ما كان ينقص ميسي
خاص هنا لبنان – كتابة موسى الخوري:
وهل كان ينقص ميسي شيئاً؟ طبعًا كلا. فاللاعب الذي رفض البعض مقارنته بغيره من اللاعبين وفضّل تصنيفه في مصاف الفنانين أمثال موزار وميكيلانجيلو نجح في تحقيق كل ما يتمنى تحقيقه، إلاّ لقب دولي. هذه الجملة لم تعد جائزة منذ فجر الأحد عندما تمكن منتخب بلاده الأرجنتين من هزيمة منتخب البرازيل على أرضه وإحراز أول لقب لميسي في مسيرته وهو اللقب القاري. فميسي الذي أحرز عشرات الألقاب الجماعية والفردية على مستوى النادي الذي لم يلعب لغيره حتى الآن، وهو نادي برشلونة، وهذا موضوع سيشغل العالم بأسره في الأيام القليلة المقبلة كون ميسي لم يجدد عقده مع فريقه بعد ومن المحتمل أن ينتقل إلى فريق آخر، كان قبل فجر الأحد في قلبه غصة. غصة لم تمحُها ألقابه الـ 34 التي أحرزها مع فريقه ولم يزلها سوى الفوز باللقب القاري مع منتخب بلاده الأرجنتين متوّجًا ببطولته القارية الأولى.
وقد حقق ميسي من خلال هذا اللقب عدّة إنجازات أبرزها بالطبع لقبه الأول على مستوى المنتخب ولكنه أيضًا ساعد منتخب بلاده بالعودة إلى منصات التتويج بعد سنوات عجاف طويلة عمرها بالتحديد 28 عامًا وهو الزمن الذي أحرزت فيه الأرجنتين لقبها القاري الأخير عام 1993، كما نجح بإعادة البسمة لبلاد التانغو خصوصًا أن الأرجنتين فازت باللقب على أرض البرازيل وعلى ملعب ماراكانا الشهير وهو انتصار له طعم آخر لدى عشاق المنتخب الأميركي الجنوبي عبر أنحاء العالم.
صحيح أن ميسي لم يكن نجم هذه البطولة التي أقيمت في ظروف صعبة، حيث اتّخذ القرار بأجرائها في اللحظات الأخيرة، وتغيّر مكان إقامتها من كولومبيا إلى البرازيل وحصل كرّاً وفرّاً حول الموافقة على بدئها ولُعبت بدون جمهور بسبب جائحة كورونا وما سببته وما زالت تسببه من ويلات في الكون أجمع، لكن الجميع فرح لانتصار الأرجنتين وابتهج لفوز ميسي. ففتى روزاريو لم يكن كعادته اللاعب الحاسم وصاحب الكلمة الفصل في إهداء اللقب لمنتخبه ولكن كلّ الأنظار كانت شاخصة لما سيفعله ميسي في هذه البطولة وهذه المباراة النهائية أمام الخصم الأزلي والعدو البرازيلي اللدود في هذا اللقاء. حتى أنّ معظم الناس نسوا أنّ دي ماريا سجل هدف اللقاء وكان بارزًا خلال الدورة كلها بشكل عام ونسوا الفرصة الذهبية التي أهدرها ميسي في الثواني الأخيرة من عمر اللقاء عندما تمكن الحارس البرازيلي إيدرسون مورايس من استخلاص الكرة من بين قدمي فتى الأرجنتين وحرم الأرجنتين من التقدم بهدفين ونسوا كل التفاصيل ولم يعلق في ذهنهم سوى اللقب الذي أحرزه لاعب برشلونة (أقلّه حتى الآن) على ملعب ماراكانا الذي أصبح نذير شؤم بالنسبة للبرازيليين الذين غالبًا ما يخسرون المباريات النهائية عليه والذي كان شاهدًا على خسارة أخرى للقب قاري لبلاد السامبا.
هنا، لا بد من لفت النظر إلى أمرين: الأوّل هو البون الشاسع الذي بدا واضحًا بين الكرة الأوروبية ونظيرتها الأميركية اللاتينية. فبالرغم من ارتفاع مستوى بعض المنتخبات وأبرزها المنتخبين الأرجنتيني والبرازيلي وبدرجة أقل الأوروغواياني والكولومبي، فإنّ التنظيم الضعيف وأرضية الملاعب ومستوى التحكيم والتجهيزات كلّها أمور بحاجة إلى إعادة نظر إذا أراد اتحاد الكونميبول مجاراة نظيره الأوروبي الويفا.
الأمر الثاني هو ارتفاع مستوى الخشونة لدى الكثير من اللاعبين وحتى المنتخبات التي تلجأ في الكثير من الأحيان إلى لقساوة الزائدة في اللعب من أجل عرقلة نجوم الفرق الخصم حتى بات اللاعبين الموهوبين أمثال ميسي ونيمار عرضة للإجتياحات التي قد تؤدي إلى إصابات خطيرة ربما تصل إلى أبعد الحدود، لذا فالمطلوب معالجة هذا الأمر عبر صرامة أكبر في قرارات الحكام.
وبالعودة إلى موضوع ميسي، لماذا آثرنا الحديث عن إحرازه لقبًا دوليًا مع بلاده الأرجنتين؟
بكل بساطة لأنّ هناك الكثير من المشجعين الذين يعيّرون بعض النجوم بعدم فوزهم بألقاب دولية واكتفائهم بالألقاب التي يفوزون بها مع أنديتهم. وميسي بالتحديد مطالب بالكثير كونه موهوب جدًا ويلعب مع منتخب عريق وقوي ويعج بنجوم آخرين صحيح أنهم أقل مستوى من ميسي ولكن وجودهم مع أي منتخب كفيل بتشكيل فريق قوي ومرشح لحصد الألقاب القارية وحتى الدولية وهو ما يتمناه الأرجنتيون أن يحصل في مونديال قطر القادم ورؤية نجمهم الصغير الحجم والكبير الفعل يتوج مسيرته مع الأرجنتين بحمل الكأس التي ما زالت الأغلى بالرغم من غلاوة كؤوس كثيرة أخرى حيث لم يأت بعد أي لقب يطغى على أهمية لقب كأس العالم.
مواضيع ذات صلة :
اليونيفيل: الأرجنتين سحبت 3 عسكريين من بعثة حفظ السلام في لبنان | الأرجنتين تحافظ على صدارة التصنيف العالمي والمغرب الأول عربياً | جائزة تاريخية حصل عليها ميسي |