كلام خطير لم يقله الحريري!

لبنان 24 آب, 2021

كتب عماد الدين أديب في “الشرق”:

كيف يفكر دولة الرئيس سعد الحريري الآن وهو خارج الوطن، ولكن داخل لعبة الصراع المحتدم؟
أجريت حواراً افتراضياً، لم يحدث أبداً، ولم يتم، كل ما فيه من نسج خيالي، أتحمّل فيه وحدي دون سواي مسؤولية توجيه الأسئلة وتوجيه الإجابات.
قد أكون أصبت، وقد أكون أخطأت، لكنها محاولة مجنونة للتعرف على أفكار وتوجهات العقل السياسي والسلوك الانساني والوضع النفسي لسعد رفيق الحريري.
إليكم الحوار الذي اخترعته:
أنا: أرى انك أصبحت، خارج الوطن اكثر سخونة وانتقاداً للرئيس عون و»حزب الله»؟
سعد: أنتم في الإعلام تتحدثون من أبراج عاجية ومكاتب مكيّفة، ولكن لا تحاولون تخيّل الحقائق السياسية والتحديات الامنية التي عشتها في السنوات العشر الاخيرة؟
أنا: أفهم من ذلك انك أحياناً تشعر بتهديد أمني؟
سعد: يا عزيزي هل نسيت انني ابن شهيد وصل الى الحكم بعد تفجير إجرامي لوالده؟
هل نسيت ان قذائف عدة اطلقت على منزلي في قريطم؟
هل نسيت ان هناك معلومات دائمة تصلني من جهات في الداخل والخارج عن تهديدي؟
هل نسيت انني أعيش في لبنان بعيداً عن زوجتي وأسرتي خوفاً على سلامتهم؟
أنا: لماذا دخلت لعبة السياسة من الاساس؟ وعندما اكتشفت مخاطرها ومتاعبها وطبيعة اطرافها، لماذا أنت مستمر حتى الآن؟
سعد: أنا دخلت السياسة لأربعة أسباب:
١- البحث عن قتلة أبي لأنني الوحيد، وأكرر الوحيد الذي تحرّك في هذا الملف بوصفه «ولي الدم».
٢- رغبة شارع لبناني من كل الطوائف وكل الاحزاب يريد استمرار نهج الحريرية السياسية.
٣- الدفاع عن «سُنّة لبنان» الوطنيين المعتدلين وحمايتهم من التهميش والاندثار.
٤- رغبة صادقة وقوية من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي تعامل معي كأب روحي وكداعم سياسي.
أنا: تغيّرت قواعد اللعبة وما زلت بداخلها؟
سعد: كيف؟
أنا: قواعد اللعبة تغيّرت على النحو التالي:
١- انقسم معسكر ١٤ آذار.
٢- انقسم بعض السُنّة نتيجة دعمكم لترشيح الرئيس عون والاتفاق مع «حزب الله».
٣- رحيل الملك عبدالله، وتبلور رؤية جديدة في قواعد التعامل السعودي مع لبنان.
٤- تزايد النفوذ الايراني في المنطقة.
٥- فائض القوة لـ»حزب الله» بعد عملياته العسكرية في الحرب الاهلية السورية.
٦- انكشاف دور رئيس الظل في بعبدا المعروف باسم جبران باسيل.
سعد: يا سيدي الجميع يعرف انه إذا كان دخول اللعبة السياسية صعب فإنّ إدارتها أصعب، والخروج منه -أحياناً- يكون أصعب.
أنا: لكنك في الآخر ترضى وتعقد صفقات تدعم خصومك وتضر حلفائك؟
سعد: يا عزيزي أنت تكرر نفس الخرافات والضلالات التي اسمعها من بعض المنتقدين ليل نهار.
أنا: كيف؟
سعد: أنا لست لاهثاً وراء منصب أو سلطة بأي ثمن مع أي طرف. أرجو أن لا يغيب عن ذاكرتك وذاكرة الجميع انني اعتذرت ٣ مرات في التأليف وحينما كنت في المنصب.
وتذكر انني الوحيد الذي استقال استجابة لمطالب ثوار اكتوبر/ تشرين.
وتذكر انني في اعتذاري الاخير رفضت تشكيل حكومة على قياس الرئيس وصهره ودفاعاً عن مطالب الناس والثوار.
أنا: ولماذا لم تبقَ وتستكمل المعركة؟
سعد: في الخليج هناك مثل شعبي يقول «ليالي العيد تظهر من عصاريها»، لقد كان واضحاً في مشاوراتي مع الرئيس عون انه لا يسعى لتسوية سياسية تقوم على التوافق وتستجيب للشارع والمنطقة والرغبات الدولية.
أنا: ماذا كان يريد؟
سعد: الحكومة الوحيدة التي يقبل بها عون لها ٣ مواصفات:
١- حكومة يسيطر عليها جبران باسيل.
٢- القرار فيها عددياً وسياسياً يكون مع إرادة «حزب الله» حتى لا تمرر كلمة أو حرف أو قرار ضد الحزب أو مصالح إيران.
٣- تحمي مصالح محاصصات الفساد.
أنا: بالنسبة للفساد، هل أنت وجماعتك شركاء في الفساد؟
سعد: أرجوك أنا لا أقبل ذلك! يا سيدي بالدليل القاطع وبالأرقام أنا رئيس الوزراء أو السياسي الوحيد في مراكز صناعة القرار الذي دخل السلطة بمليارات، واليوم يعيش على الستر والسمعة والرضى بقضاء الله ورزقه.
أنا: وجماعتك؟
سعد: كل تيار، وكل طائفة، وكل حزب في لبنان فيه الشرفاء وفيه الفاسدون، الامر المؤكد انني لم أحمي أياً من المخطئين، وسبق وأن قلت من لديه أي شيء ضدي أو ضد غيري فليتقدم به أمام القضاء.
والامر المؤكد أيضاً انني لو كنت من المستفيدين من الفساد لما تعثرت لي مشروعات مالياً بشكل أزعجني وآلمني شخصياً ونفسياً آخرها تلفزيون المستقبل.
أنا: هل تشعر بأنّ شعبية تيارك في انخفاض؟
سعد: بالعكس أنا راهنت وما زلت على الناس ومطالبهم وحقوقهم بشكل عابر للطوائف والمناطق… وفي الانتخابات البرلمانية الاخيرة كان تياري الاقل تمويلاً، وهذا لاحظه الجميع في الشارع اثناء سير المعارك الانتخابية… وحينما أحرزنا هذه النتائج حصلنا على كل صوت وكل مقعد بذراعنا وليس بالمال السياسي.
أنا: هذا يا عزيزي ثمن الاتفاق مع عون وباسيل والحزب؟
سعد: مرة أخرى تكرر نفس الكلام الغريب البعيد عن المنطق والحقيقة.
أنا: كيف؟
سعد: لماذا تعتبرون ان عقد تسوية سياسية في ظروف ضاغطة، لتجنب كارثة كبيرة بمنطق انني لم أملك رفاهية المفاضلة بين الحسن والسيئ، لكنني اخترت السيئ بدلاً من الاكثر سوءاً.
أنا: وقتها ماذا كان الاكثر سوءاً؟
سعد: ١- البلاد وقتها بلا رئيس جمهورية.
٢- مؤشرات تدل على بقاء نظام الاسد.
٣- فائض القوة لدى «حزب الله» الذي ظهر في سوريا ومواجهة داعش والنصرة على الحدود.
٤- موقف دول الخليج من الملف اللبناني.
٥- وأهم شيء ما اكده لي -وقتها- حاكم مصرف لبنان من أن البلاد على حافة انهيار مالي واقتصادي في خلال ٢٤ شهراً في أقصى تقدير إن لم يحدث إصلاح داخلي ودعم مالي دولي.
أنا: وهل القبول باتفاق مع عون والحزب -وقتها- كان فيه إنقاذ للبنان؟
سعد: كانت معادلتي وقتها تعتمد على السيناريو التالي: عمل اتفاق لدعم ترشيح عون، خصوصاً بعدما فشلت كل الحلول الجدية مع جعجع (الذي دعم عون بعد ذلك) وسليمان فرنجية.
الترشيح كان سيؤدي لتهدئة في الداخل ويمهّد لحكومة توافق، نستطيع من خلالها طمأنة الداخل والحصول على أكبر فاتورة دعم دولي لإصلاح الاقتصاد.
وبالفعل نجحت بالحصول على تعهدات بـ١٢ مليار دولار، وهو أكبر تعهد مالي دولي صوّت للبنان.
أرجوك تأمل السياق: تسوية ثم حكومة ثم دعم دولي، إنها سلسلة مترابطة متصلة.
أنا: لكن في ذلك تنازل ومقايضة مع معسكر باع نفسه لإيران والنظام الامني السوري ويقف في خندق ضد حلفاؤك في الداخل والمنطقة والعالم؟
سعد: بالله عليك لا تكرر ذلك… هل أنا كفرد أو كحزب أقوى من أكبر اللاعبين الدوليين والاقليميين؟
لماذا حلال على واشنطن ان تحاور ايران لمدة خمس سنوات وتسعى لعقد اتفاق معها حتى كتابة هذه السطور؟
مجلس التعاون الخليجي يتصالح مع قطر؟ الاتراك يحاورون المصريين؟ ماكرون قابل ممثل «حزب الله» في بيروت؟ دول الخليج سوف تحاور ايران في العراق على مستوى القمة بعدما حاورتها على المستوى الامني في بغداد ومسقط؟ تركيا تسعى لمصالحة الإمارات؟ ٤ دول عربية عقدت اتفاقات سلام مع اسرائيل. كل هؤلاء يعقدون تسويات تكتيكية أو مصالحات استراتيجية، قد تكون موقتة وقد تكون استراتيجية.
هل حلال على كل هؤلاء وحرام عليّ؟
أنا لا أسعى كي أحكم ولكن ان تسود افكار أؤمن بها في لبنان.
أنا: وما هي؟
سعد: افكار الدولة الوطنية المستقلة وليس الدولة التابعة، القادرة على الاصلاح الاقتصادي بشفافية وليس محاصصة الفساد والفاسدين، التوازن بين ثلاث سلطات مستقلة: التنفيذية والتشريعية والقضائية، وأن يبقى الشعب مصدر السلطات.
أنا: هل هذا ممكن في ظل وجود الفساد والاستبداد المدعوم بالميليشيات و١٢٠ ألف صاروخ؟
سعد: طبعاً ممكن، ولو كنت اريد الاستسلام لهذا المشروع لما اعتذرت عن تشكيل حكومات، واستقلت ٣ مرات في حياتي.
ان الناس يملكون ذاكرة السمكة لقد كنت الوحيد الذي استقال بعد ثورة اكتوبر، وبعدها بعام اعتذرت عن تأليف حكومة بشروط عون وباسيل والحزب.
أنا: لم تخف وأنت تعتذر آخر مرة؟
سعد: انا أمثل تياراً لا يملك سلاحاً ولا ميليشيات ولا صواريخ ولا داعماً إقليمياً.
أنا: مرة اخرى لم تخف؟
سعد: انا ابن شهيد وهذا لن يُـمْحى من ذاكرتي لكنني لا اريد ان يكون حسام وعبدالعزيز ولولوة وزوجتي ابناء او بنات شهيد او ان تصبح زوجتي ارملة في شبابها.
أنا: لكنك عدت والآن اكتشفت خطأ التسوية والاتفاق مع عون وباسيل والحزب وأطلقت تصريحات نارية ضدهم منذ أيام؟
سعد: السياسة يا عزيزي مثل مواقيت الصلاة، الآذان في مواعيده ليس قبلها وليس بعدها. كل شيء بأوانه وكل موقف بظروفه وعناصره وزمانه ومكانه. المعادلة الآن في الداخل والمنطقة والعالم اختلفت.
أنا: فقط؟
سعد: وأنا أصبحت أكثر قدرة على المواجهة، وأعدائي أصبحوا أكثر جنوناً وعدوانية. باختصار أنا أتبع سياسة جديدة لمواجهة قواعد لعبة جديدة تماماً.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us