كيف أثّرت الحرب الأوكرانية على لبنان.. ثقافياً واقتصادياً واجتماعياً؟!
كتبت فاتن الحاج حسن لـ “هنا لبنان” :
لا شكّ بأنّ الحرب بين روسيا وأوكرانيا لها تأثير كبير على العالم، ومن ضمنه لبنان. فإنّ نواحٍ عديدةً سوف تتضرّر من جراء هذه الحرب، لِما بين لبنان وأوكرانيا بالتحديد من علاقاتٍ ثقافيّةٍ وعائليّةٍ واقتصاديّةٍ متشعّبة.
للإضاءة على هذه النواحي، حاورنا أحد المطّلعين على تلك العلاقات وتأثير انقطاعها على الوضع اللبناني عموماً.
إنّه رجل الأعمال الأوكراني من أصلٍ لبنانيٍّ فارس اللاهوط مؤسّس “المركز الثقافي اللبناني في أوكرانيا”، كما أنّه بصدد تأسيس “جمعيّة البيت الأوكراني في لبنان”.
ففي ما خص أبرز نواحي تأثير الحرب الدائرة في أوكرانيا على اللبنانيّين المقيمين هناك، يقول اللاهوط بأن المقيمين في أوكرانيا إن كانوا طلّاباً فقد أقفلت جامعاتهم وتوقّف التعليم أونلاين، أمّا رجال الأعمال فتوقّفت أعمالهم وقد دُمّرت مؤسّساتهم وشركاتهم في المناطق التي فيها نزاع، في مختلف أنحاء البلاد. وهناك أوكرانيّون حائزون على الجنسيّة اللبنانيّة بفعل الزواج، هؤلاء تقطّعت بهم السُّبل مع أبنائهم في أوكرانيا. علماً أنّه – بفعل الوضع الاقتصادي المتدهور في لبنان خلال العامَين الماضيَين – انتقلت الكثير من العائلات إلى أوكرانيا ووقعت الحرب مؤخّراً هناك. حتّى أنّ اللبنانيّين المجنَّسين لم يعد بمقدورهم مغادرة أوكرانيا لأنّهم ملزمون بالالتحاق بالجيش لفئة الرجال بين عمر الثامنة عشرة والستّين عاماً. إذاً فمن استطاعوا الخروج والعودة هم من النساء والأطفال دون الرجال.
وبما أن عدد الطلّاب اللبنانيّين الذين كانوا يدرسون في أوكرانيا يقدّر بنحو الألف قبيل اندلاع الحرب، فإن مصير هولاء كان على المحك.
وفي هذا الصدد يوضح اللاهوط بأن الطلاب اللبنانيّين أكثريّتهم رحلوا نحو بولونيا ورومانيا والمجر بالتنسيق مع السفارات اللبنانيّة في هذه البلدان، وعادوا إلى لبنان. أمّا المناطق المحاصَرة من قبل الجيش الروسي فقد علق فيها الطلّاب ولم يستطيعوا المغادرة. ولكن لم يسجّل اختفاء أيّ لبناني حتّى اليوم. ويضيف بأن توقّف البنوك ومراكز تحويل الأموال في أوكرانيا عند بداية الأزمة كان ليومٍ واحدٍ فقط، وعادت لتعمل بشكلٍ طبيعي، ما سهّل عودة مئات الطلّاب اللبنانيّين.
وفي مسألة المنتجات الأوكرانيّة التي كان يستوردها لبنان من أوكرانيا والتي حُرم منها بسبب الحرب، ومدى تأثيرها على أمننا الغذائي، يوضح اللاهوط بأن لبنان يستورد من أوكرانيا أغلبيّة أنواع الحديد، وهذا توقّف حاليّاً بفعل الحصار الروسي على البحر الأسود والقصف للمنشآت. أيضاً فنحو نصف الخشب المستورد إلى لبنان يأتي من أوكرانيا. وإلى ذلك، ففي مجال الموادّ الغذائيّة يستورد لبنان ستّين بالمئة من القمح ومشتقّاته من أوكرانيا. وكذلك فمعظم السكّر والسكريّات والشوكولا مصدرها الأساسي من أوكرانيا ويعلّب القسم الأكبر منها في تركيا، من هنا فسوف ترتفع أسعار هذه السلع أيضاً.
أمّا الزيت النباتي وبخاصّةٍ زيت دوّار الشمس فـ ٨٠٪ منه من أوكرانيا، ويُعبّأ تحت أسماءٍ مختلفةٍ في لبنان، وفي موضوع الزيت بدأ التقنين ببيعه منذ عدّة أيّام.
أمّا الزبدة النباتيّة فكلّ موادّها الأوّليّة من أوكرانيا، وكذلك بودرة تصنيع الحليب ومشتقّاته جلّها من أوكرانيا.
وأيضاً فالجوز وبزر دوّار الشمس وبزر اللقطين يستورد بكميّاتٍ كبيرةٍ من أوكرانيا.
أمّا المشروبات الروحيّة القادمة من أوكرانيا فكميّتها هائلة، فمعظم الفودكا في لبنان من منشأٍ أوكراني.
إضافةً إلى استيراد لبنان لكميّةٍ لا يستهان بها من المواشي من أوكرانيا.
وأيضاً فعلف الدجاح والمواشي يُستورد بشكلٍ أساسيٍّ منها .
فإن لم تتوقّف الحرب قريباً مع العلم أنّ موسم الزراعة في أوكرانيا يبدأ من شهر نيسان، فقد يستعيض لبنان عن هذه المنتجات من مصادر أخرى، لكنّ التكلفة والأسعار سوف ترتفع لسببَين: الأوّل رخص ثمن البضائع الأوكرانيّة مقارنةً بغيرها، والثاني بُعد المسافة بين لبنان والدول التي قد تعوّض هذا النقص.
من ناحيةٍ أخرى، فإنّ مفاعيل الحرب مؤذية للصادرات اللبنانيّة نحو أوكرانيا، علماً أنّه – على سبيل المثال لا الحصر – كانت أوكرانيا تستورد بحوالي أربعمئة مليون دولارٍ سنويّاً من فاكهة الأفوكا. وقِس على ذلك.
مواضيع مماثلة للكاتب:
قطاع تربية النحل بين الإهمال الحكومي والاهتمام الأممي | فؤاد شهاب .. “الرئيس القائد”! | متلازمة الفيبروميالجيا: الأسلوب الأفضل للعلاج |