نصرالله: لماذا لا يسائل البيطار القضاء؟

كتبت كلود عساف في “لوريان لو جور”:

لم يسلم القضاة المعنيون بملف تفجير مرفأ بيروت من الحملة التي أدارها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، والتي هدفت إلى تشويه سمعة التحقيق الذي يشرف عليه المحقق العدلي طارق البيطار.
وفي خطابه يوم الاثنين، قال نصر الله إن القاضي يستخدم سياسة الكيل بمكيالين، وسأل: “لماذا لم يتم استدعاء القضاة كما استدعي النواب والوزراء؟”، مشيراً إلى جاد معلوف وكارلا شواح اللذين شغلا منصب قاضي الأمور المستعجلة في بيروت لعامي 2014 و 2018 على التوالي.
وكان القاضي البيطار قد استدعى الوزراء السابقين علي حسن خليل، غازي زعيتر، ويوسف فنيانوس ونهاد المشنوق، كما أصدر مذكرات توقيف بحق الذين رفضوا المثول أمامه.
واتهم نصرالله القاضي جاد معلوف دون أن يسميه، مدعياً أن معلوف هو الذي أباح تفريغ وتخزين نيترات الأمونيوم التي تسببت في الانفجار.
وسأل نصرالله لماذا يحيل البيطار القضاة إلى محكمة النقض، أما النواب والوزراء فيصر على التحقيق معهم هو لا إحالتهم إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

في هذا السياق أوضحت مصادر قضائية لـ”لوريان لو جور”، أن القاضي معلوف في المضمون قام بواجبه في إطار اختصاصه، وأوضحت المصادر أن القانون لا يجيز مقاضاة القضاة إلا أمام محكمة النقض، على خلاف الوزراء والنواب الذين يمكن إحالتهم إلى القضاء العدلي.

معلومات غير كاملة
وبالعودة إلى الوقائع كما أوردتها المصادر القضائية المذكورة، فإن القاضي المستعجل جاد معلوف قد منح، وبناءً على طلب وزارة النقل العام ، تصريحاً لسفينة روسوس كي ترسو في مرفأ بيروت لتفرغ حمولتها.
وينص قرار المحكمة الصادر بتاريخ 27 حزيران 2014، على أن “الترخيص يتم منحه على أساس التوضيحات التي قدمتها وزارة النقل”.
وفيما يتعلق بالتفسيرات الواردة في متن القرار والتي تصف نيترات الأمونيوم بأنها “منتج خطر بيئياً”، دون أي إشارة إلى طبيعتها المتفجرة، تقول المصادر القضائية: “لا أحد كان يعلم عن خطورة هذه المواد الحقيقية”..
وعلى الرغم من أن وزارة النقل والأشغال العامة كانت قد قدمت معلومات غير كاملة عن الشحنة، فقد حرص قاضي الأمور المستعجلة على أن يحدد في تصريحه أنه يجب تخزين النيترات في “المكان المناسب، وتحت رعاية وزارة النقل”.
ولم يذكر القرار هوية الميناء الذي تم تخزين أطنان النيترات فيه.

وفيما يتعلق بالسماح لسفينة روسوس بأن ترسو في مرفأ بيروت، فقد اعتمد القاضي معلوف على تقرير صادر عن دائرة تفتيش السفن التابعة لمديرية النقل البري والبحري، وأفاد التقرير بوجود “عيوب كثيرة يمكن أن تعرض سلامة الملاحة البحرية للخطر”، وأن “السفينة ممنوعة من العودة إلى البحر ومهددة بالغرق في الميناء”.

وفي 30 نيسان 2014، كانت وزارة النقل والأشغال العامة قد أرسلت بالفعل خطابًا إلى السيد معلوف أشارت فيه إلى خطر غرق السفينة وهي تحمل نيترات الأمونيوم، وحذر التقرير من خطر التلوث البيئي الذي قد يحدث.
وفي 2 حزيران من العام نفسه، حذر المدير العام للنقل البحري والبري، عبد الحفيظ القيسي، مجدداً من خطورة غرق السفينة، دون أن يذكر مخاطر انفجار نيترات الأمونيوم أو إمكانية استخدامها في صناعة المتفجرات.

ومع وقوع الكارثة، ألقى مدير عام الجمارك ، بدري ضاهر – الموقوف منذ منتصف آب 2020 – بالمسؤولية على معلوف، مؤكداً أنه نبهه ست مرات إلى خطورة نيترات الأمونيوم وطلب منه الإذن بتصدير البضاعة أو بيعها.

ومع ذلك، ووفقًا للمصادر القضائية المذكورة أعلاه، فإن قاضي الأمور المستعجلة  قد رفض منح هذا الإذن لأن الطلبات التي وصلت إليه لم تتفق وإجراءات الإخطار القانوني.
ومع ذلك كان معلوف يحيل دائمًا هذه الطلبات إلى الوزارة من خلال دائرة الدعاوى الحكومية، والتي لم ترد قبل 2015 حيث طلبت تكليف وكالة شحن بتصدير البضائع.
وهنا تتساءل مصادر قانونية: بما أن نيترات الأمونيوم لم تكن تحت الحجز القضائي بل في عهدة وزارة النقل والأشغال العامة، فلماذا لم تتخلص الوزارة منها؟ خاصة أن هوية صاحب البضاعة غير معروفة، وبالتالي كان للدولة صلاحية عرضها في مزاد علني.

وحينما سئل عن سبب عدم متابعة دائرة الدعاوى الحكومية، التي يترأسها القاضي مروان كركبي ثم هيلانة إسكندر منذ عام 2017 ، لقضية بيع أو تصدير النترات، أشارت المصادر نفسها إلى أن دور هذه الدائرة هو إحالة الطلبات المتبادلة بين مختلف الوزارات والإدارات العامة بالدولة دون التدخل في القرار.
وتستقبل دائرة الدعاوى الحكومية كل يوم من 30 إلى 50 قضية، يتم تسجيلها في السجل وتوزيعها على 70 محامياً.
ولم يلفت ملف نيترات الأمونيوم، الذي يعتبر عادياً، انتباه مسؤولي الدائرة بشكل خاص، حيث لم يشك أحد في خطورته في ذلك الوقت، بحسب المصادر.

وتبقى الحقيقة أن كارلا شواح، التي خلفت جاد معلوف في 2018، تلقت لاحقًا طلبًا لبيع البضائع من وزارة النقل عبر دائرة التقاضي.

المحاكم العادية والإجراءات الخاصة
الجزء الثاني من اتهامات نصر الله، يتعلق وفق كلامه بالاستنسابية التي يتبعها البيطار، وعدم الاستماع للقضاة وإحالتهم للمحكمة المختصة، في مقابل إصراره على الاستماع للنواب والوزراء، واستند نصرالله إلى المادة 70 من الدستور والتي تقضي بتوجيه الاتهام إلى الوزراء أمام المجلس الأعلى لمحاكمتهم.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us