سموم فطرية في حليب أطفالنا المستورد…هل من سامع؟!!
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:
حليب الأطفال مجددًا… ولكن هذه المرة ليس من باب انقطاعه أو ارتفاع سعره بل من باب صحة أطفال لبنان المعرّضة للخطر.
فقد نشرت المجلة العالمية (Toxins-MDPI) دراسة علمية قام بها باحثون من الجامعة اللبنانية وجامعة القديس يوسف في بيروت، أظهرت نتائجها وجود السموم الفطرية (Aflatoxin M1) في عينات من منتجات حليب الأطفال المجففّ الأكثر استهلاكًا في لبنان، كما تم رصد نسب من الـ (Aflatoxin B1) في اثنتي وأربعين عيّنة من منتجات غذائيّة مخصصة للأطفال دون الخمس سنوات وموجودة في الأسواق اللّبنانية (بسكويت، حبوب الذرة والأرز والقمح وغيرها).
أنجز الدراسة فريق من الباحثين في الجامعة اللبنانية بإشراف الدكتورة مهى حطيط، منسقة لجنة رصد ومراقبة التغذية في مركز الجودة الجامعة اللبنانية و استاذة محاضرة في كلية الصحة العامة الجامعة اللبنانية، وفريق من كلية العلوم في الجامعة اليسوعية (USJ) بإشراف الدكتور أندريه الخوري والدكتورة رؤى ضو.
نتائج الدراسة أظهرت أن نسبة الـ (Aflatoxin M1) التي رُصدت في عيّنات منتجات حليب الأطفال بلغت نسبة تتخطّى الحدّ الأقصى الذي حددته المنظّمات الأوروبيّة المتخصصة، كما بيّنت الدّراسة أنّ الاستهلاك اليومي للـ(Aflatoxin M1) لدى الأطفال الرّضع بلغ نسبة مرتفعة تزيد خطر إصابتهم بالسرطان وخصوصًا سرطان الكبد.
ويمكن الإطلاع على الدراسة من خلال الرابط المرفق.
الدّراسة خلُصَت إلى أنه من المهمّ رصد مستويات السموم الفطرية في منتجات حليب الأطفال المطروحة في الأسواق اللّبنانية وإخضاعها للشروط والتشريعات المعمول بها محليًا ودوليًّا.
وفي هذا السياق أكدت الدكتورة حطيط لموقع “هنا لبنان” أن عينات من معظم أنواع الحليب المباع بالسوبرماركت أو الصيدليات أخضعت للفحص في مختبرات الجامعة اليسوعية، وقد تبيّن أن 10 في المئة من عينات حليب الاطفال تحتوي على نسب عالية من السموم الفطرية (Aflatoxin M1) التي تؤدي إلى الإصابة بأمراض السرطان بشكل عام وسرطان الكبد بشكل خاص عند الأطفال وهي نسبة مرتفعة وغير مقبولة تتخطى المعايير الدولية.
إلا أن هذه الدراسة لم تأتِ على ذكر ماركات الحليب التي وجدت فيها هذه السموم، وعند سؤالنا الدكتورة حطيط عنها جزمت أن وزارة الصحة هي المعنية بهذا الموضوع، “نحن كباحثين علميين لا يمكننا تسمية الماركات التي تم فحصها، لقد سلمنا وزارة الصحة الفحوصات والتقارير، والموضوع أصبح بعهدة الوزارة لإجراء ما تراه مناسباً، ونحن لا يحق لنا التواصل مع الشركات بشكل مباشر بل إن وزارة الصحة تتواصل مع الوكيل الذي استورد الحليب وهو بدوره ينسّق مع الشركة التي أرسلت أنواع الحليب.”
ولفتت حطيط إلى أن هذه الدراسة جزء من دراسة أوسع أجرتها ضمن عمل مركز الجودة وسيتم نشر دراسات أخرى قريباً حول الدهون المتحولة في حليب الأطفال، الألومينيوم، نوعية الدهون السيئة وزيت النخيل والملح والسكريات، وسيتم عرضها ضمن مؤتمر عالمي في قطر في أيلول المقبل.
وعن توقيت إجراء هذه الدراسة حول أصناف حليب وجدت في لبنان منذ وقت طويل، تؤكد حطيط أن “اليوم في ظل التفلت الحاصل على الأصعدة كافة كان هناك ضرورة ولا يزال لإجراء هذه الدراسة الأولى من نوعها في لبنان والتي تندرج ضمن أعمال المراقبة والرقابة التي نقوم فيها كباحثين خصوصاً أنه لا تجرى دراسات حول حليب الأطفال، وما يهمنا صحة أطفالنا لأنهم مستقبل البلد، إضافة إلى أن خلايا الأطفال تتكاثر بسرعة وأي خلل من الممكن أن يسمم هذا التكاثر ويؤدي إلى حالات مرضية، وإذا استمرينا بهذا الاتجاه نضع الشعب اللبناني تحت خطر الإصابة بالسرطان مع العلم أنه بحسب الإحصاءات لبنان من بين أعلى النسب في الشرق الأوسط من حيث عدد الإصابات بالسرطان.”
الدراسة التي نشرت في مجلة “ “Toxins العالمية المتخصصة في موضوع السموم، حظيت بحسب حطيط باهتمام واسع خصوصًا أنّها كتبت بشكل تفصيلي وتطرح مشكلة خطيرة جدًّا في مجتمع معروف عالمياً أنه يعيش وسط أزمة اقتصادية صعبة وحالة انهيار مالي وتدهور في القطاع الصحي، ما دفعنا للقيام بهذه الدراسة محذرين من مغبة الوقوع في أفخاخ الأمراض السرطانية إذا أهملنا الوقاية خصوصاً لدى الأطفال والفئات العمرية الصغيرة وإلا سنصل إلى مرحلة خطيرة جدا.”
وإذا كان ما يُرسل إلى لبنان من هذه المنتجات هو بالنوعية نفسها والرقم التسلسلي نفسه المستخدم في بلد المنشأ، لكان الأمر كارثيًّا، إلا أنّ هناك شكوكاً حول اختلاف الماركات المصدّرة إلى دول الشرق الأوسط عن تلك التي تستهلك في أوروبا. مع العلم أن لبنان كما الدول العربية يستورد منتجات حليب الأطفال من الخارج.
هذه الدراسة تنبيه إلى المعنيين في ظل الوضع الاقتصادي الصعب وما يرافقه من توفر منتجات في الأسواق غير مطابقة للمواصفات تضع صحة المواطن، الذي يعاني أصلاً من الأزمات المتتالية، في دائرة الخطر، أما المطلوب فهو توفير الرقابة والتأكد من نوعية المنتجات من أجل مستقبل أطفالنا.
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي |