غادة عون: الذراع القضائية لرئاسة الجمهورية
كنب نيكولا بو لـ “لوموند افريك”:
استدعاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للمثول أمام محكمة استئناف جبل لبنان، هو آخر تطورات الملف الذي تقوده القاضية غادة عون، المقربة من رئيس الجمهورية ميشال عون، ضد أسماء لبنانية رائدة، كي يكونوا هم كبش الفداء للأزمة.
“شكراً للسيدة غادة عون على شجاعتها، علينا أن ندعمها. وحتى يتم تقديم الفاسدين المسؤولين عن انهيار لبنان إلى العدالة، فإنّ تعافي البلاد سيكون في خطر”. هذه التغريدة نشرها مؤخراً السيناتور الفرنسي جويل غيريو.
المدعية العامة القاضية غادة عون، والتي قدّمت نفسها على أنّها تحارب الفساد، إنّما هي تلبي أهدافًا سياسية بالدرجة الأولى من داخل النظام القضائي.
وبالتالي، فإن العداء الذي تظهره تجاه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والادعاء عليه، إنّما هو في خدمة فريق سياسي معيّن، وهو الفريق العوني الذي يقوده رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره النائب جبران باسيل الطامح للرئاسة، وهذا الفريق مدعوم من قبل حزب الله.
العدالة السياسية
وكان قد صرّح صحفي ومفكر لبناني لمودافريك، قائلاً: “في السياق الحالي، فإنّ غادة عون ليست سوى أداة حزبية في يد رئاسة الجمهورية وفريقه السياسي، وبالتالي هي لا تنخرط فقط في تصفية حسابات سياسية بحتة، وإنّما تخاطر أيضاً في تقويض السلطة وهيبتها”.
علماً أنّ رئيس الجمهورية كان قد عمد منذ عدة أشهر إلى تجميد التعيينات القضائية التي وضعها المجلس الأعلى للقضاء، وكانت هذه التعيينات قد أتاحت نقل القاضية غادة عون إلى منصب آخر، غير منصبها الحالي كمدعٍ عام لجبل لبنان، وهو منصب حساس يمنحها هامشًا كبيرًا من المناورة.
“المحارب”
وكانت قد زعمت غادة عون، أنّها المحارب الأوّل للفساد، وأنها لن ترحم أيّ طرف في معركتها ضد “الفاسدين المسؤولين عن انهيار لبنان”.
غير أنّ نضال القاضية، ما زال محصوراً بخصوم المعسكر العوني، فعندما أقام حزب الله دائرة مصرفية (مع أجهزة صراف آلي) غير شرعية وخارجة عن سيطرة الدولة، لم تتحرّك القاضية.
الأمر نفسه بالنسبة للحزب الموالي لإيران والذي ينخرط في عمليات التهريب نحو سوريا.
اليوم، أصبح مصرف لبنان الذي يعمل بشكل قانوني وتبعاً للقوانين الأميركية والتي كانت فرضت قيوداً بسبب سياسة حزب الله، هدفاً للمدعي العام القاضية غادة عون، فأخذت باتهامه بتحويل الدولارات إلى الخارج.
وموقف القاضية عون مفهوم على هذا المستوى، فحاكم مصرف لبنان ينتمي إلى الفريق السيادي المواجه لحزب الله ورئيس الجمهورية.
مؤامرة ضد حاكم مصرف لبنان
يشنّ حزب الله منذ ما يقرب الخمس سنوات حملة ضد حاكم مصرف لبنان، والمؤسسات المصرفية، التي يتهمها بفرض عقوبات على حركته المالية.
وفي السياق نفسه، تدّعي مدعي عام جبل لبنان، على رياض سلامة، ومسؤولي المصارف التي يستهدفها الحزب، تحت ذريعة تهمة “تهريب الأموال”، المزعومة.
وكان قد أصدر في الشهور الماضية النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، قراراً يقضي بكف يدّ المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون عن عملها.
لكن الأخيرة رفضت الامتثال وواصلت هجومها ضد شركة تحويل العملات المعنية، بل أكثر من ذلك اقتحمت مقرّ الشركة أمام كاميرات القنوات التلفزيونية، وعندما طالبتها القوى الأمنية بالمغادرة، تعهدت القاضية بمناقشة علنية على الهواء وهي محاطة بمناصري التيار العوني الذين عبروا عن دعمهم لها.
إلى ذلك لا تتوقف القاضية عن استهداف حاكم مصرف لبنان، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما يضعف موقفها القضائي.
مأزق لبناني!
في 15 شباط الجاري، أوعزت القاضية عون تعليمات لجهاز الأمن العام، المقرّب من الفريق العوني، بتنفيذ مذكرة توقيف كانت قد أصدرتها بحق حاكم مصرف لبنان، بعدما رفض الحضور.
علماً أنّ القاضية رفضت الإقرار باستلام طلب الرد الذي تقّدم به سلامة.
إلى ذلك شهد هذا اليوم صراعًا بين الأجهزة الأمنية، بعدما حذّرت قوى الأمن الداخلي الأمن العام من اقتحام منزل أو مكتب سلامة.
هذا المأزق “اللبناني” دفع بعض الأوساط السياسية إلى انتقاد سلوك غادة عون مرة أخرى، فالمدعية العامة التي تتمرد على رؤسائها، والتي تتبنى مواقف الفريق العوني، لا يمكنها تولّي مهامها، إذ هناك مخاطرة بتشويه صورة العدالة في لبنان.
مواضيع ذات صلة :
تعميم قضائيّ | إحالة 11 محضراً إلى القضاء! | مدير عام الاقتصاد والتجارة يحيل 92 محضراً إلى القضاء |