من زياد عيتاني إلى بشار عبد السعود.. “أمن الدولة” فرع الجريمة المنظمة في لبنان!
كتبت نسرين مرعب لـ “هنا لبنان”:
لم تنتهِ فضيحة “أمن الدولة” في قضية المسرحي زياد عيتاني، ولم تُمحَ من الذاكرة اللبنانية بعد صورة “كوليت” الركيكة، حتى عاد اسم هذا الجهاز إلى الواجهة من جديد، وهذه المرة في جريمة تخطّت التعذيب إلى القتل!
الضحية هذه المرة، هو الشاب السوري بشار عبد السعود، الذي تحوّل بين جدران هذا الجهاز إلى جسد نحيل، منهك، تغطّيه الكدمات واستحال لونه إلى الأزرق!
صور التعذيب “مخيفة”، فهذا الجسد عرف كلّ أنواع الضرب والاعتداء، حتى لا تدرك العين رقعة لم تعرف الظلم والوحشية.
جسد عبد السعود المنهك لم يتحمّل هذه الهمجية، فاستسلم للموت، وهنا بدأت الروايات، فتارة قيل ذبحة قلبية وتارة أخرى جرعة مخدّر زائدة، وفجأة ومن حيث لا ندري عاد الحديث عن خلايا داعشية إلى الضوء من جديد!
الموقوف الذي أسلم الروح في مركز توقيف تابع للمديرية العامة لأمن الدولة في قرية تبنين قضاء بنت جبيل في محافظة النبطية، ترك صرخات مؤلمة سمعها كل من جاور أو مرّ بالقرب من المركز.
وفي بيان إنشائي، أعلن “أمن الدولة” أنّ الحادثة بيد القضاء، فيما استنكرت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان الجريمة، وأعربت عن قلقها “إزاء المعلومات والصور المتداولة حول ظروف مقتل بشار عبد السعود جرّاء التعذيب الوحشي الذي تعرض له أثناء التحقيق معه”.
في هذا السياق أوضح المحامي محمد صبلوح لـ “هنا لبنان”، أنّ التوقيف جاء على خلفية 50$ مزوّرة، معتبراً أنّ “ما قاله هذا الجهاز عن كشف خلية داعشية لا يقع إلّا في إطار فبركة الملفات”.
ووفق صبلوح فإنّ “صراخ الموقوف جرّاء التعذيب قد اخترق جدران السراي”، مشيراً إلى أنّ ت”صريحات الجهاز الأمني عن سبب الوفاة هزلية، فتارة يقولون ذبحة قلبية وتارة أخرى يدّعون أنّ السبب هو جرعة زائدة من المخدرات”.
ولم ينفِ المحامي أنّ “الهدف من التعذيب الوحشي والتفنن فيه هو سحب الاعترافات بالقوّة، وتسجيل بطولات وهمية”، سائلاً: “من المستفيد ولماذا؟”.
وفي تعليق على تفنّن جهاز أمن الدولة في التعذيب كتب المسرحي زياد عيتاني عبر حسابه “فيسبوك”: “بالنسبة للآثار على الجسد، أغلب الجلد يتم إمّا بأسلاك كهربائية أو حتى بخراطيم مياه رفيعة”، مضيفاً: “الحروق تتم عبر قداحات أو سجائر، وعند أوّل تهديد بالحرق يتعمدون إصابة أماكن معينة بجسمك”.
وبعد سرد طويل لأساليب التعذيب ختم عيتاني بالقول: “هذه بعض من أشياء عشتها وسمعتها من موقوفين في النظارة”.
إلى ذلك يؤكد المحامي صبلوح أنّ ما يجري اليوم هو جريمة، موضحاً أنّ لبنان الرسمي يدّعي كل 4 سنوات في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أنّه يناهض التعذيب، وهو كان قد خدع المجتمع الدولي حينما قال إنّه عدّل القانون 65/2017 وهو قانون تجريم التعذيب وأنّ مرتكب التعذيب يُلاحق على أنّه ارتكب جناية، غير أنّ هذا التعديل ليس إلّا حبراً على ورق ولم يحاسب أيّ أحدٍ حتى اللحظة.
وأوضح صبلوح أنّهم كمركز حقوق السجين في نقابة المحامين في طرابلس،كانوا قد طالبوا رئيس مجلس حقوق الإنسان في البرلمان النائب السابق ميشال موسى مساءلة الجهات الرسمية التي لا تلتزم أجهزتها بالقوانين، ولكن هذا لم يحصل، محملاً المسؤولية في هذا الملف للقضاء ولمدّعي عام التمييز الذي لا يطبق القانون 65/2017، كما للمجلس النيابي الذي عليه أن يكون شرطة محاسبة ودوره كذلك المساءلة.
وذكّر صبلوح بأن جهاز أمن الدولة هو نفسه كان قد فبرك ملفاً للمسرحي زياد عيتاني، ومؤخراً وقّع رئيس الجمهورية على ترقية الضابط الذي أشرف على تعذيب عيتاني، معتبراً أنّ كل الاعتقالات التي يعلن عنها في جرائم التعذيب في لبنان هي اعتقالات “صورية”.
وفي الختام أكّد صبلوح أنّ المحاسبة غائبة ولو قامت الدولة اللبنانية بعملها ولو طُبّق القانون وكان هناك من محاسبة لما وصلنا إلى ما نحن فيه من وحشية، معلّقاً: “التعذيب في لبنان بات ممنهجاً، ونحن كمنظمات حقوقية سنلجأ إلى أساليب دولية لمحاسبة كل من يغطي جريمة التعذيب”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
ونحن أيضاً أشلاء.. | أين لبنان؟.. يا فيروز! | سليم عياش.. “القاتل يُقتل ولو بعد حين”! |