عون والسيد: خطة سريّة للاستحقاق الرئاسي؟
كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:
من يتابع مواقف “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، يتبيّن له أن الحليفين يتبنيان خطة واحدة، تتكهن أوساط سياسية بأنها “سرية” تتعلق بالاستحقاق الرئاسي. فما هي هذه الخطة يا ترى؟
بداية، بعد التوقف عند المواقف الأخيرة التي أطلقها رئيس الجمهورية ميشال عون، يطل بجلاء ملف الترسيم البحري الذي تسلم زمامه “حزب الله” أخيراً من خلال المسيّرات التي استهدفت منطقة حقل كاريش النفطي والغازي في المياه الإسرائيلية. فهو شدّد في حديث إلى محطة otv الناطقة باسم “التيار”، على أن “مسألة ترسيم الحدود البحرية الجنوبية ستنتهي قريباً، والحل سيكون لمصلحة لبنان ويرضي الجميع، وأننا أصبحنا على مشارف التفاهم مع الأميركيين الذين يتولون الوساطة بين لبنان وإسرائيل”.
وعندما سئل عون عن مسيّرات “حزب الله” بدا وكأنه يغطي سلوك الحزب خلافاً للموقف المشترك الذي أصدره رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب حيال الوضع في الجنوب وموضوع العمليات وما أثارته من ردود فعل عن جدوى هذه العملية التي جرت خارج إطار مسؤولية الدولة والسياق الديبلوماسيّ، أجاب مواربة : “على حد علمي، ما بعرف شو صار بالليل لما راحوا المسيرات (الدرون)”.
إذاً رئيس الجمهورية صاحب الصلاحية الدستورية في ملف الترسيم البحري، يقول “ما بعرف شو صار”. وهكذا أصبح رئيس الدولة، لا يعلم شيئاً، بينما كل العالم عرف شو صار.
أما الحليف الأمين العام للحزب، حسن نصرالله، وبحسب ما رددته وسائل إعلامية، فهو سيطل قريباً ليتحدث عن الترسيم البحري، من زاوية التباهي بإطلاق المسيّرات، وهكذا يمضي “حزب الله” قدماً في الاستثمار في الملف البحري، على غرار ما فعله بموضوع مزارع شبعا قبل أكثر من عقدين.
في الظاهر، هناك تناقض ظاهري بين عون ونصرالله في الملف البحري. إذ كيف يستقيم أن رئيس الجمهورية يبدي تفاؤلاً في وصول الملف إلى خاتمة إيجابية وهو لا يزال في قصر بعبدا، فيما يلعب زعيم “حزب الله” بـ “نار” المسيّرات التي أثارت ردود فعل متشددة في إسرائيل، والتي كما دلّت تصريحات مسؤوليها على أنها تضع خيار المواجهة العسكرية على الطاولة في حال مضى “حزب الله” على طريق كتلك التي سلكها في حرب تموز عام 2006.
لكن هل هناك فعلاً تناقض بين طرفي تفاهم مار مخايل الذي أبرماه في عام حرب تموز أي قبل 16 عاماً؟
وفق الأوساط السياسية المشار إليها آنفاً، ليس هناك تناقض بين قصر بعبدا وبين حارة حريك، وإنما هناك توزيع أدوار في هذه المرحلة الحساسة التي يجتازها لبنان. حيث من المؤكد، أن نصرالله، لم يعد صاحب الكلمة الناهية في الاستحقاق الرئاسي، كما كان عام 2016، عندما وصل عون إلى سدة الرئاسة الأولى. لكن ذلك، وبحسب الأوساط نفسها، لا يعني أن الحزب تخلى عن مشروعه للإمساك بلبنان. والأخير إذا لم تتكرر الظروف قبل ستة أعوام، يعتمد خطة بديلة، تقضي بجمع أوراق رابحة في ملف الترسيم البحري، بالتكافل والتضامن مع العهد الحالي. فإذا نجح يكون فرض انتصارًا إستراتيجياً في ملف الرئاسة الأولى، كأن يوصل مثلا وريث حليفه، أي النائب جبران باسيل، أو من يشبهه إلى قصر بعبدا. وإذا لم ينجح، يكون أخذ البلاد إلى مسار يعطل كل الاستحقاقات، بما في ذلك استحقاق الرئاسة الأولى.
يقول رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع أن “المفترق الأساسي الذي سيحدد مصير لبنان للسنوات الست المقبلة هو إنتخابات رئاسة الجمهورية التي بتنا على قاب قوسين منها”. أي أن الفريق المسيحي الأول في الانتخابات النيابية الأخيرة، يضع معادلة الأولوية للملف الرئاسي. ولهذا يمثل الضغط المتصاعد الذي يمارسه جعجع، وسيلة لكي يكون هذا الملف أولوية من الآن حتى رحيل عون عن قصر بعبدا في 31 تشرين الأول المقبل. في المقابل، ووفق “الخطة السريّة” لنصرالله والتي يمضي فيها عون شريكاً منفذاً، كما سلف، سيسعى فريق تفاهم مار مخايل إلى إحراز هدف “إما تمشي كلمتنا في الانتخابات الرئاسية وإما الفراغ،” ما يعني أن المخاوف من بقاء عون في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته ليست مستبعدة. وما يجب ذكره أن عون، ومن ألقابه العديدة التي يحملها، لقب “جنرال الفراغ”!
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل بري وابتسامة لاريجاني | “مرشد” لبنان و”بطريرك” إيران | تفليسة “تفاهم” مار مخايل في عملية البترون |