المزيد من سلالات كورونا المتحورة… اليك التفاصيل
يحقق مسؤولو الصحة في المملكة المتحدة في سلالة جديدة ناشئة من فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” والتي أطلق عليها السلالة التايلاندية أو “المتغير التايلاندي” (Thai variant)، ولكن هذا الاسم أثار غضب حكومة تايلاند التي طالبت بأن يطلق عليه اسم “السلالة المصرية” (Egypt variant).
بدأت القصة يوم الخميس 27 مايو/أيار الماضي، عندما أعلنت هيئة الصحة العامة في إنجلترا (PHE) أنه تم اكتشاف 109 حالات من سلالة أطلق عليها اسم “سي 363” (C.36.3).
وتم اكتشاف هذه السلالة لأول مرة في تايلاند لدى شخص سافر من مصر وأُثبتت إصابته بالفيروس أثناء وجوده في الحجر الصحي الحكومي، وذلك وفقا لتقرير في صحيفة “ميرور” (Mirror) البريطانية.
وسلالة “سي 363 “هي واحدة من 9 سلالات قيد التحقيق من قبل هيئة الصحة العامة في إنجلترا، إلى جانب طفرات أخرى تم اكتشافها لأول مرة في المملكة المتحدة والهند والفلبين.
وقالت حكومة تايلاند إن الشخص أُثبتت إصابته أثناء الحجر الصحي بعد وصوله. وذكرت الحكومة أن المريض عولج وتعافى.
رد فعل عنيف
أثار وصف تقارير وسائل الإعلام للفيروس -بأنه “السلالة التايلاندية”- ردَّ فعل عنيف من الوزراء في بانكوك.
وقالت حكومة تايلاند -اليوم الجمعة- إنه لا يوجد متغير تايلاندي لكوفيد-19 لأن “سي 363” لم يتم العثور عليه في عدوى محلية.
وكانت الحالة الوحيدة المبلغ عنها في تايلاند هي للمسافر من مصر.
وقال سوباكيت سيريلاك -المدير العام لقسم العلوم الطبية- لصحيفة “بانكوك بوست” (Bangkok Post) إنه من حيث المبدأ، كان الأصل في مصر؛ لذلك لا يمكن تسميته المتغير التايلاندي، مضيفا “يجب أن يطلق عليه المتغير المصري”.
ونقلت “إندبندنت” (Independent) عن الدكتور سيريلاك قوله “هذا مشابه لليابان، عندما وجدوا البديل البرازيلي أبلغوا أنها سلالة برازيلية؛ لذلك ينبغي أن يسمى هذا البديل المصري”.
ويسلط هذا الموقف الضوء على المخاوف من أن استخدام أسماء الأماكن لتحديد سلالات “كوفيد-19” يخلق وصمة العار ويعرض الأشخاص من تلك الأماكن لخطر الإساءة العنصرية.
هل اللقاحات تعمل ضد سلالة “سي 363″؟
لا يوجد ما يشير إلى أن اللقاحات الحالية ليست فعالة ضد السلالة الجديدة.
هل سلالة “سي 363” أخطر من السلالات الأخرى؟
لا يوجد دليل على أن المتغير أكثر حدة من السلالات الأخرى. وقالت هيئة الصحة العامة في إنجلترا إنه لا يوجد دليل حاليا على أن هذا البديل يسبب مرضا أكثر خطورة أو يجعل اللقاحات المنتشرة حاليا أقل فعالية.
ما الدول التي اكتشفت فيها سلالة “سي 363″؟
ذكرت هيئة الصحة العامة في إنجلترا أن 34 دولة على الأقل أبلغت عن تسلسل واحد على الأقل للسلالة “one sequence of the variant”، بما في ذلك ألمانيا وفرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة.
ما هو أصل سلالة “سي 363″؟
لن ندخل في هذا الجدل، المهم من النقاش الدائر أهمية عدم ربط سلالات الفيروسات بالدول، لأنه يهدد بوصمة العار.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت -يوم الاثنين الماضي- أن سلالات فيروس كورونا ستسمى بأحرف أبجدية يونانية، قائلة إن ذلك سيساعد على تجنب وصم البلدان التي تظهر فيها تلك السلالات لأول مرة.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن عددا من الخبراء -تشاورت معهم المنظمة- أوصوا بوضع المسميات الجديدة -التي “ستكون أسهل وأكثر عملية لمناقشتها- من قبل الجماهير غير العلمية”.
وذكرت المنظمة أن الأنظمة الحالية لتسمية وتتبع الأنساب الجينية لفيروس كورونا (واسمه العلمي سارس كوف 2) -الذي يسبب “كوفيد-19”- ستظل قيد الاستخدام من جانب العلماء والأبحاث العلمية.
وحددت منظمة الصحة العالمية حتى الآن 4 أشكال مختلفة من السلالات.
وسيطلق على السلالة التي تم اكتشافها لأول مرة في بريطانيا اسم “ألفا”، والسلالة التي اكتشفت في جنوب أفريقيا اسم “بيتا” والسلالة المكتشفة في البرازيل اسم “جاما”، كما سيطلق على السلالة المكتشفة في الهند -وهي الأحدث- اسم “دلتا”.
لماذا يرجح الخبراء اكتشاف المزيد من السلالات المتحورة؟
في تقرير نشرته صحيفة “لوباريزيان” (Le Parisien) الفرنسية، يقول الكاتب نيكولاس بيرو إنه من المتوقع أن يؤدي انتشار اختبارات التسلسل الجيني إلى اكتشاف سلالات جديدة من كورونا.
وقالت ماريا فان كيركوف -عالمة الأوبئة والمسؤولة عن إدارة جائحة كوفيد-19 في منظمة الصحة العالمية- في تغريدة على موقع تويتر “نتوقع اكتشاف المزيد من السلالات المتحورة مع انتشار الفيروس وتطوره وتقدم اختبارات التسلسل الجيني في مختلف أنحاء العالم”.
ولفهم ما تقوله منظمة الصحة العالمية عن اكتشاف المزيد من السلالات، يجب أن نفهم أولا معنى السلالة المتحورة. وتتشكل تركيبة فيروس “سارس كوف-2” الجينية من سلسلة طويلة من الأحماض النووية الريبية (RNA)، تصل إلى 30 ألف نيوكليوتيد، وهي تتطور باستمرار.
وفي بعض الأحيان، تحدث “أخطاء” عند تكرار التسلسل، وهو ما يؤدي إلى ظهور الطفرات الجديدة التي تسمى سلالات متحورة؛ لأنها تختلف في تركيبتها عن السلالة الأصلية.
ويؤكد فيليب فروغويل -عالم الوراثة والأستاذ في إمبريال كوليدج في لندن- أن “هذا النوع من الفيروسات يتطور بشكل كبير؛ لذا فإن احتمال ظهور سلالات متحورة جديدة مرتفع للغاية”.
وقد حثت منظمة الصحة العالمية دول العالم على تكثيف فحوص التسلسل الجيني، وأكدت أنه تم تسجيل الكثير من التقدم باتجاه الكشف عن السلالات المتحورة الجديدة، لكن هل يجب أن نخشى من ظهور المزيد من السلالات؟
في الواقع، ليس بالضرورة أن تكون كل السلالات الجديدة أكثر خطورة من الفيروس الأصلي، أو أسرع انتشارا، أو أكثر مقاومة للقاحات.
ويقول بيورن ماير -عالم الفيروسات في معهد باستور- “إن وجود طفرات معينة لا يغير بالضرورة خصائص الفيروس؛ لهذا من الطبيعي أن يكون هناك مزيج من الطفرات في غالب الأحيان”.
تصنيف السلالات المتحورة حسب خطورتها
تصنف وكالة الصحة العامة الفرنسية السلالات المتحورة من فيروس كورونا المستجد إلى 3 أصناف حسب درجة خطورتها، وهي “مثير للقلق” و”جدير بالمتابعة” و”تحت التقييم”.
وفي هذا السياق يقول صامويل أليسون -عالم الأحياء ومدير الأبحاث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي- “أعتقد أننا سنكتشف المزيد من السلالات المتحورة الجديرة بالمتابعة، لأنه كلما فحصنا أكثر وجدنا سلالات جديدة. ويمكن أن يساعدنا ذلك في الحد من عدد السلالات المتحورة المثيرة للقلق، لأنه إذا تحركنا بسرعة، فلن تنتقل أبدا من مرحلة إلى أخرى”.
ويضيف “يجب أن نعرف أيضا ما إذا كنا نتجه نحو ظهور المزيد من السلالات المتحورة”، وهو سؤال يصعب الإجابة عنه؛ لأنه “يعتمد على عوامل لا يمكن السيطرة عليها، مثل ديناميكية انتشار الوباء في مختلف أنحاء العالم”.
المصدر: أ.ف.ب – الجزيرة