المرض الخبيث يغزو العالم ويخطف نجوم الكرة!
كتب موسى الخوري لـ “هنا لبنان”:
ما أبشعك أيّها المرض، وما أسوأ أفعالك في الناس، فقد تمكّنتَ من خطف أغلى وأحبّ نجوم كرة القدم على قلوب الجماهير.
للأسف، مرض السرطان لا يرحم ولا يستثني أحداً. حتى نجوم الكرة العالميين الذين عاشوا نمط حياة رياضي صحي بعيد عن الآفات الضارّة لم يسلموا منه.
صحيح أنّ لمرض السرطان عوامل مساعدة قد تسرّع في تفشّيه داخل جسم الإنسان، كالتدخين واستهلاك السكريات والنشويات والكحول بشكل مفرط وقلة النوم. لكنّ ذلك لا يعني أبداً أنّ الرياضيين الذين يفنون شبابهم في سبيل الفوز بالبطولات وتقديم كل ما يرضي جماهيرهم فيمتنعون عن ملذات الحياة ويواظبون على اتباع حميات غذائية صحية ويبتعدون عن الآفات الضارة كالتدخين والأكل العشوائي وقلة النوم في سبيل تحقيق غاياتهم، يسلمون منه.
فبالرغم من ذلك، تجد المرض الخبيث يتسلّل إلى أجسادهم القوية من دون إذن ولا دستور، ثم يبدأ بالفتك بها ويحطّمها ويهشمها مهما كانت قوية ومنيعة.
لماذا هذا الكلام عن السرطان؟
لأنه بكل بساطة خطف منّا أبرز لاعبي كرة القدم وأحبّهم على القلب.
من منا لم يسمع بوفاة جوهرة كرة القدم السوداء وباني أمجاد أمة بفضل لمساته السحرية عندما كان يداعب معشوقته؟ نعم، خطف سرطان القولون بيليه. هو الذي أرسى المهارات الكروية الحديثة وأصبح كل لاعب يحاول التمثل بالجوهرة دون أن يتمكن أحد من الوصول إلى إنجازاته.
فعندما كان بيليه في العاشرة من عمره، شاهد والده يبكي بحسرة وحرقة قلب ومرارة بعد خسارة منتخبه البرازيل أمام الأوروغواي في نهائي كأس العالم ١٩٥٠، اقترب منه لمواساته وقال له: “لا تبكِ، سوف أفوز لك بكأس العالم”. وما هي إلا ٨ سنوات حتى وفى بيليه بوعده لأبيه وجلب الكأس الكروية الأغلى لوالده ولبلده البرازيل وبدأ بكتابة أسطورة كروية ما زالت حتى أيامنا هذه. فبيليه لم يكن مجرد نجم، إنما كان ذلك اللاعب الذي أصبح مضرب مثل وقدوة يحتذي بها كل لاعب يطمح لأن يصبح نجماً في يوم من الأيام.
ولكن المرض كان أقوى من بيليه وخطفه من أهله وجمهوره عن عمر ناهز الـ ٨٢ عاماً.
كما خسرت الكرة المستديرة نجماً آخر منذ فترة وجيزة والسبب: المرض نفسه. إنه النجم الصربي سينيسا ميهايلوفيتش، الذي خسر معركته مع سرطان الدم بعد أن كان قد ربح مباريات كثيرة كلاعب مع الفرق التي مثّلها، ومع منتخب بلاده وكمدرّب للعديد من الفرق ومعظمها في إيطاليا.
طبعاً لا يمكن مقارنة ميهايلوفيتش ولا أي لاعب آخر بالجوهرة بيليه، ولكن الصربي كان من اللاعبين الكبار الذين أضاؤوا سماء الكرة العالمية بالكثير من الإنجازات أبرزها فوزه مع النجم الأحمر الصربي بدوري أبطال أوروبا في العام ١٩٩١ ليكون ثاني فريق من أوروبا الشرقية بعد ستيوا بوخارست الروماني يحقق هذا الإنجاز. كما كان لميهايلوفيتش صولات وجولات في ميدان التدريب بعد اعتزاله، فدرّب النجم الأحمر الفريق الذي لعب له ثم ذهب إلى إيطاليا حيث كان له أيضًا خبرة في اللعب هناك فدرّب كلًّا من سامبدوريا وروما ولازيو والإنتر.
لكن المنية وافت الصربي وهو في عزّ عطائه التدريبي عن عمر ٥٣ عاماً بعد صراع مع المرض، ليترك اللاعب وراءه جمهوره ومحبيه مكرهًا ويذهب إلى دنيا الحق بعدما عجز الطبّ عن مداواته.
وكما الصربي، خطف السرطان لاعباً إيطالياً برز في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
جيانلوكا فيالي كان لاعباً مهاجماً من الطراز الرفيع، ولكن القدر شاء أن يصاب بسرطان البنكرياس ويرحل عن هذه الدنيا عن عمر ٥٨ عاماً.
صحيح أنه لم يحقق الكثير مع منتخب بلاده، شأنه شأن لاعبي جيله، وذلك رغم بلوغه نصف نهائي بطولة أمم أوروبا عام ١٩٨٨ في ألمانيا ونصف نهائي كأس العالم التي جرت على أرض بلده إيطاليا في العام ١٩٩٠، ولكنه كان نجماً لامعاً في صفوف الأندية التي لعب لها، ففاز بالكثير من الألقاب أهمها الدوري الإيطالي وكأس الكؤوس مع سامبدوريا، والدوري مجدداً ودوري أبطال أوروبا وكأس الاتحاد مع فريق السيدة العجوز جوفنتوس ثم بلقب كأس الكؤوس كلاعب ومدرب لنادي تشلسي الإنكليزي.
فضلاً عن فوزه بلقب هدّاف الدوري الإيطالي في العام ١٩٩١ والذي كان حينها أفضل دوري في العالم ويضم أقوى مدافعي الكرة العالمية على الإطلاق، ناهيك عن خوضه لعدة مباريات نهائية سجل خلالها العديد من الأهداف وأطرب الجماهير كلما هز الشباك. لكن الموت خطف فيالي وهو بالكاد أكمل عامه الـ ٥٨ ليترك وراءه الكثير من الذكريات الجميلة، ذكريات يشوهها مرض عضال حيّر العلماء والأطباء ولم يسلم منه لا الكهل ولا الصغير ولا الطويل ولا القصير ولا حتى الرياضيون الأبطال.
مواضيع مماثلة للكاتب:
سوق الانتقالات حامية دائمًا.. ما هي آخر المعلومات؟ | دوري كرة القدم وقصة إبريق الزيت.. السلبيات تفوق الإيجابيات | نوفاك ديوكوفيتش.. الاسطورة الحية |