بعد درون “حسّان”… هل يدخل لبنان النموذج اليمني وحروب المسيّرات؟
كتب طوني عطية لـ “هنا لبنان” :
في حين يفتش اللبنانيون عن “معجزة” تنتشلهم من جحيم مشاكلهم وبؤسهم المعيشي والإجتماعي، وتعيد ترتيب علاقات لبنان العربية، وعدم زجّه في صراعات المنطقة أو جرّ الحروب إليه، أطلق “حزب الله” مسيّرتين باتجاه إسرائيل، الأولى أسقطها جيش العدو الإسرائيلي، فيما استطاعت “حسّان” أن تخترق أجواءه لمدة أربعين دقيقة، حسب ما أعلنه الحزب، لتردّ “تل أبيب” بخرق الأجواء اللبنانية وتحليق طائرتين حربيّتين فوق الضاحية الجنوبية والعاصمة وجبل لبنان.
هذا التطور حصل بعد يومين على خطاب حسن نصرالله، حيث قال “إن حزبه بدأ بتصنيع طائرات مسيّرة، وتحويل الصواريخ الموجودة لديه بالآلاف إلى صواريخ دقيقة”. فهل سنشهد نموذجاً “يَمَينياً” في إطار المواجهة بين حزب الله وإسرائيل مع إدخال عوامل جديدة في الميزان العسكري عنوانه “المسيّرات” والصواريخ الدقيقة؟
يقول الباحث في الشؤون الجيوسياسية والخبير العسكري العميد المتقاعد خليل الحلو في اتصال مع “هنا لبنان”، “إن السيد حسن نصرالله أعلن منذ العام 2017 إمتلاكه صواريخ دقيقة، قادرة على تغيير مسارها نحو الأهداف المرسومة بعد إطلاقها، ونتذكر الصور التي عرضها نتنياهو في مجلس الأمن عن وجود معامل لصناعة تلك الصواريخ لدى حزب الله، وبالتالي كأن نصرالله يكشف للإسرائيليين في خطابه الأخير أهدافاً جديدة لضربها”.
ويرى العميد حلو أن “حزب الله بات يشكّل تهديداً أكبر للأمن الإسرائيلي وزعزعة لاستقراره وعمقه الداخلي، لكن هذا لن يغيّر في موازين القوى العسكرية لصالح إسرائيل، القادرة على تدمير لبنان كما حصل في حرب غزة الأخيرة”.
وعن إطلاق “المسيّرات”، يعتبر أن “هذا العامل ليس بجديد، فليست المرة الأولى التي يرسل فيها الحزب مسيّراته فوق الأجواء الإسرائيلية، غير أن المعطى المستجدّ في هذه المعادلة، هو التصنيع المحلي بتقنيات إيرانية على غرار النموذج الحوثي في اليمن الذي أثبت فعاليته إلى حدٍّ ما، وقدرة المسيّرات على إصابة الأهداف، بالرغم من أن السعوديين والإماراتيين أسقطوا العديد منها فوق أراضيهم، غير أن قرب المسافة بين لبنان وإسرائيل، على عكس البعد الجغرافي بين الإمارات العربية واليمن، وبينه وبين أهدافه في السعودية، قد يمنح لمسيّرات الحزب فعالية أكبر في التوغل أكثر والوصول إلى أهداف أعمق، ما يستجلب ردّاً إسرائيلياً مدمّراً نظراً لإمكانياتها الجوية والصاروخية والمدفعية”.
وعن توقيت إطلاق “درون حسّان”، يشير الحلو إلى ما ذكرته بعض الوسائل الإعلامية العربية والإسرائيلية عن “زيارة سريّة قام بها نصرالله إلى طهران قبل خطابه الأخير، حيث طلب منه الإيرانيون الردّ على إسرائيل من لبنان في حال كرّرت الأخيرة اعتداءاتها في الداخل الإيراني بانفجارات كبيرة وقعت في محيط المنشآت النووية، واستهداف العالم النووي الشهير فخري زاده، والعديد من العمليات العسكرية والسيبيرية، فإذا صحّت هذه المعلومات المتداولة عن الزيارة السريّة والمطلب الإيراني بالردّ من جنوب لبنان، نكون قد دخلنا في مرحلة تصعيد خطيرة لا أحد يتوقع نتائجها”.
ويضيف “أن العنصر الأهم في قدرة درون (حسّان) على الإختراق، وعدم تمكّن منظومة الدفاع الإسرائيلية (القبّة الحديدية) Iron Dome في إسقاطها، أدخل عاملاً جديداً على الصراع، لأن الإيرانيين تعلّموا من تجربة حرب غزّة، حيث أثبتت القبة الحديدية فعاليتها بين %65 و80% بإسقاط الصواريخ والمسيّرات، في كيفية التعامل مع منظومة الدفاع الإسرائيلية والإفلات منها، ما يعني أن “الدرون” الأخير إما أنه صغير الحجم لدرجة عدم كشفه من قبل الرادارات الإسرائيلية، وأما أنه يستطيع التشويش على أجهزة التصويب للقبة الحديدية”.
أمام هذا الواقع، يرى الحلو “أننا أمام واقع متأزم بالرغم من أن حزب الله لا يرغب بالتصعيد، وليس من مصلحته فتح حرب مع إسرائيل، ولكن الإنزلاق نحو المجهول قد يحصل مع أي خطأ خارج الحسبان على غرار لو كنت أعلم، فكم من حروب وقعت نتيجة حسابات خاطئة، كما أن الأُمرة النهائية هي في طهران وليست في الضاحية الجنوبية أو حارة حريك، حتى لو كان للسيد نصرالله رأي مغاير عن الإيرانيين الذين قد يطالبونه في أي وقت بتوتير الجبهة الجنوبية، والتأثير على مسار مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل”.
وختم العميد خليل الحلو منتقداً “غياب الإجراءات الرسمية للدولة اللبنانية، وعدم دعوة رئيس الجمهورية لانعقاد المجلس الأعلى للدفاع وإضعاف الموقف اللبناني تجاه المجتمع الدولي ومجلس الأمن الذي كنّا نلجأ إليه عندما تقع الواقعة و(ناكل القتلة)، مع الفارق أنه في الماضي كانت الحجج لصالح لبنان، بينما اليوم نقدّم الذرائع المجّانية لإسرائيل كي تستهدفنا وتدمّر بلادنا، في وقت نحن بأمس الحاجة لكافة عوامل الإستقرار والإبتعاد عن أي مغامرات طائشة لا تصبّ في مصلحة لبنان الباحث عن الخروج من أزماته وعودة الحياة إلى الشعب اللبناني الذي سئم من روائح الموت والحروب”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
“ما في دولارات للقمح”… الأمن الغذائي أمام كارثة حقيقية وهذه هي الحلول! | في عيد مار مارون.. أين هم الموارنة اليوم؟! | العونيّون… من الفنيقيين إلى البعثيين؟ |