كيف صمدت خدمة الإنترنت في أوكرانيا أمام الهجوم الروسي؟
رغم تعرض كثير من منشآت البنية التحتية، للهجوم من قوة عسكرية كبرى تتمتع بقدرات إلكترونية مثل روسيا، إلا أن الإنترنت في أوكرانيا لا يزال سليما إلى حد كبير، مما يسمح لملايين الأشخاص الذين بقوا في البلاد بإيصال أصواتهم للعالم، بعد الأيام الأولى التي شهدت انقطاع الاتصالات وضعفها.
ففيديوهات الطفلة الأوكرانية، أميليا، وهي تغني “دعها تذهب” من فيلم ديزني الشهير “فروزن”، بينما كانت عالقة في ملجأ تحت الأرض في كييف، والفرقة الأوكرانية التي ترتدي معدات قتالية كاملة وهي تقدم بثا مباشرا مع نجم البوب، إد شيران، والمدنيين الذين يثبون على الدبابات الروسية للتلويح بالعلم الأوكراني، سيطرت على مواقع التواصل الاجتماعي في أنحاء العالم، ما ساهم في تقوية رد عام عالمي لدعم الشعب الأوكراني.
ومع استمرار اتصال معظم المدن الأوكرانية بشبكة بالإنترنت، وخاصة الكبرى منها، ورغم الانقطاعات اليومية، فإن البنية التحتية الشاملة التي تدعم الإنترنت أثبتت قدرتها على الصمود، بمساعدة المهندسين والخطط الاحتياطية، كما كشف تقرير لصحيفة “واشنطن بوست”.
لكن مدنا أخرى مثل ماريوبول المحاصرة، تعاني بشدة من قطع الخدمة، بل والاتصالات الأخرى أيضا من جراء القصف الروسي المتواصل على المدينة.
وأفاد مراسلو وكالة أسوشييتد برس، الذين بقوا في المدينة حتى يوم 15 مارس، بأنهم اضطروا إلى الاعتماد على هواتف الأقمار الصناعية بمجرد انقطاع الإنترنت تماما.
وبينما توقع خبراء الأمن السيبراني لسنوات أن اللقطات الأولى للحروب الحديثة ستؤخذ في الفضاء الإلكتروني، مع قيام الدولة الغازية بإضعاف قوة خصمها على التواصل وإذكاء الفوضى من خلال القضاء على الإنترنت، فإن هذا لم يحدث في أوكرانيا.
وبدلا من ذلك، شنت روسيا هجمات إلكترونية، بما في ذلك اختراق شبكة مزود الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في بداية الغزو، وتقويض خدمات الشركة المزودة للهواتف والإنترنت “أوكرتليليكوم”.
لكن الهجمات كانت أصغر وأقل تدميرا مما توقعه العديد من الخبراء.
ويرى جون فيراري، الزميل غير المقيم في معهد أميركان إنتربرايز، أنه “ربما توقعت روسيا أن تكون بحاجة أيضا إلى الاستفادة من البنية التحتية بمجرد احتلالها البلاد”، مضيفا أن “القوات الروسية داخل أوكرانيا تحتاج أيضًا إلى الإنترنت والخدمة الخلوية للتواصل مع بعضها البعض”.
وقال مدير تحليل الإنترنت، دوج مادوري، الذي يراقب تدفق البيانات العالمية، إن “البنية التحتية للإنترنت في أوكرانيا متطورة بشكل جيد، وغالبا ما تتضمن خطوط ألياف متعددة يمكن أن تغطي نفس المناطق”.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تضطر فيها أوكرانيا لصد الهجمات الإلكترونية الروسية. ففي عام 2015، اخترقت روسيا مزودي الطاقة الأوكرانيين وأوقفت الكهرباء عن عشرات الآلاف من الأشخاص. منذ ذلك الحين، عملت الدولة على دفاعاتها الإلكترونية.
أما في المناطق التي فشلت فيها خدمة الإنترنت، نتيجة القصف الذي دمر كابلات الألياف أو بسبب انقطاع التيار الكهربائي، ترسل شركات الاتصالات في أوكرانيا العمال إلى الميدان لإصلاح ما يمكن إصلاحه.
وقال وزير التحول الرقمي الأوكراني، ميخايلو فيدوروف، في مقابلة مع صحيفة “ذا بوست”، إن عمال الاتصالات الأوكرانيين يبذلون جهدا بطوليا لإبقاء مواطنيهم على اتصال ووالحفاظ على توفر الخدمة.
وتقوم الحكومة الأوكرانية أيضا بإعداد خيارات النسخ الاحتياطي عند فشل الخدمة التقليدية.
كما استقبلت الدولة الآلاف من معدات خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية “ستارلينك”، من الملياردير الأميركي، إيلون ماسك، لتقديم خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية “ستارلينك”.
بالرغم من أن خدمة الأقمار الصناعية عموما ليست سريعة أو قوية مثل اتصالات الإنترنت على الأرض، فإنها يمكن أن تكون نسخة احتياطية مفيدة، يستخدمها المدنيون الأوكرانيون والجيش بالفعل.
وتم إعادة توظيف تطبيق حكومي، تم تطويره في البداية لمساعدة الأوكرانيين في الوصول إلى الخدمات العامة وتنظيم اختبارات فيروس كورونا، للسماح للأشخاص بالإبلاغ عن مواقع الدبابات والجنود الروس حتى تتمكن القوات الأوكرانية من العثور عليهم وتدميرهم.
وبسبب كل هذه الجهود، تمكن الصحفيون والأشخاص العاديون من استخدام الإنترنت، لكشف تفاصيل الدمار الذي لحق بالتجمعات السكنية المدنية من جراء القصف الروسي، والفيديوهات التي تظهر إصابة أمهات أثناء إجلاءهن من مستشفى للولادة في ماريوبول بعد أن ضربته القوات الروسية.
وقام الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلنسكي، بتحميل مجموعة ثابتة من مقاطع الفيديو على حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، مما ألهم الأوكرانيين للرد.
وأصبحت قنوات التواصل الاجتماعي تمتلئ بقصص الشجاعة الأوكرانية، مما يدفع الناس إلى مطالبة حكوماتهم بإرسال مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا وفرض عقوبات أكثر صرامة على روسيا.
مواضيع ذات صلة :
بعد قرار بايدن.. أوكرانيا تنفذ أول هجوم بصواريخ “أتاكمز” | بوتين يُحدّث “العقيدة النووية”.. محاولة روسيّة لرسم “خط أحمر” للولايات المتحدة وحلفائها | تحذير أوكراني من كارثة نووية محتملة |