زيارة هوكشتين الأخيرة لم تسمن ولم تغنِ
كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:
لم تضف الساعات الثلاث التي أمضاها الموفد الأميركي آموس هوكشتين في لبنان والتي وزعها ما بين بعبدا وعين التينة والسراي أي جديد على حراكه المتعلق بترسيم الحدود البحرية، إذ أنها لم تحمل ما يثلج قلوب اللبنانيين أو تحقق ما يطمحون إليه من أجل حسم النقاط التي ينتظر لبنان الرد عليها في هذا الملف الشائك.
إلا أن الأمور بحسب مصادر مطلعة حملت تعقيدات جديدة ولا تمت بصلة إلى الإيجابيات والأجواء التفاؤلية التي نشرها هوكشتاين قبل مغادرته لبنان، واعتبرت المصادر أن عبارتي تفاؤل وتقدم تستعملان فقط من أجل كسب الوقت لدى البلدان المعنية بعملية التفاوض. كاشفة أن المفاوض الأميركي أعرب عن خشيته من التصعيد الذي قد يفتح الأبواب على الحرب محذراً المسؤولين اللبنانيين من الخسارة في هذا الملف.
فلبنان الرسمي يفاوض في هذا الملف من منظور إقتصادي لإنقاذ لبنان من الإنهيار الحاصل وقد قبل بالخط 23 وحقل قانا كاملاً، فيما الإسرائيلي يفاوض من المنظور الأمني والذي يهم الإئتلاف الإسرائيلي بقيادة يائير لابيد قبل إنتخابات الكنيست مما يخفف عن كاهله أمام مواطنيه مع إستبعاد قرار الحرب وتخفيف الإحتقان وتأجيل الرد الذي توعد به حزب الله خلال شهر أيلول.
أما الجانب الأميركي فقد عبر عن رأيه من قبل أعلى المستويات حيث أكد الرئيس الأميركي جو بايدن على ضرورة إتمام اتفاق سريع قد يرتبطُ بمسارات عديدة لايُمكن إغفالها، أولها أن أميركا ترغبُ بسرعة وقوة في وضعِ الحل على سكة التحقق.
وعلى الرغم من إنشغال الفرنسيين بشؤونهم الداخلية لا سيما في مسألة الطاقة إلا أن تنقيب شركة توتال الفرنسية في الحقول النفطية من شأنه تعزيز وتسهيل إبرام عقود لتوريد الغاز الإسرائيلي الى أوروبا بأسعار عالية، إضافة إلى تنقيب شركة توتال في الحقل رقم 9 وحقل قانا غير المكتشف بعد.
وكشفت مصادر خبيرة في الشأن النفطي لموقع ”هنا لبنان” بأن شركة توتال وفي حال بدأت بالتنقيب في حقل قانا تقوم الشركة بتقييم هذا الحقل ودراسته فيما لا يعرف لبنان حتى الساعة قيمة الموجودات النفطية فيه وليس لديه أي دراسات تؤكد وجود نفط أو غاز، ورغم ذلك قبل بأن يكون من ضمن حصته خلال التفاوض. كما طرح المسؤولون اللبنانيون أن تعلن توتال عن بدء العمل في هذا الحقل وعند الإستخراج تعطي الإسرائيليين من حصة أرباحها بالإتفاق معهم. ولفتت المصادر إلى أن هذا الأمر دونه مخاطر في حال لم يتم العمل بشكل متقن لا سيما بعد إكتشاف الحقل. هذه المسألة قد تعقد الأمور أكثر وقد يطلب الفرنسيون وقتاً إضافياً فيما يعولون على صبر اللبنانيين الذين يريدون أن يأكلوا العنب لا أن يقتلوا الناطور.
لبنان الرسمي كان قد أبلغ هوكشت ين بموقف موحد بالتمّسك بالحقوق والحدود والثروات كاملة وكامل الخط 23، إلا أن اللقاءات المتفرقة التي حصلت خلال زيارته الأخيرة وجلوسه مع كل رئيس على حدى لمدة نصف ساعة تؤكد أن هدف الزيارة إبلاغ المسؤولين اللبنانيين بمستجدات حملها من تل أبيب تتعلق بمطلب تنازل لبنان عن النقطة B1 البرية عند منطقة رأس الناقورة لضرورات أمنية أو بمعنى آخر أعطونا في البر نعطيكم في البحر.
هذا الأمر بحسب المصادر قد تم إبلاغه لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي حيث جاء في بيان السراي بعد اللقاء مع هوكشتاين أنه حمل بعض الأفكار على أن يصار إلى التشاور بشأنها وإبلاغ الجواب اللبناني عليها في وقت قريب.
مصادر متابعة للملف إعتبرت أن هناك إشكالية كبيرة حول هذه النقطة في عملية الترسيم لا سيما أن الخط 23 لا يبدأ من هذه النقطة البرية على غرار الخط 29 حيث أن نقطة رأس الناقورة هي نقطة إلتقاء في الحدود البرية والتي ستعتبر نقطة الخلاف الأولى.
وبإنتظار عودة المفاوض الأميركي مرة جديدة إلى لبنان فإن هذا المطلب سيجعل الأمور صعبة التقدم وسيعود التفاوض على أمور تقنية بحتة لتصبح المعركة معركة على الحدود وليس فقط على الموارد.