“ملاك بيروت” ألكسندرا نجار قصة طفلة لم تهز ضمائر المسؤولين… والعتب كبير على الشعب اللبناني
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:
ليس من السهل كتابة مقال عن أب وأم فقدا طفلتهما في زلزال الرابع من آب المروّع.
لا كلمات تستطيع التعبير حقاً عن المشاعر، ولا أسئلة يمكن طرحها بسلاسة على من فقد جزءاً منه في أبشع جريمة ارتكبت بحق الشعب اللبناني.
من منّا لا يتذكر ألكسندرا نجار أو “ليكسو” كما يطلق عليها أفراد عائلتها، هذه الطفلة ذات الـ 3 سنوات التي حملت وعائلتها يوماً علم وطنها مشاركةً في ثورة تشرين من أجل مستقبل أفضل لها ولشعبها، الوطن غدرها والشعب خذلها عندما “انتخبن هني ذاتن”.
يوم الرابع من آب كانت ألكسندرا في منزلها في الجميزة، هرعت لمشاهدة الحريق من شرفة منزلها، ولم يكن أحد يدرك أن هذه النيران مقدمة لانفجار أنهى حياتها بعد أن تلقت ضربة قوية على رأسها وكسوراً مختلفة في القفص الصدري، وتوفيت في المستشفى متأثرة بجراحها بعد 3 أيام من الجريمة.
اليوم الملاك ألكسندرا أصبح لها شقيق عمره أربعة أشهر “أكسيل”، هي لن تكون إلى جانبه بالجسد إلّا أنّها ستبقى الشقيقة الكبرى التي ترعاه من حيث هي اليوم.
“الوجع كبير والشوق مضاعف، هو الوجع نفسه كما في اليوم الأول، بعد عامين من الانفجار نحن لسنا بخير”، يقول الوالد بول نجار لموقع “هنا لبنان”، “صحيح أننا رزقنا بطفل عمره اليوم 4 أشهر ويجب أن لا تتملكنا الكآبة كل الوقت إلّا أنّ شوقنا لـ “ليكسو” أقوى منّا، قالوا لنا إن الوقت يساعد ولكن كيف؟ حياتنا تغيّرت منذ الإنفجار، لا يمكن أن تعود الفرحة إلينا كما كنّا سابقاً، قطعة كبيرة من قلبنا نُزعت: “ليكسو راحت وطار بيتنا ما بقي شي منو، وزوجتي ترايسي عانت من كسور عديدة”.
ما عاشته هذه العائلة في الرابع من آب لا يمكن نسيانه، ليس هم فقط بل كل من عانى هذه المعاناة من جيران في الحي والأحياء الأخرى التي تضررت بشكل كبير.
ويروي بول عن الرابع من آب “هو أسوأ يوم بحياتنا، أنا وترايسي، تخيّلوا شعور أب يحمل طفلته بين يديه وهي تُحتضر، نحاول إيجاد مستشفى أو إسعاف، كل شيء حولنا كان مدمراً، إيصال ليكسو إلى أي مستشفى كان أمراً صعباً، حتّى وجدنا دراجة نارية صغيرة، وأذكر كيف أُجبرنا على الانفصال عند منتصف طريق الجميزة لأن ترايسي لم يعد باستطاعتها السير لأنها تعاني من 7 كسور ووجهها ينزف دماً، لا أتمنّى لأحد هذه المعاناة!”
بول يعتبر أن “المنظومة الحاكمة مجرمة وهي التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم، هم ليسوا ببشر وأبعد ما يكون عن الإنسانية. عامان مرّا ولا نعرف شيئاً، العدالة مفقودة، الإهمال والإستخفاف بهذه القضية يؤذي كثيراً من عاش الصدمة النفسية بعد الانفجار. ماذا يمكن القول لمجرم؟ أنا لا أعترف بأي مسؤول يحكم حالياً ولا أخاطب أحداً منهم، قتلونا ويستمرون بالهروب من الحقيقة بإخفائها وعدم تطبيق العدالة. لقد سكتوا وتواطأوا، وكانوا يعلمون مدى خطورة الأمونيوم ولم يتحركوا”.
بول نجّار يعتقد أنه كان بإمكان ابنته ألكسندرا النجاة من الانفجار لو دقّت السلطات ناقوس الخطر في ذلك اليوم المشؤوم. لو أعطي الأمر عند الخامسة والنصف عند اندلاع الحريق، بإخلاء المنازل أو أطلقت تحذيرات لكان كثيرون اليوم على قيد الحياة. لا شك بأنّهم مجرمون!
وفيما بدا كثيرون مذهولين أمام صلابة بول وإيمانه بلبنان على رغم ما أصابه بعد الرابع من آب، بعد أن لمس التضامن بين الناس على الأرض والتكافل الاجتماعي على إثر الانفجار، عتبه اليوم على جزء كبير من الشعب اللبناني الذي انتخب نواباً من المنظومة نفسها التي قتلتنا “انتخبوهم هني ذاتن للأسف، كان عليهم اتخاذ موقف مغاير بعد كل ما حصل في 4 آب وبسبب كل ما تعانيه العائلات اللبنانية من أزمات، لا أفهم كيف بعد كل هذه المعاناة خصوصاً بعد الانفجار كيف عاد شعبي وانتخبهم هني ذاتن؟”
لم يكن بول وترايسي يفكران بمغادرة لبنان، فبقيا بعد 4 آب لأجل لبنان في وقت أنّ العدالة لا يمكن تحقيقها بوجود هذه المنظومة إلّا أنّهما كانا ينتظران نتيجة الانتخابات النيابية التي خذلتهما. أما اليوم فخيار المغادرة ليس ببعيد والعمل بين لبنان والخارج.
بول توجه إلى ما سمّاه “شعب لبنان الأصلي” الذي يحب لبنان حقاً: “ما يخيب أملكم وسنكمل للوصول إلى الحقيقة، والعدالة أكيد للكل”.
وفي الختام رسالة من القلب، من بول إلى ألكسندرا: “كثير كثير اشتقنالك، إنت بتعرفي مدى وجعنا، يا ريت تعطينا دايماً من وجودك ونحسك معنا، منحبك قد الدني”.