كيف تعاطى المجتمع الأميركي السياسي والتكنولوجي مع صعود “ديبسيك”؟

تكنولوجيا 29 كانون الثاني, 2025

أثار الصعود الصاروخي لـ”ديبسيك”، المنافس الصيني لـ”تشات جي بي تي” في ساحة الذكاء الاصطناعي التي هيمنت عليها الولايات المتحدة بقوة في السنوات الأخيرة، مخاوف لدى مجموعات التكنولوجيا الأميركية العملاقة والسلطات في واشنطن، مع دعوات للتصدّي سريعاً لهذا التقدّم الصيني قبل فوات الأوان

.

وقال السيناتور الديموقراطي تشاك شومر “إذا تخلفت أميركا عن الصين في مجال الذكاء الاصطناعي، فإنها ستتخلف عنها في كل شيء: اقتصادياً وعسكرياً وعلمياً، وفي التعليم وفي كل مكان”.

في الأسبوع الماضي، أطلقت شركة “ديبسيك” الصينية الناشئة نموذجاً جديداً للذكاء الاصطناعي يشبه “تشات جي بي تي” (من “أوبن إيه آي”) و”جيميناي” (من “غوغل”) وغيرهما، ولكن بجزء بسيط من التكلفة التي تكبّدتها الشركات العملاقة الأميركية.

وقد أثار الاعتماد السريع لتقنية “ديبسيك” الدهشة والإعجاب، وأدى إلى تراجع كبير في أسهم شركة “إنفيديا” (المورد الرائد لشرائح الذكاء الاصطناعي) في بورصة وول ستريت، وسط سيل من التحذيرات.

وقال تشاك شومر أمام زملائه في الكونغرس إن “الابتكار الصيني مع ديبسيك مذهل، لكنه لا يُقارن بما سيحدث إذا تغلبت الصين على الولايات المتحدة في تحقيق الهدف النهائي المتمثل في الذكاء الاصطناعي العام”.

واستحضر شومر بذلك الهدف الذي تسعى “أوبن إيه آي” ومنافسوها لتحقيقه في نهاية المطاف والمتمثل في بلوغ مرحلة يكون فيها الذكاء الاصطناعي ذا قدرات معرفية مكافئة لتلك التي يتمتع بها البشر.

وأضاف “لا يمكننا، ولا ينبغي لنا أن نسمح بحدوث ذلك”.

“مذهل”

منذ سنوات، تتخذ حكومة الولايات المتحدة خطوات للحفاظ على ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي الذي تعتبره من قضايا الأمن القومي.

من هنا، تقيّد ضوابط على التصدير قدرة الصين على الوصول إلى أكثر الرقائق تطوراً، خصوصاً تلك التي تنتجها شركة “إنفيديا” والتي أدّت إلى ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي لدى “أوبن إيه آي”.

لكن هذه القيود لم تؤتِ ثمارها على ما يبدو، إذ أشارت شركة “ديبسيك” إلى أنها استخدمت أشباه الموصلات الأقل تطوراً من شركة “إنفيديا” (التي يُسمح باستيرادها) وطرقاً مختلفة لتحقيق نتيجة تعادل أفضل النماذج الأميركية.

ويتصدر التطبيق الصيني قائمة أكثر التطبيقات تحميلاً على أجهزة “أبل”، وقد بدأت شركات أميركية بالفعل باعتماد واجهة برمجة النموذج لخدمات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.

ومن بين هذه الشركات، “بربلكسيتي” التي تجمع بين وظائف مساعد الذكاء الاصطناعي ومحرك البحث.

وقال رئيس الشركة الناشئة في كاليفورنيا سوكس أرافيند سرينيفاس عبر منصة إكس “إن دمج (نموذج) آر1 من ديبسيك مع البحث عبر الإنترنت أمر مذهل حقاً، إذ نرى النموذج يفكر بصوت عالٍ مثل شخص ذكيّ ويستشير مئات المصادر”. وأشار إلى أن بيانات مستخدمي الشركة موجودة على خوادم غربية.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي” سام ألتمان إنه “أُعجب” بهذه المنافسة الجديدة ولكنه “شعر بنشاط متجدّد أيضاً”.

“رصاصة في القدم”

لكنّ عدداً من المسؤولين المنتخبين والشخصيات المتخصصة في التكنولوجيا يربطون في المقام الأول بين التقنيات الصينية والتضليل والتجسس.

وكتب النائب الجمهوري مارك غرين على منصة “إكس”: دعونا نكُنْ واضحين: “آر1” من “ديبسيك” هي ذراع رقمية أخرى للحزب الشيوعي الصيني الذي يراقب أيّ انتقاد للحزب والرئيس شي جينبيغ.

وقال روس بورلي، المؤسس المشارك لـ”مركز مرونة المعلومات” Centre for Information Resilience، وهي منظمة غير حكومية، “إن دمج الذكاء الاصطناعي الصيني في المجتمعات الغربية ينبغي أن يثير قلقنا”.

وأضاف “لقد رأينا مراراً وتكراراً كيف تستخدم بكين هيمنتها التكنولوجية للمراقبة والسيطرة والإكراه، سواء في الداخل أو الخارج”.

ويلوّح رئيس شركة “ميتا” مارك زوكربرغ دائماً بالفزاعة الصينية أمام المسؤولين المنتخبين الأميركيين في كل مرة يفكرون فيها في فرض ضوابط تنظيمية على منصاته.

وقال أخيراً عبر بودكاست جو روغان “إن ديبسيك يقوم بعمل جيد للغاية، ولكن إذا سألتموه هل حدثت حملة القمع في ساحة تيانانمين، فسوف ينكر ذلك”.

وأضاف “إن كان هناك نموذج مفتوح المصدر يستخدمه الجميع، يجب أن نرغب في أن يكون نموذجاً أميركياً، أليس كذلك؟”.

وبحسب موقع “ذي إنفورميشن” المتخصص، شكّلت “ميتا” مجموعات أزمة لتشريح ظاهرة “ديبسيك” وتحسين نموذجها المفتوح “لاما”.

ويثير التقدم الصيني في هذا المجال مخاوف قوية للغاية في الولايات المتحدة لدرجة أنه سمح، في حدث نادر للغاية، للجمهوريين والديموقراطيين بالاتحاد. وقد أقرّ مسؤولو الحزبين العام الماضي قانوناً لحظر تطبيق “تيك توك” التابع لمجموعة “بايت دانس” الصينية. لكن هذه المقاربة غير ذات جدوى بنظر العديد من المهندسين.

وروى شيدينغ يو عبر منصة “إكس” كيف اختار متدرب صيني من فريقه في “إنفيديا” الانضمام إلى “ديبسيك” في عام 2023، عندما كانت الشركة الناشئة لا تزال صغيرة.

وكتب “إذا واصلنا إثارة النظريات الجيوسياسية وخلق بيئات معادية للعلماء الصينيين، فإننا كمن يطلق رصاصة في القدم”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us