مع انقطاع حليب الأطفال.. لبنان يستأجر مرضعات!
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
“مطلوب مرضعة مقابل بدل مادي لطفلة عمرها شهرين”، إعلان جديد يشدّ الانتباه انتشر مؤخراً على إحدى المجموعات المخصّصة لتأمين حليب للأطفال عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن عادت أزمة فقدانه إلى الواجهة.
يتصدّر فقدان حليب الأطفال في الصيدليات المشهد مجدداً، صرخات وجع يومية تطلق عبر الأمهات والآباء على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على حليب لأطفالهم، ما يعكس مدى فداحة الأزمة، في وقت ينام فيه المسؤولون على “وسادة من ريش نعام” غير آبهين بوجع الناس ومعاناتهم، ما دفع بعض الأهالي إلى الحلول البديلة وطلب مرضعات بالإيجار “وقد ما بدها تاخد” خوفاً من أن يبقى أطفالهم بلا حليب، فيما لجأ عدد آخر إلى إعطاء أطفالهم الرضع أي نوع من الحليب دون الانتباه إلى مواصفاته.
وبعد أن انتشرت في وقت لاحق مناشدات عدد من الأهالي في جنوب لبنان بالبحث عن مرضعات بالإيجار لأطفالهم، انتقلت العدوى إلى مناطق أخرى حيث حذا عدد من الأهالي حذوهم بعد أن أصبحوا على يقين بأن لا سبيل لحل الأزمة.
تقول مهى لـ “هنا لبنان” أنّ فرحتها لم تكتمل بقدوم ابنتها ميلا قبل شهر ونصف الشهر، بسبب معاناتها في تأمين أبسط الحقوق لطفلتها، وهو إيجاد قوتها اليومي.
وتتابع: لسوء الحظ أنا من النساء اللواتي يعانين من مشكلة عدم إفراز الحليب بعد الولادة، وبسبب عسر تأمين عبوات الحليب من الصيدليات، أبحث وبشكل علني عن مرضعة لطفلتي مقابل بدل مادي “وقد ما بدها تاخد بس ما إسمع صوت بنتي عم تبكي من الجوع”.
أزمة فقدان الحليب خلّفت انعكاسات نفسية خطيرة على الأهالي باعتبار الحليب مادة غذائية وحيدة للرضّع، منال أيضاً من الأمّهات اللواتي لا يستطعن تغذية أطفالهن بالرضاعة الطبيعية، وتقول أنها تعاني حالة اكتئاب حادة لعدم إيجادها الحليب لطفلها ابن الثلاثة أشهر، فهي تملك حالياً علبة واحدة تحاول “اعتماد سياسة التقشف” فيها حيث تضع ملعقة واحدة لعبوة الـ 90 مل كي تكفيه مدة أطول، ما يعني أن الطفل يعاني من سوء في التغذية.
ولا ترفض منال فكرة البحث عن مرضعة لابنها وتقول: “إذا موجودة المرضعة ليش لا”.
أما مروان فقد لجأ إلى “البديل المتواجد” بعد أن وصل إلى طريق مسدود في مسألة تأمين الحليب لطفله في ظل انقطاعه من الأسواق، وهو “الحليب الفلت” لا يخضع للرقابة ولا للفحوصات المخبرية ولكن “ما باليد حيلة”، فهل يصحّ إعطاء الأطفال الرضّع أي نوع من الحليب، وكيف يؤثر ذلك على صحتهم ونموهم السليم؟
رئيس دائرة طب الأطفال في الجامعة اليسوعية البروفسور برنار جرباقة يوضح أن لا مشكلة لو شرب الطفل البالغ من العمر سنة حليب الأطفال رقم 3 و4، أما بالنسبة للأطفال ما دون السنة فعلينا الانتباه لنوع الحليب المخصص لهم.
وشدد جرباقة على ضرورة الاعتماد على الرضاعة الطبيعية إن أمكن ليس لأنها الأوفر بل لأنّها الأفضل، إذ يمثّل حليب الأم أحد المصادر المهمة للطاقة والعناصر الغذائية بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و24 شهراً.
ولفت إلى انتشار ظاهرة شراء “الحليب الفلت” بسبب فقدان عبوات حليب الأطفال من الصيدليات.
ونبه الأهالي إلى مدى خطورة هذا النوع من الحليب ونصحهم باللجوء إلى مراكز الرعاية الصّحية لمساعدتهم في تأمين الحليب من خلال الجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الحكومية حرصاً على سلامة وصحة أطفالهم.
ويؤكد جرباقة أن كل ما يباع “فلت” معرض بشكل أكبر للتلوث بالفطريات أو البكتيريا أو العفن، إضافة إلى أنه في معظم الأحيان لا يستوفي المواصفات، وللأسف في لبنان نجد الكثير من حالات التسمم البكتيري والفيروسي والفطريات من جراء تناول المأكولات غير السليمة، فماذا لو كان الأمر مرتبطاً بالأطفال؟
ويختم: “كل أنواع الحليب غير المعلبة قد تسبّب بالتهابات معوية للأطفال وتعرض حياتهم للخطر”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |