“التصعيد السياسيّ” عنوان المرحلة… وخشية من عودة الاغتيالات!
التصعيد السياسي هو عنوان المرحلة في المنطقة لا في لبنان فقط، وخطورة هذا التصعيد انّه انتقل من السياسي إلى الأمني في العراق، مع محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، والخشية من عودة الاغتيالات في لبنان. والربط بين بغداد وبيروت لا يقتصر على الجانب الأمني، إنما أيضاً لجهة الانتخابات النيابية التي حصلت في العراق، وهناك من يسعى إلى منع ترجمة نتائجها على أرض الواقع، ودخول لبنان في مدار الانتخابات النيابية التي ستحصل بعد أشهر من اليوم. وهذا التطور العراقي المستجد وإسقاطاته اللبنانية، لا يلغي الأزمة المستمرة مع الخليج، والأزمة المتصلة بالمحقِّق العدلي طارق البيطار، واستمرار الشلل الحكومي.
وقد تلقّى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جرعة دعم قوية من المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، داعياً «الأفرقاء كافة على الساحة اللبنانية إلى التعاون معه للخروج من المأزق الذي يعيشه لبنان في علاقاته مع أشقائه العرب، وبخاصة المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي»، كذلك تلقّى جرعة من العيار نفسه من رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، الذي شارك في اجتماع المجلس الشرعي، وأكّد انّ «الوقت غير مناسب الآن للمطالبة باستقالة رئيس الحكومة لعدم إفراغ الساحة أمام «حزب الله» وحلفائه». وهذه المواقف أتت بعد ان كان ميقاتي حدّد خريطة طريق للخروج من هذه الأزمة، تبدأ من استقالة قرداحي، وتفصل بين عمل مجلس الوزراء وعمل القضاء.
على انّ ما تقدّم يعني انّ استقالة ميقاتي غير مطروحة بالحدّ الأدنى في الوقت الحاضر، ولكنه لن يكون في وارد العودة إلى اجتماعات الحكومة ما لم تُحل مسألة قرداحي في ظل رفض «حزب الله» استقالته، وهذا يعني انّ إحياء العمل الحكومي بات يستدعي معالجة مسألتي قرداحي والبيطار، وإلّا فإنّ الشلل سيتواصل فصولاً، وهو مفتوح على تصعيد سياسي.
وعلى رغم المعلومات والكلام المتداول عن حلول يُعمل على إنضاجها لحلّ مسألتي قرداحي والبيطار دفعة واحدة، ولكن لا شيء مضموناً حتى الساعة، والمحاولات مفتوحة على النجاح والفشل في آن معاً، إلّا انّ اهتزاز الحكومة فور انطلاقتها انعكس على اندفاعتها، خصوصاً لجهة الصدمة الإيجابية التي انتفت مع الأزمات الأخيرة، ولا يُعرف بعد ما إذا كانت ستتمكن من إدارة مفاوضات ناجحة مع صندوق النقد الدولي، تعيد وضع لبنان على طريق الخروج من أزمته المالية.
والوظيفة الثانية للحكومة بعد صندوق النقد، هي إجراء الانتخابات النيابية التي لم يعد مصيرها معروفاً، ليس بسبب ما حصل في العراق، وإنما مصير المِهل ودعوة الهيئات الناخبة في حال قبل المجلس الدستوري الطعن الذي سيتقدّم به تكتل «لبنان القوي»، والذي يعني العودة بالقانون إلى صيغته الأصلية، إن بالنسبة لاقتراع المغتربين وحصر تمثيلهم بـ6 مقاعد من دون منحهم الحق بالمشاركة في انتخاب 128 نائباً، او لجهة موعد الانتخابات، فيرحّل من 27 آذار إلى منتصف أيار المقبلين.
وفي خلاصة الصورة، فإنّ كل المشهد السياسي يسوده الإرباك الشديد، من الأزمات المفتوحة على التأزُّم لا الحلول، إلى الشلل الحكومي المفتوح على الاعتكاف، وصولاً إلى الثابت الوحيد في المشهد وهو الوضع المالي الذي يواصل تدهوره.
المصدر : الجمهورية