاً في ورشة البناء. ويبقى الاستحقاق المنتظر متمثلاً في إدارة العملية الانتخابية وتنظيمها، مع توجّه يشير الى ضرورة اختيار شخصيات وزارية “حيادية” لتولي الحقائب المرتبطة مباشرة بالاستحقاق الانتخابي.

ماذا في الانتقال من العناوين العريضة إلى البنود المتلازمة مع هذه العناوين في خريطة طريق المبادرة الفرنسية الانقاذيّة؟ من المؤكّد أنّ جميع النقاط تشكّل بمثابة أولويّة كان يتوجّب تنفيذها قبل نحو سنة، لو أنّ الحكومة انطلقت في تلك المرحلة ولم تتراكم العراقيل أمام ولادتها. ويشكّل البند الاجتماعي نقطة بارزة مرتبطة بعملية فرملة الانهيار، من خلال العمل على تعزيز الحماية الاجتماعية لمصلحة المواطنين بالتعاون مع البنك الدولي ومنظمة الأغذية العالمية في سبيل تأمين مساعدات وهبات من الجهات المانحة. ويشير أبرز البنود المتعلقة بإعادة استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي إلى ضرورة الطلب إلى وزارة المال ومصرف لبنان استئناف المفاوضات مع الصندوق وفقاً لجدول زمني واضح والموافقة على التدابير والإجراءات التي طلبها الصندوق. ويسلَّط الضوء في الحديث عن الإصلاحات الضرورة الآنية على الورشة الأبرز في قطاع الكهرباء، التي تشمل تعيين الهيئة الناظمة للقطاع وإطلاق استدراج عروض لمعامل توليد الكهرباء بواسطة الغاز من خلال التفاوض المباشر مع الموردين لإنشاء معامل توليد الكهرباء وعرضها على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب في شأنها. ولا يغيب عن السياق نفسه، ضرورة وضع جدول زمني لرفع تعرفة قطاع الكهرباء بطريقة تدريجيّة وتكليف وزير الطاقة والمياه إعداد مشروع تعديل التعرفة.

وبذلك، تُكتب كلمات مفاتيح المهمّات الآنية للحكومة العتيدة انطلاقاً من 4 عناوين أساسية: قطاع الكهرباء، برنامج الإصلاح المالي، تعزيز الحماية الاجتماعية وخوض الاستحقاق الانتخابي. لكن، إلى أي مدى أصبحت فرص التأليف متاحة لإطلاق الورشة الحكومية بعناوينها الأساسية قبل الوصول مباشرة الى الموعد الانتخابي؟ وهل فرص تصاعد الدّخان الأبيض حكوميّاً قائمة خلال الأسابيع القليلة المقبلة؟ لا يزال من المبكر الحديث عن اتفاقات معقودة بين الرئاستين الأولى والثالثة، بما يعني أنّ التعويل على إمكان ولادة الحكومة قريباً لا يمكن إدراجه في خانة المؤشرات المحسوسة حتى الآن. وتشير المعطيات التي تنقلها مصادر مواكبة لعملية التأليف إلى أن إحدى الصعوبات التي ترافق الملف الحكومي مرتبطة بالقدرة على تنقيح اتفاقات نهائية في كلّ نقطة من المسوّدة الحكومية، باعتبار أن التبديل في أي وزارة سيؤدي إلى تغييرات تطال غالبية الحقائب الوزارية. ولا تغفل المصادر أن الظروف الإقليمية المرتبطة بشكل خاص بالواقع الإيراني، تعتبر ظروفاً ضاغطة ودورها مضاد لامكان ولادة الحكومة في توقيت قريب. وفي الانتقال الى البعد الداخلي للموضوع الحكومي، يبقى الرهان على الأبواب غير الموصدة والنقاشات المفتوحة حتى الساعة أمام المشاورات بين الرئاستين الأولى والثالثة.

في غضون ذلك، ثمّة من يضيف مزيداً من النقاط التي تحتاج إلى توافق بين المكوّنات السياسية الأساسية في البلاد، لجهة ضرورة الاتفاق على الإصلاحات الأساسية وكيفية تنفيذها، خصوصاً أن قطاع الكهرباء لطالما كان شكّل العنوان الأساسي لعملية “شدّ الحبال” السياسية من دون سلوكه طريق الإصلاح الفعلي. ومن جهتها، لم تعمل الحكومة المستقيلة على اتخاذ خطوات إصلاحية عمليّة في الملفات الأساسية التي شملت ضرورة بلورة خطة موحّدة والتفاوض على أساسها مع صندوق النقد. ولم تستطع الجهات اللبنانية الخروج بخطة متفق عليها وقتذاك. ولم تنفّذ الحكومة، التي عادت وأعلنت استقالتها، الخطوات المطلوبة، وفي مقدّمها ضرورة إقرار قانون “الكابيتال كونترول”. وبقيت تُرسم علامات استفهام كبرى حول الجدية في موافقة بعض القوى السياسية على تنفيذ إجراءات إصلاحية أساسية. فهل لا تزال الحاجة قائمة للتوافق على الإصلاحات الأساسية بين القوى السياسية الرئيسية في لبنان؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us