نواب الثورة أمام معادلة “إمّا التنسيق مع المعارضة والمستقلّين وإمّا الفشل”.. والصادق: لا تنسيق لتبادل المراكز
كتبت بشرى الوجه لـ”هنا لبنان”:
بعد نتائج جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه، وبعد اتضاح مسار عمل البرلمان الجديد وتضاؤل منسوب التغيير فيه، في ظل التسويات التي تمّ نسجها وراء الكواليس بين ثلاثي السلطة: حزب الله، حركة أمل والتيار الوطني الحر، بات السؤال المطروح اليوم في أوساط الرأي العام، “كيف سيحدث التغيير؟ وهل ستُترجم الوعود التي أُطلقت من خارج المجلس النيابي؟”، حتّى أن البعض لا يرى للتغيير طريقًا إلّا عبر معادلة “إما التنسيق والتلاقي بين التغييريين والمعارضين والمستقلّين وإمّا الفشل والتسليم لقوى السلطة”.
وبحسب تلك الأوساط، فإنّ ما حصل في إعادة التجديد للرئيس نبيه بري وانتخاب الياس بو صعب، قابل للتكرار بسهولة في جلسة انتخاب اللجان النيابية، وفي الاستشارات الملزمة لتسمية رئيس الحكومة، وبالتالي لنيل الثقة للحكومة.
هذا ما يؤيّده الكاتب والمحلل السياسي سيمون أبو فاضل الذي يرى أنّه من “المفترض أن يكون هناك تلاقي حول استراتيجية موحّدة، فما يظهر اليوم هو وجود الكثير من التمايز في عدّة مواضيع وأفكار بين قوى التغيير والقوى الأخرى، إن كانوا المستقلّين أو أي فريق آخر، وهذا التمايز يؤدي إلى خسارتهم أهدافهم الرئيسية إن كان في الموضوع الإصلاحي في البلد، أو الموضوع القضائي أو السيادي، لذلك لا يمكن لهذه القوى أن تأتي من منطلق “إنّنا مختلفون عن الآخرين”، لا بل عليهم أن يتفاعلوا ضمن سقف المبادئ والثوابت وهناك العديد من القواسم المشتركة التي يجب التفاهم عليها”.
وفي حوارٍ مع موقع “هنا لبنان”، يعتبر أبو فاضل أنّ ما حصل في جلسة الثلاثاء الماضي من تشتّت وعدم تنسيق في ما بين تكتّل التغيير كان خطأً لا يجب أن يتكرّر الثلاثاء المقبل خلال جلسة انتخاب اللجان النيابية.
إمّا التنسيق وإمّا الفشل
ويقول أبو فاضل: “بحسب معطياتي لا يوجد تنسيق مع القوى الأخرى حتّى الآن، وهذه نقطة الضعف لأنه من غير المعروف بعد كيف سيتم التعاطي مع انتخاب اللجان، لا سيّما الأساسية منها، فهم أيضًا بحاجة لمن ينتخب معهم”، مضيفًا: “لذلك عليهم تكليف منسّق يكون أقرب إلى العقليات الأخرى من أجل نقل الأفكار والتواصل بمنطق عملي مع المستقلّين والمعارضين”.
وفي ما يخص الاستحقاق الحكومي، يرى أبو فاضل أن “قوى التغيير لم تحسم أمرها بعد، لكن ما بدأ يظهر هو أنّهم ليسوا مع طرح تسمية الرئيس نجيب ميقاتي من جديد، غير أننا أيضًا لا نعرف بعد من سيؤيدون لرئاسة الحكومة الجديدة، لكن ممكن أن يلتقوا مع القوى الأخرى على تسمية شخص معيّن يكون مقبول من قِبلهم”.
وردًا على سؤال إذا ما عارض الناس تقاطع أو تنسيق نواب الثورة مع كتل وقوى ونواب كانت مشاركة في السلطة، يؤكّد أبو فاضل أنّ “كل ما يريده الشارع والناس هو تحقيق النتائج والآمال وكشف المتآمرين ضد التحوّل الجديد في البلد”، مضيفًا: “فما هو مطلوب ليس التلاقي الدائم مع باقي الأطراف، إنّما تحقيق الأهداف”، خاتمًا حديثه بمعادلة “إمّا التنسيق وإمّا الفشل”.
بعد هذا العرض، هل سيُنسّق نواب الثورة مع المستقلّين والمعارضين بهدف مواجهة تجديد المنظومة لنفسها؟
سؤال طرحناه على النائب وضاح الصادق الذي يوكّد أنّ “لا تنسيق رسمي لتبادل المواقع والمراكز مع أي قوى أخرى، ونحن انتخبنا لعمل الصح بعدما عاش البلد على التسويات والمحاصصات التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه”.
ويضيف لـ “هنا لبنان”: “صحيح أنّنا مع السيادة بالكامل، لكنّنا لا يمكننا أن نتغاضى عن موضوع الفساد، لذلك لا يمكن التلاقي مع أحزاب السلطة الفاسدة”.
وعن احتمالية التنسيق مع حزبي “القوّات اللبنانية” و”التقدّمي الإشتراكي”، يقول الصادق: “قد نتلاقى مع “القوات” في الكثير من المشاريع والأهداف، لكننا لدينا مآخذ كثيرة عليهم لأنّ التحالفات ليست غب الطلب، فهم خاضوا الانتخابات النيابية بالتحالف مع الحزب التقدمي الاشتراكي واليوم يقولون نحن ضد الفساد. أمّا الحزب الاشتراكي فهو جزء من السلطة، وهو صوّت للتجديد للرئيس نبيه بري”.
لكن في المقابل، يؤكّد الصادق أنّ “لا إشكالية اليوم في أن نكون مع أي نائب من الـ 128 نائب للعمل على بعض المشاريع والقوانين التي تخدم مصلحة البلد، ولكن بالطبع لن ندخل منطق المحاصصة”.
وردًا على سؤال عمّا إذا كان عدم التنسيق مع المعارضين سيؤدّي إلى تسليم البلد لـ “حزب الله” وحلفائه، يقول: “هم الذين سلّموا البلد للحزب وحلفائه، ولسنا نحن من تحالف معهم ومن أوصل المجلس والبلد إلى هذه الحال”.
وحول جلسة انتخاب اللجان النيابية، الثلاثاء المقبل، يؤكّد أنّ “هذه اللجان يجب أن تضم كلّ منها أصحاب الاختصاص والخبرة، وبالتالي نحن سوف نترشح على الـ 16 لجنة بحسب اختصاص كل واحد منّا، مثلًا النائب ياسين ياسين سيكون مرشحنا للجنة الاتصالات كونه خبير اتصالات، والنقيب ملحم خلف وهو خبير قانوني سنرشحه للجنة العدل، وممكن أيضًا أن ندعم من خارج تكتلنا نواب مستقلين ومختصّين”.
أمّا فيما يخص التنسيق حول الاستحقاق الحكومي، يُشدّد الصادق على “مطلب الحكومة المستقلّة بالكامل والمجرّدة من أي سيطرة سياسية، والمؤلفة من اختصاصيين من داخل لبنان وخارجه، للعمل على عملية إنقاذية للبلد”، ويلفت إلى أنّ “حزب القوات مثلًا عيّن سابقًا الدكتور غسان حاصباني وزيرًا للصحة وهو خبير اتصالات، ففي حال أرادوا مخالفة مبدأ توزير اختصاصيين في الحكومة الجديدة، لن نستطيع التنسيق معهم، أو أن ننسق مثلًا مع أي طرف يريد إعادة تسمية الرئيس نجيب ميقاتي”، مؤكّدًا أنّ “أي طرف يوافقنا هذا الطرح سنضع يدنا في يده”.
ويختم الصادق أنّ “لا مرشح معيّن لنا لرئاسة مجلس الوزراء بعد، ولكن بالحد الأدنى ممّا نملك من أصوات ومسؤولية لن نقبل إلّا بحكومة مستقلّة، لأنّ حكومة الوفاق الوطني والوحدة الوطنية والحكومة السياسية يأخذوننا إلى الانهيار الكامل والموت النهائي للبلد”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
نبيل مملوك.. صحافي تحت تهمة “الرأي المخالف” | استهداف الجيش وقائده في غير محلّه.. “اتهامات سطحية لدواعٍ سياسية” | إسرائيل “تنهي الحياة” في القرى الحدودية.. ما الهدف من هذا التدمير الممنهج؟ |