لبنانُ يتراجعُ في كلِّ شيءٍ… الانهيارُ العلميُّ على الطريقِ!
كتبت إلهام سعيد فريحة في “الأنوار” :
آخرُ الانهياراتِ كيفَ تراجعَ لبنانُ من المركزِ 17 في العامِ الماضي الى المركز 92 من بينَ 132 دولةً في مؤشرِ الابتكارِ العالمي 2021 .
نعم… اظهرتْ النسخةُ الــ 14 من تقريرِ مؤشرِ الابتكارِ العالميِّ حلولَ لبنانَ في المرتبةِ العاشرةِ عربياً و 92 عالمياً، نتيجةَ تدنِّي مستوى التعليمِ وضعفِ قدرةِ الدولةِ واهتمامها بتحسينِ جودةِ الابتكارِ، نتيجةَ تدهورِ الوضعِ الاقتصادي،
وغيابِ البنيةِ التنظيميةِ والتشريعاتِ المحفِّزةِ، اضفْ الى ذلكَ تراجعَ مستوى الابحاثِ العلميةِ وهجرةِ الطاقاتِ الابداعيةِ…
ويبرزُ ذلكَ في ان غالبيةَ الابحاثِ المنجزةِ ضعيفةُ الفاعليةِ، اما الغايةُ منها فهي تحصيلُ الرتبةِ الاكاديميةِ والارتقاءِ الوظيفيِّ.
***
الطاقاتُ الابداعيةُ تهاجرُ من علماءَ واطباءَ واساتذةٍ وباحثينَ ومهندسينَ ومحامينَ ورجالٍ وسيدات اعمالٍ.
اما من يبقى في البلدِ، فمن لا قدرة لهُ على السفرِ، او من انعدمتْ امامهُ الفرصُ فتركَ الجامعةَ ليذهبَ الى سوقِ العملِ الفارغِ اساساً…
فصارَ المهندسُ بواباً، والمعلمُ مزارعاً، والمحامي سائقاً منزلياً…
لبنانُ الواحةُ العلميةُ للشرقِ، لبنانُ الجامعةِ الاميركيةِ، وجامعةِ القديسِ يوسف ، لبنانُ التياراتِ الثقافيةِ والفكريةِ والعلميةِ وصخبِ انديةِ الجامعاتِ، وجامعةِ الباحثينَ والمخترعينَ في العالمِ، وآخرهمْ مؤسسُ شركة Moderna الارمنيِّ الاصلِ يتحوَّلُ اليومَ كما كتبنا بالامسِ الى مكبٍّ كبيرٍ للنفاياتِ والى ميناءٍ حزينٍ،
يغادرُ منهُ المبدعونَ ليحلِّقوا في العالمِ، فيما من في الداخلِ مُعلَّقونَ على حبالِ الصفقاتِ والسمسراتِ والاعيبِ المنظومةِ التي جعلتهم رهائنَ يموتونَ يومياً جوعاً وذلاً وفقراً.
ليسَ من بابِ الصدفةِ ان يخرجَ ربعُ مليونِ مغتربٍ ليتسجلوا في الخارجِ تعبيراً عن غضبٍ وعن نقمةٍ وعن قرفٍ وعن تمرُّدٍ…
ليسَ من بابِ الصدفةِ ان شياطينَ السلطةِ ستخرجُ غداً لمحاربتهمْ ولتزويرِ اراداتهمْ في التغييرِ حتى ولو من بعيدٍ او لتحرمهمْ الانتخاباتِ…
هؤلاءِ المبدعونَ في الخارجِ هم خشبةُ خلاصِ الداخلِ في كلِّ شاردةٍ وواردةٍ…
***
هؤلاءِ الذينَ فُكَّ اسرُهمْ، وخرجوا من احتلالِ الاراداتِ في الداخلِ، وتحرَّروا من سجونِ الرهائنِ التي حبستنا فيها المنظومةُ، هولاء سيعملونَ على إحداثِ التغييرِ ..
نعم خريجو الداخلِ هم افضلُ ما خرجنا بهِ الى الخارجِ.
انهم ربما احسنُ ما في لبنانَ .. ولكن في الخارجِ المنتظرِ والمتحسرِ على لبنانَ.
اما نحنُ في الداخلِ فنصارعُ للحياةِ… وصارَ همُّنا ان تجتمعَ حكومةٌ لتقرِّرَ طريقةَ إعدامنا…
من الطبيعي ومن الواضحِ ان ليسَ لديهم حلولٌ،
وإذا وجدوها فلن يتفقوا عليها، ويزيدُ في الطينِ بلَّةً ان “النجيبَ العجيبَ” ومتى عادَ من جولاتهِ الخارجيةِ غيرِ المُجديةِ قد يدعو الى مجلسِ وزراءٍ بمنْ حضرَ…
فهل نكونُ امامَ تجربةِ حكومةِ فؤاد السنيورة اخرى، كما جرى في 2006 بغيابِ المكوِّنِ الشيعيِّ؟
الن يضعَ ذلكَ البلدَ من جديدٍ امامَ معادلاتٍ جديدةٍ؟
ورداتِ فعلٍ جديدةٍ لا نعرفُ الى أينَ تأخذنا؟
***
لا يهمُّ ان يدعمَ الاميركيُّ والفرنسيُّ “النجيبَ العجيبَ” في حكومتهِ، الاهم ان يدعمَ الداخلُ حكومةً معلَّقةً على رضى ذلكَ وحَردِّ ذاكَ…
والانكى ان كلَّ ذلكَ يجري فيما الازمةُ مع الخليجِ على اشتدادها، وها هي تُفرغُ لبنانَ اخيراً من الصناعيينَ، كونُ المصانعِ صارت تنقلُ الى بلدانٍ اخرى،
ولا اشاراتٍ في الافقِ تدلُ على ان شيئاً سيتبدَّلُ، بل على العكسِ فأن الاجراءاتِ الخليجيةَ ستشتدُ اكثرَ على لبنانَ طالما ان لا قراراً جدِّياً بإستعادةِ القرارِ الداخليِّ والسياسةِ الخارجيةِ…
وعليهِ… ندخلُ الاسبوعَ المقبلَ الى شهرِ الاعيادِ، وجيوبُ اللبنانيينَ فارغةٌ، اما عقولهم فيسكنها القلقُ على مستقبلٍ لن يأتيَ عليهم الاَّ بمزيدٍ من الانهيارِ والفوضى والفقرِ والقلَّةِ…
مواضيع ذات صلة :
انهيار يسبق إعادة التركيب | “تنظيم الانتظار”… لمنع الانهيار | ذوبان الأنهار الجليدية.. كنوز علمية ثمينة مهددة بالانهيار |