كريستيان إريكسن.. صدمة العالم
خاص هنا لبنان – كتابة موسى الخوري:
وفجأة تشعر أن الكرة الأرضية توقفت عن الدوران. تشعر وكأن الفرحة بعودة المسابقات الكبرى والتي يعتبر اليورو من أهمها نُغّصَت وكأن مشاهدة مباريات كرة قدم امام مدرجات فيها جمهور ولو بعدد قليل بعد طول انتظار هي أمر عابر وكأن أولى مباريات بطولة كبرى لم تعد شيئًا يُذكر. لماذا؟ بكل بساطة لأن الحياة هي أغلى ما يملك الإنسان، هذه الحياة التي يتشبث بها كل مخلوق ويبذل الغالي والنفيس من أجلها أعطتنا مجددًا درسًا في الإنسانية. فسقوط اللاعب الدانماركي كريستيان إريكسن أرضًا على أثر استعداده لتلقي رمية تماس كان كفيلًا بتوقف كل حركة على وجه الأرض وتسمّر كل من في الملعب وخلف الشاشات وعلى وسائل التواصل الإجتماعي من أجل متابعة حالة الشاب إبن ال29 عامًا الذي بدا بعد سقوطه وكأنه يصارع الحياة والموت مما اضطر الحكم الإنكليزي أنطوني تايلور أن يوقف المباراة إيذانًا للفريق الطبي للدخول والتدخل لإنقاذ روح إنسان كان منذ بضع لحظات بكامل صحته ويملك لياقة نادرة وفنيات كروية ممتازة مكنته من اللعب مع أكبر الأندية العالمية، وإذ به يسقط كورقة خريف أصابها البَرَد ليعود السؤال التقليدي ويطرح نفسه: كيف يمكن لشخص يمارس الرياضة على أعلى مستوى وفي عز شبابه ومحاط بفريق طبي من الأكفاء ولم يعاني من أي مشكلة قلبية وحتى لم تظهر عليه أي إشارات أو بوادر ضعف في القلب أن يلقى هكذا مصير؟ الجواب عند الطاقم الطبي المعالج الذي نجح في تدارك الأسواء عبر إبقاء النبض في قلب إريكسن.
على أن الصورة التي رسخت في أذهان العالم هي التي التقطت للجماهير واللاعبين والجهازين الفنيين وهم يبكون حال إريكسن الذي ظهر في البداية وكأنه لا يستجيب للعلاج. ويسجّل للمخرج أنه اتخذ قرارًا إنسانيًا بعدم التصوير عن قرب احترامًا للموقف الدقيق الذي كان يمر به اللاعب، فبالطبع الكل كان قلقًا ومتضامنًا مع هذه الحالة لتثبت الإنسانية على أنها أعلى من كل المصالح والإعتبارات، ولكن احترام الحالة كان واجبًا.
أولى الأخبار الطيبة والإيجابية وصلت من إحدى الحاضرين على أرض الملعب الذي التقت صورة للاعب الدانماركي عندما كان رجال الإسعاف يهمون لإخراجه من الملعب واضعين شرشفًا فوقه وهو مفتح العينين ويده اليسرى مرفوعة صوب وجنتيه. بالطبع أخذ هكذا صورة لشخص معلق بين الحياة والموت ليس بالأمر المحبذ، ولكن هذه الصورة التي غزت مواقع التواصل الإجتماعي وانتقلت كسرعة النار في الهشيم ساهمت بإراحة النفوس وإثلاج الصدور.
وتوالت بعدها الأخبار الجيدة عن صحة اللاعب من كل حدب وصوب. ولكن، ومع اجتياح الأخبار الكاذبة لمواقع التواصل الإجتماعي أصبح من الصعب تصديق كل قصة متناقلة، لذلك ارتاحت النفوس أكثر وأكثر بعد ورود خبر عبر “تويتر” للإتحاد الدانماركي لكرة القدم الذي أفاد بأن حال كريستيا إريكسن الصحية مستقرة وهو ما أشار إلى أن اللاعب على خطى استعادة عافيته والعودة إلى الحياة مجددًا بعدما نجح في اجتياز ما يعتبر أصعب امتحانات الحياة. فلإتحاد الدانماركي هو المرجعية الصالحة للكلام عن الموضوع في هكذا وضع دقيق.
واستكملت المباراة لاحقًا بعدما توقفت لوقت طويل وحققت فنلندا مفاجأة مدوية عبر مشاركتها الأولى في دورة كبيرة بفوزها على الدانمارك بطلة نسخة 1992 وصاحبة الصولات والجولات في عدة مناسبات بنتيجة 1-0 بالرغم من إضاعة الدانماركيين لضربة جزاء في دربي اسكاندينافي بحت.
ولاحقًا توالت رسائل التعاطف مع حالة إريكسن من كل حدب وصوب من المشجعين واللاعبين ورؤساء الأندية والإتحادات. ولعل أبرز الرسائل هي التي أرسلها اللاعب البلجيكي روميلو لوكاكو خلال مباراة منتخب بلاده أمام روسيا والتي انتهت بفوز البلجيك بثلاثية نظيفة.
المهم أن الحادث كان “قطوعًا” مر بسلام وأعطى درسًا للعالم أجمع مفاده أن الإنسانية تعلو على كل شيء وأن الصحة هي أغلى ما يملك الإنسان.
مواضيع ذات صلة :
بـ100 مليون دولار.. سانشو من دورتموند إلى “الشياطين الحمر” | رونالدو يُحقّق عدة أرقام قياسية في مباراة تاريخيّة أمام فرنسا | كورونا يضرب منتخب فنزويلا قبل انطلاق كوبا أميركا |