إلى بشير الجميّل في ذكراه الـ 40.. “وينك يا هالواقف ع راس الأيام”
كتبت نايلة المصري لـ “هنا لبنان”:
فخامة رئيس الجمهورية الشهيد بشير الجميّل،
تحية طيبة وبعد،
أتوجّه إليكم بهذا الكتاب بعد مرور أربعين عاماً على استشهادكم. أربعون عاماً مرّوا، وشيء لم يتغير. أربعون عاماً ولا يزال حلم “البشير” يراود كل سيادي على الـ 10452 كلم مربع، كيف لا وهذا الحلم الذي انقطع في أوله سمح للبلاد بأن تعيش 20 يوماً من حكم الدولة والقانون.
اليوم وبعد أربعين سنة على استشهادكم، نجد أنفسنا عالقين في خطابات لطالما هزت ضمائرنا، وحسرتنا على وطن، لم نعرف أن نبنيه، فدفعنا ثمن المزرعة ولم ندفع ثمن الوطن.
اليوم ونحن على أبواب عهد جديد، نتطلع إلى رئيس قوي، بالفعل وليس فقط بالقول والشعارات، كيف لا ونحن في بلد يرزح تحت أبشع الأزمات، في ظل عهد وصف بأبشع النعوت، وشهد على أبشع الجرائم. نحن نبحث عن رئيس “وقف ولو مرة عند قبر شهيد”، عن “رئيس يقيم علاقات متناسقة بين حواس الوطن المختلفة، ويكون صاحب رؤية وطنية تبلغ حدّ الحلم، لا صاحب شهوة سياسية لا تتعدى حدود الحكم، نريد رئيساً يستعمل أفعال الغضب وأدوات التحذير وأحرف الرفض وأسماء الجزم، نريد رئيساً ينقل لبنان من حالة التعايش مع الأزمة ومشاريع الحلول، إلى حال الخروج من الأزمة وفرض الحلول”.
يا بشير، ونحن اليوم على أعتاب انتخاب رئيس جديد، نضع صورتك وشخصيتك نصب أعيننا، ونرسم معك ملامح الرئيس الحلم الذي نريده لوطننا لينتشلنا من نار جهنم التي نتخبط بها، رئيس لبناني قوي بكل ما في الكلمة من معنى، شجاع، قادر على اتخاذ مواقف وقرارات جريئة، “قادر يقول الحقيقة قد ما كانت صعبة هاي الحقيقة تكون”، مستعد لقلب الطاولة على الجميع، وإحداث انقلاب اقتصادي ومعيشي يعيد إلى اللبنانيين حياتهم، بعيداً عن شعار “ما خلونا”.
أيها الرئيس الشهيد، يا حامل لواء “لبنان أولاً” وصاحب الثورة الدائمة، يوم خفت الثورات، وانبطح الجميع تحت راية الاحتلال، أين نحن اليوم من ثورتك، ونحن نرى محتلاً تلو الآخر يصلون إلى بلادنا ويأكلون من ثوراتنا.
اعذرنا سيدي الرئيس، بعد أربعين عاماً على رحيلك، لم ينبت في وطننا “بشير” آخر يشبهك، ولم نتمكن من المحافظة على وصاياك الوطنية، التي طبقت وعايشناها حين كنت قائداً، ومن ثم رئيساً صنع دولة خلال واحد وعشرين يوماً، بل حولنا وطننا إلى دولة مستسلمة منقسمة ومحكومة من دويلة السلاح، والوطن الذي استُشهدتَ من أجله مع آلاف الشهداء، بات أبناؤه يبحثون عن ملاذ آمن خارج حدوده، التي باتت مقبرة للأحلام.
سامحنا أيها القائد البطل، ففي ذكراك لا زلنا نبكي حلماً لم يتحول يوماً إلى واقع، ورئيساً قلّ نظيره في العالم. سامحنا لأننا ما زلنا نسعى لبناء وطن رسمتَ معالمه منذ أربعين سنة، ولا تزال الرسمة موضوعة في الأدراج، علّ رئيساً يأتي يوماً ويتجرأ على نفض الغبار عنها، واستعمال كلمات الجزم كما كنت أنت لبناء لبنان على قدر الطموحات والتضحيات والدماء التي سالت عليه.