أطفال لبنان يدفعون ثمن الأزمة…سوء تغذية وتراجع الرّعاية الصّحية وعمالة مبكرة
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
أطفال لبنان مهدّدون، ومستقبل جيلٍ كاملٍ على المحكّ، من جراء تفاقم تداعيات الأزمة الاقتصادية التي فرضت تحدّياتٍ قاسية عليهم، وهدّدتهم بنقص التّغذية وانخفاض الرعاية الصحية وارتفاع معدل العمالة بين صغار السّنّ.
ففي تشرين الأول الماضي 53% من الأسر التي لديها طفل واحد على الأقل قامت بتقليل وجبات الطعام، فيما اضطرت ثلاث من عشرة أسر إلى تخفيض نفقات التّعليم.
وهدّدت الأزمة الاقتصادية التي يمرّ بها لبنان فرص حصول 700 ألف طفل على تعليمهم، منهم 260 ألف طفلًا لبنانيًّا.
هذا وارتفع عدد الأسر اللّبنانية التي أرسلت أطفالها إلى العمل لإعالتها بنسبة 12%.
أما بالنسبة للرّعاية الصّحية فهناك 34% من أطفال لبنان لم يتلقوا الرعاية اللّازمة حين كانوا بأمس الحاجة لها.
وفقدت الليرة أكثر من 90% من قيمتها وبات نحو 80% من السّكان تحت خط الفقر، بينما يرتفع المعدل أكثر في صفوف اللاجئين الفلسطينيين والسوريين.
وتقول منى المقيمة في عكار لـ “هنا لبنان” أفقر مدن لبنان، أنها ترسل أولادها إلى المدرسة بلا طعام، وفي معظم الأحيان ينامون وبطونهم خاوية، لأنّ العائلة لا تستطيع تأمين عددٍ كافٍ من الوجبات”.
وتضيف “زوجي متوقفٌ عن العمل منذ حوالي العام ولا معيل لنا”.
أما حياة (13 عاماً) من بيروت فاضطرّت للعمل في معملٍ لتغليف الشوكولا لمساعدة أهلها، لأنّ والدها بلا عمل، ويتوجّب عليهم تسديد إيجار البيت شهرياً، كما يعمل شقيقها محمد (16 عاماً) في خدمة التوصيل “الديلفري”.
من جهته يقول جهاد وهو أبٌ لطفلين أن ابنه (6 سنوات) “التقط بكتيريا تسبّبت له بالتهابٍ في الحلق، وكان علينا أن نشتري له دواءً بـ 345 ألف ليرة لكن لم أتمكّن من ذلك، فلجأت إلى العلاجات الطبيعية ما أدّى إلى تدهور حالته الصحية أكثر”.
الخبير الاقتصادي د. محمود الجباعي، يشير إلى أنّ “الأزمة الاقتصاديّة في لبنان وصلت إلى منحىً خطيرٍ جداً، إلّا أنّ الاقتصاد الموازي الذي يعتمد على التّحويلات الخارجيّة هو الذي يحرّك ما تبقّى من الاقتصاد، الأمر الذي خلق اقتصاداً نقدياً في السّوق، والذي بدوره أدّى إلى تفاوتٍ طبقيٍّ خطير، حيث أنّ مجموعةً من النّاس تستطيع تلبية حاجاتها بسبب حصولها على التّحويلات أو أنها تتقاضى رواتبها أو جزءًا منها “بالفريش دولار” أو هم من أصحاب الأعمال الحرة الذين يتقاضون أتعابهم بالعملة الصّعبة”.
ويتابع “أمّا البعض الآخر من النّاس فتدهورت قدرتهم الشّرائيّة لاعتمادها على اللّيرة اللّبنانية فقط، ما جعلهم في وضعٍ اجتماعيٍّ مأساويٍّ وأفقدهم القدرة على تلبية حاجاتهم الأساسيّة والغذائيّة”.
ويضيف الجباعي أنّه “من الطبيعي أن تكون أكثر الفئات تضرّراً من جراء الأزمة هي فئة الأطفال، واليوم نلاحظ الكثير من التّقارير الدّوليّة التي تتحدّث عن عددٍ كبيرٍ من أطفال لبنان باتوا ينامون جياعاً، لعدم قدرة عائلاتهم على تأمين الغذاء لهم، فاليوم السّلّة الغذائية بالحدّ الأدنى تتطلب 4 ملايين ونصف المليون لكلّ عائلةٍ كي تتمكّن من العيش، عدا عن أسعار المازوت والبنزين والدواء والكهرباء والمدارس”.
ويلفت إلى أنّ “50% تقريباً من الشّعب اللّبناني يعيشون معاناةً خطيرةً ما انعكس على أطفالهم لناحية سوء التّغذية والتّعليم وقلّة الرّعاية الصّحية، والمشاكل النفسية خصوصاً في المدارس”.
ويؤكّد على أنّ أطفال لبنان خرجوا من المنظومة الطّبيعيّة للحياة فبدل أن يكون مكانهم في المدرسة، يلجأ الكثير منهم إلى العمل المبكر لتغطية كلفة غذائهم وهو أمرٌ له تداعياته على المجتمع في المستقبل، فارتفاع معدلات عمالة الأطفال هو مؤشّرٌ لزيادة نسبة الأميّة وبالتالي تراجع مستوى إنتاجيّة العمل.
وقد شدّد د. الجباعي ختامًا على ضرورة إيجاد الحلول السّريعة وإلا فسوف نكون أمام انفجارٍ مرتقب، فالاقتصاد النقدي جعل لبنان محكومًا من أصحاب المال وأصبح البقاء للأقوى.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |