” جمهوريةُ البلاغاتِ”!

أخبار بارزة, لبنان 11 تشرين الأول, 2021

“رزق الله على ايامِ  البريدِ” ! كنا أولَ عملٍ نقومُ بهِ عندَ الدخولِ إلى مكاتبنا ، ان نفتحَ البريدَ . تطورتْ الامورُ تكنولوجياً فصرنا ” نُشيِّكُ ” على ” الإيميل”.

ولَّى هذا الزمنُ، واجبرتنا كورونا على ملازمةِ المنازلِ، والعملِ       ” أون لاين “، لكن ما اصبحَ ثقيلاً وممجوجاً هو ان تُتحفنا السلطةُ إياها،

لا بالبريدِ ولا بالإيميل بل بالبلاغاتِ :

بلاغٌ عن جدولِ اسعارِ المحروقاتِ .

بلاغ عن إنقطاعِ التيارِ الكهربائيِّ .

بلاغٌ عن أسعارِ الدولارِ بحسبِ المنصَّاتِ والسوقِ السوداءِ.

“وعلى طرقْ النفسِ” والأنكى ارتفاعهُ ليلاً وكأنَ الناسَ يشترونهُ او يبيعونهُ في احلامهم .

بلاغٌ عن الطرقاتِ المقطوعةِ بسببِ الاحتجاجاتِ.

بلاغٌ عن إضرابِ أساتذةِ التعليمِ الرسميِّ بسببِ عدمِ استجابةِ المعنيينَ لمطالبهم .

بلاغٌ من المستشفياتِ عن فقدانِ الكثيرِ من المستلزماتِ الطبيةِ .

وإذا اكملنا العدَّ فأنَ اللائحةَ تطولُ ولا تنتهي.

***

في ” جمهوريةِ البلاغاتِ” ، يبدو المواطنُ اللبنانيُّ عاجزاً عن فعلِ أيِّ شيءٍ ، لأنَ منظومةَ فاسدي الفسادِ  “تحكمُ وتتحكَّمُ وتستحكِمُ” بنا وبكلِّ شيءٍ.

هل بالإمكانِ فعلُ أيِّ شيءٍ ؟ ربما الرهانُ على الجيلِ الشابِ وعلى الإنتفاضةِ ،

 فالاسبوعُ الطالعُ هو اسبوعُ الذكرى السنويةِ الثانيةِ لثورةِ 17 تشرين الاول ،

 لا بدَّ من مراجعةٍ ذاتيةٍ لمعرفةِ أينَ أصابتْ ؟ وأين اخطأتْ الثورةُ ؟

هل مازالتْ قائمةً ؟ أينَ وكيف؟

***

من دونِ أن نقسو على الإنتفاضةِ ، فإنه يحقُّ لنا ان نسألَ :

 هل دخلَ المنتفضونَ والثوارَ في دوامةِ ” البلاغاتِ ” التي اعتادتْ عليها ” المنظومةُ الحاكمةُ” ؟ تقولُ لنا كتبُ التاريخِ ان الثوراتِ في العالمِ لم تحملْ عشراتِ الاسماءِ والمسمياتِ والمصطلحاتِ والشعاراتِ ، بحيثُ باتَ لكلِّ عشرةِ اشخاصٍ او أكثرَ او أقلَّ إسمٌ وشعارٌ :

فالثورةُ الفرنسيةُ كانَ لها إسمٌ واحدٌ ، لم يختلفْ الثوارُ الفرنسيونَ في ما بينهم قبلَ انتصارِ الثورةِ . سائرُ الثوراتِ في العالمِ كانت كذلكَ فنجحتْ وانتصرتْ .

نسألُ المنتفضينَ وثوارنا في لبنانَ ، بكلِّ صدقٍ ومحبةٍ:

ماذا أنتمْ فاعلون؟ بعدَ سنتينِ من العملِ الناجحِ؟

المشكلةُ لبُّ المشكلةِ، ألم تسمعوا بالمثلِ القائلِ:

” مَن طلبَ الشيءَ قبلَ اوانهِ عُوقِبَ بحرمانهِ” ؟

***

وهل كلنا نحنُ الشعبُ الحضاريُّ، ندركُ ونعي ونلمسُ  التحوُّلَ الداخليَّ الكبيرَ!!!

هذا ما يفسِّرُ الهجرةَ الأكبرَ في تاريخِ لبنانَ،

 لبناننا الذي كانَ يا ما كان…!

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us