التيار- الحزب في مرحلة الانفصال.. هل يستمرّ الزواج الماروني إلى ما بعد الانتخابات؟
كتبت نايلة المصري لـ “هنا لبنان”:
شكّل الـ “لا قرار” الّذي اتّخذه المجلس الدستوري ضربةً قاضيةً للصّفقة التي حُكي عنها والتي كان يُحضّر لها في الكواليس لضرب الانتخابات النيابية من جهة، وتطيير التّحقيق في انفجار المرفأ من جهة ثانية. وظهر للعلن خلافٌ قديمٌ جديد بين التيار الوطني الحر وحزب الله، ما أعاد الحديث عن إمكانية الانفصال بين الحليفين اللدودين إلى الواجهة من جديد. فهل بتنا في الحلقات الأخيرة لهذا التفاهم الذي استمرّ لأكثر من 10 أعوام؟ أم أنّ الحاجة إلى غطاءٍ مسيحيٍّ قد تعيد ترتيب الأمور؟
عطالله: الأمور مفتوحةٌعلى مصراعيها
سؤالٌ حملناه إلى الوزير السابق غسان عطالله الّذي أكّد في حديثٍ لـ “هنا لبنان” أنّ “الخلاف بين التيار الوطني الحر وحزب الله ليس بخلافٍ جديدٍ، إذ أنّه ومنذ سنةٍ تمّ إنشاء لجنةٍ مشتركةٍ ما بين الحزبين لصياغة تفاهمٍ جديدٍ يتماشى مع الأيّام التي وصلنا إليها، نظراً لوجود خلافاتٍ في الموضوع الإصلاحي والقوانين”.
وقال: “بعد الـ “لا قرار” الذي صدر عن المجلس الدستوري، أصبح من الضروريّ أن نكون أكثر وضوحاً، ففيما يتعلق بالأمور الاستراتيجية والعداء لإسرائيل لا خلاف على الإطلاق، إنّما الخلاف يظهر على المستوى الداخلي، إذ لا يمكن أن يستمرّ الوضع على ما هو عليه. فمنذ ستّة أشهر وحتى اليوم بات الخلاف متجذراً أكثر”.
ورداً على سؤاله حول ما إذا كانت هذه الخطوة اليوم هي لشدّ عصب الجمهور قبيل أشهرٍ قليلةٍ من الانتخابات في ظلّ الأحاديث التي تؤكّد تراجع شعبيّة التيار الوطني الحر، اعتبر عطالله أنّ “من ليس لديه قراءةٌ طويلةٌ في تاريخ التيار الوطني الحر يمكن أن يصل إلى هذا الاستنتاج، فمنذ 2019 كانت هناك خلافاتٌ كبيرةٌ بين الحزبين، لا سيما في الموضوع الإصلاحي وموضوع الفساد”.
وحول الخطوات المقبلة التي قد يقدم عليها التيار، لا سيما بعد تقديم طلب مساءلة الحكومة، أكّد عطالله أنّ هذا الأمر طبيعيٌّ في ظلّ كلّ الأوضاع التي تمرّ بها البلاد، متوقعاً إمكانية الوصول إلى سحب الثقة منها، على الرغم من أنّ التيّار ممثّلٌ فيها.
بولس: كل الأمور تتمّ بتنسيقٍ تام
في المقابل، يرى الكاتب والمحلّل السياسي طوني بولس أنّ “العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله علاقةٌ متينةٌ، ولا يمكن لأيّ شيء أن يزعزع هذا الحلف الاستراتيجي، نظراً للتّلاقي الموجود لناحية العداء لاتفاق الطائف وتركيبة لبنان ونظامه وما يُعرف بحلف الأقليّات الذي تقوده إيران ويهدف إلى جمع الدروز والمسيحيين والعلويين لمواجهة السنة في المنطقة، ومن هنا عمق العلاقة، وبالتالي ما يجري اليوم في الإعلام هو بسيطٌ وهامشيّ باعتبار أنّ هذين الطرفين يلتقيان في الأمور الاستراتيجية، ويحاولان، تحت دواعٍ انتخابية وشعبوية، إظهار نقاشٍ بينهما”.
وفيما يتعلق بالموضوع الحكومي، اعتبر بولس أنّ ما يجري هو في إطار شدّ العصب فقط لا غير، وفي إطار التمايز الذي يحاول التيار إظهاره بينه وبين حزب الله، لا سيما أمام الرأي العام المسيحي الذي لديه هواجسه من الحزب، مشيراً إلى أنّ الحكومة معلّقةٌ بإرادة حزب الله وبموافقةٍ ضمنيّةٍ من رئيس الجمهورية، وبالتالي فإن كان التيار فعلًا غير راضٍ على ما يجري ما عليه سوى الاستقالة من الحكومة، خصوصاً وأنّه يملك الثلث المعطل فيها، مستبعداً بالتالي الإقدام على هذه الخطوة لأنها تضرب مصالح حزب الله.
ورداً على سؤاله حول ما يمكن أن يُقدم عليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد قرار المجلس الدستوري، قال بولس: “جلّ ما يمكن أن يقوم به رئيس الجمهورية هو تأجيل الانتخابات إلى أيار، معرباً عن تخوّفه من أن يعود الحزب إلى الحقبة الأمنية في لبنان، لا سيما الاغتيالات السياسية، في ظلّ الأوضاع الصّعبة التي يعيشها وإيران في المنطقة، لتغيير المعادلة القائمة، وبالتالي هناك مخاوف كبيرة من هذا الموضوع، ومخاوف أيضاً من أن يطيح الحزب بالانتخابات النيابية، في ظلّ كل الإحصاءات التي تتحدث عن تراجع في شعبيته، للاتجاه إلى ما يُعرف بالمؤتمر التأسيسي، الذي لطالما تحدث عنه الأمين العام لحزب الله”.
وحول إذا ما ستكون نهاية عهد الرئيس ميشال عون شبيهةً بنهاية عهد الرئيس ميشال سليمان لناحية الخلاف مع حزب الله، نفى بولس إمكانية الوصول إلى هذه النقطة، مؤكّدًا أنّ الأمور مختلفة ما بين الرجلين، فـ “الظروف السياسية ما بين العهدين مختلفة تماماً فعهد الرئيس سليمان ختم بالإشارة إلى الثلاثية الخشبية وبتحييد لبنان عن الحرب في سوريا، فيما عهد الرئيس ميشال عون انصهر بالمشروع الإيراني في المنطقة، وأتى ليؤكّد المعادلة التي أرساها حزب الله، لناحية الجيش والشعب والمقاومة، إلاّ أنّ المفاجئ في نهاية عهد ميشال عون هو موقف الجيش والسلطة القضائية، اللذين أثبتا أنّه بالإمكان أن يكون لهما دورٌ في المرحلة المقبلة لإرساء معادلةٍ جديدةٍ تقوم على الجيش والقضاء والشعب، للقضاء على المعادلات السابقة التي سبّبت الأذى للبنان.