نواب التغيير في مشاورات التأليف: رؤية موحدة أو شرذمة الأفكار؟
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
لم تكن استشارات التأليف أو المشاورات التي يجريها رئيس الحكومة المكلف مع الكتل النيابية والنواب داخل مجلس النواب، في أي يوم من الأيام كفيلة وحدها بتشكيل الحكومة العتيدة، لأن العملية بحد ذاتها تستدعي أشواطاً من الاتصالات واللقاءات ودخول وسطاء أو غيرهم لتحقيق الأمر. ولن يختلف يوما الاثنين والثلاثاء اللذان تم تحديدهما لاستشارات الرئيس المكلف نجيب ميقاتي عن هذا المسار. ستعبر الكتل عن توجهاتها بشأن شكل الحكومة والمشاركة أو عدمها فيها وستعلن صراحة عن رأيها حول أولويات الحكومة والمرتجى منها. وكالعادة سيدلي رئيس الكتلة أو الممثل عنها بدلوه أمام الكاميرات، وستكون المناسبة مفتوحة لتلاوة الملاحظات عن شكل الحكومة: سياسية، تكنوسياسية، إنقاذية، مستقلة، وغير ذلك. وستوجه الأسئلة لهم عن المشاركة في الحكومة العتيدة.
الكتل والنواب الذين شاركوا في استشارات رئيس الجمهورية، يعودون هم أنفسهم للقاء الرئيس ميقاتي، لن تكون هناك تسمية إنما مواقف يتوقع أن يكون بعضها مرتفع السقف، وبعضها الآخر يأخذ في الاعتبار هموم الناس وقضايا استبعدت عن اهتمامات الحكومة.
ربما سيسأل النواب عن مسألة التعديل الذي قد تخضع له حكومة تصريف الأعمال لتصبح الحكومة العتيدة. أما العبارة التي سيعيد العدد الأكبر من ممثلي الشعب قولها هي ضرورة الإسراع في تأليف الحكومة. وعند العودة قليلاً إلى مشهدية الاستشارات النيابية، فإن ثمة مواقف يجب التوقف عندها لا سيما الكلام عن تشتت المعارضة والذي عكسه النائب ميشال معوض بكل صراحة، وفي السياق نفسه برز انقسام آراء نواب ١٧ تشرين أو نواب التغيير، حيث سمى عشرة منهم السفير نواف سلام في حين امتنع ثلاثة نواب عن التسمية.
قد يضع البعض هذا الأمر في خانة الانقسام في المواقف أو عدم التنسيق أو حتى في إطار وجود إشكالية بشأن توحيد الرؤى. وهذا ما يوضحه المراقبون الذين يشيرون إلى أن هناك حاجة إلى ترتيب أمورهم وتنظيم أفكارهم وإلا فإن الشرذمة ستلاحقهم في معظم الأوقات.
لكن مصادر مقربة من هذه القوى تنفي عبر “هنا لبنان” هذا الأمر وتتحدث عن تمايز في المواقف وهذا لا يفسد في الود قضية خصوصاً أن النواب الـ ١٣ يجمعون على مبادئ أساسية ولا سيما رفض المنظومة الحالية بكل توجهاتها.
وتشير هذه المصادر إلى اجتماع مرتقب للنواب عشية الاستشارات في مجلس النواب من أجل بلورة موقف واحد من الحكومة ومهماتها، مع العلم أن النائب فراس حمدان عبر بشكل واضح عن أولويات الحكومة من وقف الانهيار الاقتصادي وممارسة الدولة سيادتها على كامل أراضيها والالتزام بحماية المواطن ووضع خطة للأمن الغذائي ومبدأ استقلالية القضاء ووضع جريمة انفجار الرابع من آب في سلم الأولويات فضلاً عن الالتزام بسياسة خارجية تخدم مصلحة لبنان والمباشرة بالإصلاحات في القطاعات الحيوية وتعيين الهيئات الناظمة لا سيما الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء.
وتلفت إلى أن هذه المطالب سترفع إلى رئيس الحكومة المكلف الذي يعرف جيداً رفض هؤلاء النواب لمنطق المحاصصة الذي اعتمد في تشكيل الحكومات.
وترى أن من رغب من النواب إضافة ملاحظات لنقلها إلى ميقاتي فذاك متاح لأن في مشاورات التأليف، يمكن الغوص أكثر في ما خص عمل الحكومة، على أن القرار شبه مؤكد في ما خص عدم المشاركة في هذه الحكومة وكذلك حجب الثقة عنها، لا سيما أن النواب يعتبرون أن وجود ميقاتي على رأس الحكومة الجديدة هو استمرار للنهج الذي نفسه الذي أوصل البلد إلى الانهيار، لافتة إلى أن نواب ١٧ تشرين الأول يتشاركون الهواجس نفسها ويحملون الطبقة السياسية مسؤولية أزمات لبنان وبالتالي القول إنهم مشرذمون ليس دقيقاً، على أنهم قرروا المراقبة ورفع الصوت وحتى النزول إلى الشارع مجدداً إذا اقتضى الأمر.
ويوضح النائب ياسين ياسين لـ “هنا لبنان” إن نواب التغيير يشاركون في مشاورات التأليف ولكن لن يشاركوا في الحكومة، ويكرر القول أن اللبنانيين أصبحوا محرومين من أبسط مقومات العيش، وهذا الأمر يفترض أن تعالجه الحكومة، ونحن متفقون على هذه الأمور وليست هناك من شرذمة في المواقف. من الأساس قلنا أننا لسنا بحزب وإن هناك نقاشات تتم بين النواب من أجل الوصول إلى خطاب سياسي موحد لرسم خارطة طريق لمواجهة الاستحقاقات.
ويشير إلى أن هناك ممارسة حقيقية للديمقراطية، وهذا الأمر لم يعتد عليه البعض، رافضاً أي كلام عن انقسام في الآراء بين النواب.
إذاً قوى التغيير أمام اختبار مشاورات تشكيل الحكومة وما بعد ذلك لإظهار الموقف الموحد من مسألة عدم المشاركة ومنح الحكومة الثقة، وربما يكون أداؤها محور اختبار دائم في محطات أخرى لا سيما أن البعض يعتقد أن ظنه بها قد خاب.