الفيروسات والذكاء الاصطناعي.. هذا ما ينتظرنا مع حلول الصيف
حذر خبراء من أن الخفافيش في بريطانيا تحتوي فيروسا يسمى RhGB07شبيها بـ”كوفيد” يمكن أن ينتقل إلى البشر، وكذلك يترقب العالم بصمت انتشار المتحور الجديد من كورونا “أركتوروس”، الذي صنفه خبراء في بريطانيا بأنّه شديد العدوى، ونقلت صحيفة “ميرو” البريطانية بأنّه تم اكتشافه في أكثر من 20 دولة. إذا عصر الأوبئة لم ينتهِ، بل على العكس تماما يتنبأ علماء بأنّ السنوات المقبلة ستشهد على طفرة جديدة من جوائح قد تقسو على البشرية من كل حدب وصوب.
ما يعنينا اليوم في لبنان، مع اقتراب فصل الصيف، والبشائر بموسم استثنائي على مستوى السياحة، مع ارتفاع نسبة الحجوزات، هو التخوف من “تفلت” الحدود من قبل القادمين من دول تحتوي على جوائح من مشتقات كورونا وتوابعها، وغيرها من الأوبئة والأمراض التي تضرب دولا عدة وتحذيرات من اوبئة أخرى مثل انفلونزا الكلاب والخنازير، او الملاريا وغيرها من الجراثيم الموجودة في الدول الافريقية.
عصر الذكاء الاصطناعي
ولكن في المقابل، نحن اليوم في عصر الذكاء الاصطناعي، وبدلا من الاستخدامات السلبية لهذا الذكاء، يمكن العمل على جعله في خدمة البشرية ومواجهة الفيروسات، وهو ما يتحدث عنه الباحث والدكتور في تكنولوجيا وفيزياء النانو في المعهد العالي للفيزياء في باريس الدكتور اللبناني وسيم جابر، والذي استبق هذا الذكاء باختراع تطبيق “Corona Map” في بداية انتشار كورونا في لبنان. ويقدم جابر قراءة خاصة لـ”لبنان 24″ عن كيفية خدمة الذكاء الاصطناعي في المواجهة الصحية، وكيف للبنان أن يلحق بهذه التطورات.
بداية يعرف جابر هذا الذكاء ويقول: “الذكاء الاصطناعي (AI) عبارة عن تقنية تعتمد على معالجات حاسوبية ذات قوة عالية لحل خوارزميات لديها القدرة على التعلم وأداء المهام المحددة بذكاء. وأصبحت الخدمات القائمة على الذكاء الاصطناعي جزءاً طبيعياً من حياة الإنسان. نظراً لأن أهمية استخدام هذه التقنيات أصبحت معترف بها أكثر بمرور الوقت، فإنها تقدم باستمرار نتائج واعدة ليس فقط لحل المشكلات الحالية ولكن أيضاً لتحديد المشاكل المحتملة في المستقبل”.
ضبط الوباء
وبحسب جابر فإنّه “إذا كان من الممكن استخدام هذه الخدمات بهذه الطريقة، فقد تتجاوز الحلول البشرية في إدارة اي جائحة مستقبلية”. ويتابع: “مع انتشار كورونا في العام 2019 في العالم، قدم الذكاء الاصطناعي خدمات كبرى للدول في السيطرة وضبط الوباء. وعلى مستوى الرعاية الصحية، أظهرت الخدمات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي نتائج واعدة مثل التشخيص المبكر، تتبع انتشار الفيروس، ومراقبة المرضى، وتخفيف العبء الزائد على العاملين في مجال الرعاية الصحية، وتحديد الفئات المعرضة للخطر، وزيادة الوعي حول النظافة الذاتية. ومع ذلك، فإن معظم القضايا المتعلقة بمكافحة COVID-19 على المستوى العالمي تُظهر أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الوقاية من الأمراض أو إدارة الصحة العامة لا يزال محدوداً للغاية”.
قدرات قوية
ويعدد جابر 9 قدرات قوية يمكن للذكاء الاصطناعي من خلالها التفوق على الحلول البشرية في إدارة الأوبئة في العديد من الطرق، بما في ذلك:
1- تشخيص الأمراض: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستخدم لتشخيص الأمراض وذلك عن طريق تحليل الصور الطبية والبيانات السريرية والتحاليل الطبية، وبذلك يساعد الذكاء الاصطناعي الأطباء على تشخيص الأمراض بدقة وسرعة.
2- تحليل البيانات الوبائية: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحلل البيانات الوبائية لتحديد انتشار المرض وتوجيه الاستجابة الطبية. على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات من مصادر مختلفة، مثل وسائل التواصل الاجتماعي والسجلات الطبية والإعلانات العامة وغيرها.
3- تحليل التسلسل الجيني: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستخدم لتحليل الجينات المرتبطة بالفيروسات والأمراض وذلك من خلال تحليل البيانات الجينية والعثور على التغييرات في التسلسل الجيني لفهم كيفية تطور الفيروسات والأوبئة.
4- تطوير العلاجات واللقاحات: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تطوير العلاجات واللقاحات من خلال تحليل البيانات السريرية والجينية والتحاليل الطبية وغيرها.
5- التواصل مع المجتمع: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في التواصل مع المجتمع وذلك من خلال تحليل البيانات المتعلقة بالوباء وإرشاد المجتمع وتوجيههم في ما يتعلق بالاحتياطات والاجراءات الوقائية.
6 – التنبؤ بتطور المرض: باستخدام تحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي، يمكن تحليل نمط انتشار الفيروسات وتنبؤ بتطور المرض ومعرفة كيفية انتقال العدوى وكيفية تفشيها.
7 – التعقيم الذاتي: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير أجهزة تعقيم ذاتية تعمل بدون أي تدخل يدوي، مما يخفض من خطر انتقال العدوى بين الأشخاص ويزيد من سلامة المجتمع.
8 – تطوير أنظمة الرصد الذكي: يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتطوير أنظمة رصد ذكية للحد من انتشار الفيروسات، مثل تطوير تطبيقات الهاتف المحمول للكشف عن العدوى وتحديد أماكن الخطر حيث نال لبنان جزءا من هذه التقنيات، اما من خلال تطبيقات تعقب الوباء مثال تطبيق “كورونا ماب ” للدكتور وسيم جابر والمهندس حسين الموسوي او من خلال استخدام الروبوتات المُبرمجة وغيرها.
9 – التحليل السريع للبيانات: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات بسرعة وكفاءة، مما يساعد على تحديد مناطق الخطر والمساعدة في تطوير استراتيجيات الاستجابة والتخطيط للمستقبل.
تطوير اللقاحات
ويتابع جابر في قراءته الخاصة لـ”لبنان 24″ بالقول: “بشكل عام، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يخدم مواجهة الفيروسات والأوبئة بشكل كبير، حيث يمكن استخدامه في تحليل وتفسير البيانات الضخمة المتعلقة بالمرض وتوجيه الاستجابة الطبية بشكل أكثر فاعلية. ويمكن أن يساعد في تحسين قدرة الأطباء على تشخيص المرض وتطوير العلاجات واللقاحات، وذلك يساهم في تقليل عدد الوفيات والحد من انتشار الفيروسات والأوبئة. كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في التواصل مع المجتمع ونشر الوعي بين الناس حول الاحتياطات الوقائية والإجراءات اللازمة لوقف انتشار المرض”.
وبالتالي يمكن أيضاً استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير نماذج تنبؤية للأوبئة وتحليلات السلوك البشري، والتي يمكن استخدامها لتوجيه السياسات الصحية واتخاذ القرارات الإدارية في الوقت المناسب لوقف انتشار الأوبئة اذ “يساعد في استباق حركة الفيروس والتنبؤ بتطوره، ولكنه لن يكون قادراً على السيطرة عليه قبل تطوره”، كما يؤكد جابر.
استجابة فورية
وهنا يعتبر جابر انّ هذه واحدة من مزايا الذكاء الاصطناعي، على الرغم من الخطورة الكبيرة التي فرضها هذا الذكاء في عالم باتت فيه المنافسة كبيرة مع البشر، ومع ذلك يقول جابر: “يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في اكتشاف النماذج الجديدة لانتشار الفيروسات وتطورها وإعداد خطط الاستجابة الملائمة، مما يسمح للجهات المعنية باتخاذ الإجراءات المناسبة للسيطرة على الفيروس وتقليل تأثيره. وبالتالي، فإن استخدام التقنيات الذكاء الاصطناعي يمثل خطوة مهمة وواعدة في مواجهة الأوبئة والحد من تأثيرها على المجتمع”.
وهذا ما ينطبق حتما على لبنان، الذي يمكن أن يستفيد من خطوات او إجراءات تساهم في التخفيف من حدة المواجهة الصحية التي يواجهها حاليا او في المستقبل القريب.
المصدر: لبنان 24