انتشار تقنية “التوأمة الرقمية” حول العالم

تكنولوجيا 21 كانون الأول, 2022

لا يحتاج سائقو مركبات “تيسلا” الكهربائية للذهاب إلى ورش الصيانة لإصلاح مركباتهم، وذلك لأن “توأمها الرقمي” يتولى ذلك حتى قبل وقوع المشكلات فيها. وابتكـرت شركة “تيسلا” الأميركية “توائم رقمية” لمركباتها، عبر قيام المستشعرات المثبتة على المركبات بإرسال واسـتقبال المعلومات من وإلى الكيانات الرقمية عبر الإنترنت فائق السرعة.
وتسمح البيانات التي يتم جمعها بتتبع حالة عمـل السـيارة، واكتشـاف المشـكلات قبـل حدوثها. ولم تكتف قطر بإنشاء ملاعب لكرة القدم لاستضافة مباريات كأس العالم لكرة القدم، لكنها أقامت “نسخاً رقمية” من تلك الملاعب بكل تفاصيلها الموجودة فعلياً على الأرض.
وتتيح “التوأمة الرقمية” مراقبة ما يجري في تلك الملاعب، والتدخل إن لزم الأمر في كل ما يحدث في الملعب الحقيقي عن بعد. فـ”التوأمة الرقمية” ليست صورة ثلاثية الأبعاد للنسخة الأصلية للأماكن والآلات والأنظمة، أو رصد التفاعلات فيها فقط، لكنها تقوم باتخاذ إجراءات محددة.
وتصل تلك الإجراءات على سبيل المثال إلى التدخل الآلي في الملاعب عند حدوث الحرائق في أي جزء منها، وإغلاق البوابات المؤدية إليها وإطلاق نظام الإنذار وإرسال رسائل إلى فرق الإطفاء والإسعاف.
و”التوأمة الرقمية” في أبسط تعريف لها، تقوم على إيجاد نظير افتراضي لأي جسم أو نظام مادي أو خدمي، وتكوين رابط بين العالمين، المادي الحقيقي والرقمي الافتراضي. فهي تكون كـ”البلورة السحرية” التي تستطيع معرفة كل ما يخص النسخة الحقيقية من الأشياء، إضافة إلى التحكم فيها.
وتعتمد “التوأمة الرقمية” على الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، ونمذجة بناء المعلومات، وتعلم الآلة والبيانات، إضافة إلى توفر المستشعرات بأسعار منخفضة.
ومع أن فكرة التوأمة الرقمية لم تتبلور، إلا عندما نشر الباحث في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) جون فيكرز “خريطة الطريق لعام 2010″، إلا أن الأكاديمي الأميركي مايكل جريفز هو أول من بدأ بتداولها قبل ذلك بثماني سنوات.

وفي عام 2017، تزايد الاهتمام “بالتوأمة الرقمية” حيث وضعته مؤسسة “غارتنر” للأبحاث ضمن قائمة أهم 10 توجهات تكنولوجية مستقبلية. لكن فكرة التوأمة تعود إلى عام 1970 حينما أنقذ مهندسو وكالة “ناسا” مركبة “أبولو 13” الفضائية من انفجار خزان الأوكسجين فيها، عبر استخدامهم أسلوب المحاكاة، وإنشائهم توأماً مماثلاً للمركبة في المحطة الأرضية.
وسمحت تلك الخطوة للمهندسين باختبار أفضل الحلول الممكنة، وهم على بعد أكثر من 300 ألف كيلومتر من المركبة الفضائية، في ما يمكن اعتباره أحد التطبيقات المبكرة للتوأمة الرقمية.
وتعتمد “ناسا” حالياً على “التوائم الرقمية” لتطوير عملها، واستكشاف المشكلات وإصلاحها، وتفادي الأخطاء.
ويتم إنشاء التوائم الرقمية لأي جسم أو كيان أو نظام، بعد إرسال الأخيرة كل المعلومات المتغيرة المرتبطة بها بشكل متواصل إلى الكيان الافتراضي. وجاء ذلك في ظل توفر مليارات المستشعرات، وكاميرات الفيديو الذكية، والإنترنت فائق السرعة.
ويتيح نقل البيانات بسهولة للكيان الرقمي (الافتراضي) أن يوجد في ذات الوقت مع الكيان المادي باستخدام أجهزة الاستشعار.
وكانت عملية الربط الإلكتروني لملاعب كأس العالم في قطر الأولى من نوعها في العالم، حيث تنقل أنظمة الإنذار المرتبطة بالملاعب المعلومات لتوأمها الرقمي، كما تنقل الصورة مباشرة لتحديد خطورة أي حدث.
ولا يقتصر استخدام “التوأمة الرقمية” على الملاعب والسيارات، لكنه تعداها إلى إنتاج الطائرات والأدوية والمنشآت الحيوية النووية والمياه والكهرباء والبترول، إضافة إلى أعضاء الإنسان وكوكب الأرض.

وتعمل شركة “تكيدا” للأدوية على استخدام “التوأمة الرقمية” لمساعدتها في تسريع التجارب وتطوير أساليب تصنيع جديدة وإنتاج البيانات للوصول إلى قرارات وتوقعات أكثر دقة.
كما تتعاون شركة “داسو سيستم” مع إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة الأميركية على اختبار منصـة “مشـروع القلـب الحـي”، بهدف وضع نموذج لنظام القلب والأوعيـة الدموية مـن أجـل البحـث والعـلاج والتجـارب السريرية وغيرها من الاستخدامات العلمية والتجارية.
واكتملت المرحلة الأولى مـن المنصة، وحققـت عديـداً مـن الخطـوات المتقدمـة، ويجـري حاليـاً تنفيـذ المرحلـة الثانيـة للاختبـار علـى المرضـى الافتراضـيين لتحسـين كفـاءة التجـارب السـريرية لتصاميم الأجهزة الجديدة.

كما تعمل شركة “بوينغ” لإنتاج الطائرات التجارية والعسكرية على استخدام “التــوأم الرقمــي” لتصــنيع طــائرة جديــدة بعــد تشــغيل عمليــات المحاكــاة للتنبــؤ بــأداء مختلــف مكونات الطائرة علـى مـدار دورة حيـاة المنـتج.
وسـمح ذلـك لمهندسـي “بوينـغ” بـمعرفة الوقت المتوقع لفشل المنتجات، وتحقيق ما يصل إلى 40 في المئة مــن التحسين في جودة الأجــزاء والأنظمة التي يتم بناؤها لطائرات معينة.
وتبحث شركة “بوينغ” استخدام “التوأم الرقمي” لتحقيق معادلة مثالية لوزن البضائع لتحديد حمولة شحن آمنة ما سيزيد من عائدات الشحن لكل رحلة.
وبهدف التوصل إلى حلول للتغير المناخي، وتوقع مسقبل أعلى دقة لمستقبل الأرض، بدأت شركة “إنفيديا” العام الماضي، بالعمل على إنشاء توأم رقمي للأرض.
ويتلقى “التوأم الافتراضي” للأرض عبر مستشعرات ذكية تغطي الأرض معلومات آنية مستمرة عن الضوء والجاذبية والمغناطيسية والحرارة والرطوبة والأمطار، مما يوفر كميات هائلة من البيانات.
وفي مارس (آذار) الماضي، أعلنت المفوضية الأوروبية بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية خططاً لإنشاء “توأم رقمي للأرض”.
ويأمل القائمون على المشروع تزويد دول العالم مع نهاية عام 2024 بخطط ملموسة لإنقاذ الأرواح في مواجهة الفيضانات والجفاف وموجات الحر، والزلازل والانفجارات البركانية وأمواج تسونامي.
وتنتشر في هذه الأيام توأمة المدن في العالم الرقمي، حيث أنشأت شنغهاي وسنغافورة توائم رقمية لهما للمساعدة في تحسين تصميم وتشغيل المباني وأنظمة النقل والشوارع.
كما وصلت “التوأمة الرقمية” إلى شركات العناية بالشعر، حيث تستخدمها في تصميم عبوات شامبو أكثر استدامة، بدلاً من تصنيع عدد كبير من النماذج الأولية، ما من شأنه أن يقلل من النفايات.

المصدر: INDEPENDENT عربية

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us