سجالات تافهة لأهداف غير تافهة!
كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:
ليس هناك أتفه من السجالات السياسيّة الباهتة التي تأتي خارج سياقها الزمني وتعكس بسوقيّتها “المدرسة” التي ينتمي إليها من يطلقها، وهي مدرسة قلب الحقائق وتزوير الوقائع والتنكّر للأزمات الإقتصاديّة والمعيشيّة والماليّة التي يتحمّل هؤلاء جزءاً كبيراً من وصول البلاد إليها!
لا يمكن التعاطي بخفّة مع السّجال الحادّ الذي افتعله التيار الوطني الحر ضدّ رئيس الحكومة المكلّف خصوصاً أنّه يأتي في توقيتٍ حسّاس تشكّلت فيه القناعة لدى معظم مكوّنات المجتمع السياسي اللبناني بأنّ تيّار العهد يبحث عن الوسائل التي تمكّنه من إبقاء رئيسه الفخريّ في قصر بعبدا بعد انتهاء الولاية الرئاسيّة وهو ما قد يتطلّب من وجهة نظرهم تعميم الفوضى السياسيّة في مختلف الاتّجاهات بما يُعمّق الأزمات المستفحلة ويتطلّب عندئذٍ إجراءاتٍ من نوع آخر.
قلّما اكترث تيّار العهد ورئيسه الفعليّ كما رئيسه الفخري المقيم في بعبدا إلى المشاكل المتراكمة التي تحاصر اللبنانيين من كل حدبٍ وصوب. وقلّما شعر المسؤولون عن تيّار العهد والدوائر الصّغيرة التي تحيط برئيس الجمهوريّة بكيفيّة النّهوض بالبلاد وإخراجها من القعر الذي أوصلوها إليه بفعل سياساتهم العبثيّة والشعبويّة التي ترتكز حصراً على اختراع خصم دائم وإطلاق النيران عليه.
تتنقّل “أدبيّات” التيّار إيّاه (إن لم تكن “قلّة أدبيّاته”) على قصف القوى السياسيّة المختلفة. أيّ مراقب يستطيع أن يلاحظ بسهولة أن التيّار لا يستطيع أن “يعيش” إن لم يخاصم أحداً. تراه ينتقل بخصوماته من الحزب التقدمي الاشتراكي إلى حركة أمل إلى تيار المردة إلى القوات اللبنانيّة إلى تيار المستقبل. وإذا سُدّت كلّ المنافذ بوجه رئيس التيّار تراه ينقضّ على محازبيه القدامى أو حتّى على طواحين الهواء!
حتى حليفه القوي “حزب الله”، تراه لا يتوانى عن ابتزازه إن اقتضى الأمر فتارةً يلتصق به لدرجة سحق الموقف الرسمي اللبناني وردم الهامش المفترض بين “الدولة والمقاومة”؛ وتارةً أخرى يطلق المواقف التي تستفزّ حليفه دون أن تلامس الخطوط الحمراء الّتي لا يقوى على تجاوزها. إنه لعب على الحبال ببهلوانيّات سياسيّة معروفة الأهداف والمرامي.
التيّار دائماً على حق والكلّ مخطئ ومرتكب وفاسد. التيّار هو الطّرف السياسي الوحيد في لبنان الذي يسعى لعزّة هذه البلاد ورفعتها ونهضتها وكل الآخرين يريدون تدميره! التيّار هو الحزب النزيه الوحيد ورموزه يرقون إلى مستوى القداسة السياسيّة فيما جميع الآخرين هم من الشياطين الذين تتملّكهم “عقدة” من التيّار. التيّار هو الوحيد الذي يريد أن يعمل وكلّ الآخرين “ما خلوه”!
هذه المعارك العبثيّة المتنقّلة طبعت العمل السياسيّ لهذا الفريق، وأهدرت فرصاً وسنوات طوال من أعمار اللبنانيين سواءً أولئك الّذين صدّقوهم أو الّذين لم يصدّقوهم منذ البداية. النتيجة واحدة: إنها معارك تافهة لأهداف غير تافهة!
مواضيع مماثلة للكاتب:
7 أكتوبر: منعطف جديد في الشرق الأوسط! | لبنان يُهمَّشُ أكثر فأكثر! | إلى متى انتظار تطورات المشهد الإقليمي؟ |