الباصات الفرنسية في شوارع لبنان من دون موعد نهائي … حمية لـ “هنا لبنان”: إطلاق دفاتر شروط قريباً… وتفتيش على مموّل للخطة
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:
حالة من الفوضى يعيشها قطاع النقل في لبنان في ظل غياب الخطط الحكومية والقوانين التي تنظّم هذا القطاع المهمل منذ أكثر من أربعين سنة، إلا أن اليوم في ظل الأعباء الإجتماعية التي فرضتها الأزمة الإقتصادية الراهنة لم يعد ممكناً التغاضي عن تأمين النقل العام للمواطنين مع ارتفاع أسعر المحروقات بعد أن تعذّر عليهم الإنتقال الى أماكن عملهم يومياً وبالتالي باتت الحاجة ملحة الى تنظيم هذا القطاع وتأمين خدمة النقل المشترك إلى كل المناطق اللبنانية.
بين قطاع النقل المشترك الذي يملك فقط 45 باصاً والنقل المملوك من القطاع الخاص ينقسم قطاع النقل في لبنان، فيما تظهر الأرقام هيمنة النقل البري والسيارات الخاصة إلى حدّ كبير على التنقل في لبنان. وعلى رغم أن قطاع النقل العام بأنواعه كافة يمثل ما نسبته 80 في المئة في دول العالم يمثل النقل الخاص نسبة 20 في المئة على عكس الوضع في لبنان حيث بات النقل الخاص يمثل أكثر من 95 في المئة من إجمالي حركة النقل.
أمام هذا الواقع شكل الإعلان في الثالث والعشرين من أيار الماضي عن تسلم لبنان الهبة الفرنسية من خمسين باصاً لوضعها في خدمة اللبنانيين في تنقلاتهم بارقة أمل لإمكان تنشيط قطاع النقل المشترك، مع وعد بـ 50 باصاً كدفعة ثانية، إلا أنه منذ ذلك الوقت والمواطن اللبناني يسأل أين تلك الباصات؟ كيف ستُنظم حركتها وتُحدد وجهة اعتمادها داخل العاصمة أم خارجها؟ وهل سيكون مصيرها في ظل غياب الصيانة اللازمة مركونة في المواقف كسابقاتها من حافلات لم تستخدم منذ أكثر من عشر سنوات؟
وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية الذي سعى إلى هذه الهبة من الحكومة الفرنسية، “اللبنة الأولى لخطة قطاع النقل العام على كل الأراضي اللبنانية”، أجاب في حديث لموقع “هنا لبنان” على بعض هذه الأسئلة – الهواجس، مؤكداً أن عدد الباصات في لبنان حالياً يبلغ 95 باصاً فقط منها 50 باصاً منحة فرنسية و45 باصاً تمت صيانتها إلّا أن السؤال المطروح هل سيحل هذا العدد المشكلة المزمنة؟
بطبيعة الحال فإن الحل الجذري بحسب حمية هو بتعزيز دور القطاع الخاص وبإعداد إطار قانوني جديد يرعى العلاقة بين القطاعين العام والخاص بحيث تصبح الدولة “المنظّم” والقطاع الخاص “المشغّل”، وفي هذا الإطار يتم العمل اليوم على دفتر شروط غب الطلب لأن لا قدرة للتوظيفات وبالتالي فإن إشراك القطاع الخاص في تأمين سائقين من خلال مناقصة يتقدم إليها من يريد بعد أن اتخذ القرار باعتماد سائقين من القطاع الخاص.
أما صيانة الباصات فسيُشرف عليها أيضاً القطاع الخاص تحت إشراف مصلحة سكك الحديد، ويتم العمل حالياً على وضع دفتر شروط. وضمن تعزيز التكامل بين القطاع العام والقطاع الخاص طلبت الوزارة في موازنة 2022 تعديل قانون السير بحيث يجيز لمصلحة سكك الحديد والنقل المشترك التعاقد مع القطاع الخاص للعمل لمصلحتها خلال مدة العقد وتقاسم الأرباح والخطوط.
أما عن موعد تسيير الباصات، فأكد حمية “أنه لا يمكن تحديد الموعد النهائي بانتظار إطلاق دفاتر الشروط، مع العلم أنه -وبحسب معلومات “هنا لبنان” – عُقد اجتماع منذ أيام مع شركة استشارية لتحديد الطرقات في بيروت الكبرى وجوارها الأكثر اكتظاظاً لحسم عدد الباصات على ضوء الطلب في كل منطقة، على أن يُفرز جزء من الباصات اللبنانية التي تمت صيانتها لمناطق الشمال والجنوب والبقاع.
وفي المعلومات فإنه سيتم العمل مبدئياً ضمن خطوط رئيسية داخل بيروت الكبرى وجوارها. وسيكون عملياً عدد الباصات لا بأس به داخل بيروت الكبرى وجوارها وتربط بيروت بمراكز المحافظات البعيدة عنها شمالاً وجنوباً وبقاعاً.
حمية شدد على أن لا حل نهائي لمشكلة هذا القطاع إلا بخطة يُفتش عن تمويل لها لوضعها قيد التنفيذ مع العلم أن أركان وأهداف هذه الخطة كانت قد وضعت بعد أن عرض البنك الدولي في البداية تمويل دراستها وإقامة بناها التحتية إلا أنه عاد وتراجع عنها لأسباب غير مفهومة.
ولأن أي مشروع لا يقوم على خبراء يضعون الخطط على الورق فقط بل من خلال التنفيذ الذي يتطلب تمويلاً مرهوناً على ما يبدو بسياسات وشروط من قبل الدول المانحة والجهات الضامنة، فإن المواطن اللبناني سيبقى بانتظار هبة من هنا وتمويل خارجي من هناك حتى تسلك خطة النقل الموعودة الطريق لعلها تخفف من معاناة اللبناني اليومية على الطرقات.
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي |