واشنطن ولندن تحت تهديد فيروس أنفلونزا الطيور
على ضفتي الأطلسي، تسود خشية لم تعد خافية من فيروس أنفلونزا الطيور، في سياق موجته الحالية التي تشمل نوعي “آتش 5 أن 9″ H5N9 المتّسم بالندرة، و”آتش5 أن 1” (H5 N1) المُتّصِف بالشيوع.
فقد كشفت واشنطن عن تفشٍّ أوّل لسلالة “آتش 5 أن 9” بين الدواجن، عقب أيّام قليلة من إعلانها عن أول وفاة بشرية بفيروس أنفلونزا الطيور من سلالة “آتش5 أن1″، ترافقت مع انتشاره بشكل غير مألوف بين دواجنها وأبقارها، إضافة إلى إصابات غير متوقعة لقرابة 70 مزارعاً ممن يخالطون تلك الأنواع الحيوانية.
وقد أعقب ذلك صدور تقرير علميّ أميركي عن حدوث طفرات في ذلك الفيروس ستجعله أكثر قدرة على استهداف الدماغ حينما يصيب البشر.
وفي لندن، على الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي، كشفت “وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة” (UKHSA) عن وفاة بشرية وصفتها بأنها “نادرة” بسبب أنفلونزا الطيور. وأشارت الوكالة إلى أن المملكة لم تسجّل في تاريخها سوى مرات محدودة من إصابة البشر بـ”آتش5 أن1″، الذي ينتشر طبيعياً بين الطيور، ولا ينتقل إلى البشر إلا نادراً. ولا بدّ من التذكير بأن الفيروسات التي “تقفز” من الحيوانات إلى البشر بصورة غير مألوفة، تصبح فائقة الخطورة، لأن أجساد المجتمعات الإنسانية لم تتعامل معها من قبل، ولا توجد مناعة جماعية حيالها. وقد شكّل ذلك المعطى أحد العوامل الأساسية في انتشار جائحة كورونا في أواخر العام 2019.
وشددت الوكالة الصحية البريطانية على أن الوفاة حدثت لشخص دأب على مخالطة الطيور والدواجن، مشيرة إلى أنه لم ترصد حالات انتقال مباشر لفيروس “آتش 5 أن1” بين البشر في بريطانيا حتى الآن، ممّا يعني أن خطرها الوبائيّ ما فتئ منخفضاً.
البطّ يعاني للمرة الأولى
في تفاصيل متّصلة، أعلنت “المنظمة العالمية لصحة الحيوان” أنها تلقت من الولايات المتحدة تقارير عن أول تفشٍ لفيروس أنفلونزا الطيور من سلالة (إتش5 إن9) بين الدواجن في مزرعة للبطّ في كاليفورنيا.
وورد في تلك التقارير الأميركية، التي رُفعت إلى مقر تلك المنظمة في باريس، تفاصيل عن اكتشاف سلالة (إتش5 إن1) في المزرعة نفسها في تلك الولاية. وأضافت السلطات أنها أعدمت نحو 119 ألف طائر في المزرعة منذ أواخر العام المنصرم.
وانتشرت أنفلونزا الطيور في مختلف أنحاء العالم خلال السنوات الماضية، مما أدى إلى إعدام مئات الملايين من الدواجن. وكذلك أصابت تلك العدوى عشرات الأنواع من الثدييات، بما في ذلك الأبقار في الولايات المتحدة، وأودت بحياة مزارع أميركي في لويزيانا.
وتكراراً، جاءت معظم تلك الموجات الوبائية من سلالة (إتش5 إن1) الشائعة، فيما تتسم سلالة (إتش5 إن9) بأنها أكثر ندرة. وبالتالي، لم يكن مستغرباً أن تشدد وزارة الزراعة الأميركية في تقريرها الذي قدّمته إلى “المنظمة العالمية لصحة الحيوان” على أن ما رصدته بين الدواجن في بلادها يشكّل “حالة مؤكّدة أولى للإصابة بفيروس أنفلونزا الطيور (إتش5 إن9) بين الدواجن في الولايات المتحدة.
وحتى الآن، تُجمع المنظمات المعنية بالأوبئة العالمية، بما في ذلك “مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (Centers of Disease Control and Prevention) التي تعرف باسمها المختصر “سي دي سي” (CDC) إلى إن المخاطر التي يتعرض لها الجمهور العام بسبب ذلك الفيروس لا تزال منخفضة.
وفي المقابل، تفيد بيانات مراكز “سي دي سي” إلى استمرار تفشّي أنفلونزا الطيور بين الدواجن، منذ بداية ظهوره بين الدواجن الأميركية في 2022. وترافق ذلك مع نفوق نحو 130 مليوناً من الطيور البريّة والدواجن، بالإضافة إلى إصابة 917 من قطعان الأبقار المنتجة للألبان.
وفي وصفٍ لـ “وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة” للحالة البريطانية النادرة المصابة بأنفلونزا الطيور (آتش5 أن1)، جاء أن حالة ذلك الشخص الذي لم يُحدّد جنسه، “جيدة”، مع التشديد أيضاً على ضآلة الخطر على الناس بالاستناد إلى عدم وجود ما يثبت انتقال ذلك الفيروس بين البشر.