رسالتان “غير وديتيّن” من السيد إلى عون ومنه إلى باسيل


أخبار بارزة, خاص 17 تشرين الأول, 2022

كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

من تابع كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون مساء 13 تشرين الأول، ثم تابع بعد يومين، أي في 15 الجاري، كلمة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، خيّل له أن الترسيم البحري الذي جرى وصفه بـ “الإنجاز التاريخي”، ما كان ليتحقق لولا جبران باسيل. وكان الأمر ليمرّ مرور الكرام لو أنّ ردود الفعل على الرئيس الجنرال وصهره، إقتصرت على الخصوم السياسيين للرجلين فقط، لكن كان هناك رد من الحليف الأبرز، أي “حزب الله”، الذي لولاه لما وطئت قدما الجنرال قصر بعبدا عام 2016.

تقول أوساط إعلامية قريبة من “حزب الله”، أنه قد يكون مفهوماً أن تكون خلفية العهد في حصر إنجاز الترسيم به، هي رغبته في حماية الحزب من تداعيات الانتقادات للترسيم التي تصاعدت ولا تزال، والقول أنه انطوى على تنازلات تفوق تنازلات إتفاق 17 أيار عام 1983. لكن ما ليس مفهوماً، تضيف هذه الأوساط، أن يذهب باسيل إلى حد القول أن تهديداته، جاءت قبل تلك التي أطلقها الأمين العام السيد حسن نصرالله، وأنها هي التي فعلت فعلها وجعلت إسرائيل تسلم بالترسيم.

ولأجل العلم بما قاله الرئيس عون ووريثه، يمكن العودة إلى نص كلمة رئيس الجمهورية، والتي جاء فيها: “…أن ما وصلنا إليه بالأمس في ملف الترسيم البحري، ولاحقاً التنقيب ثم الاستخراج، لم يكن وليد الساعة، بل هو ثمرة مسيرة طويلة بدأت فعلياً في العام 2010 عندما أعدت وزارة الطاقة والمياه التي كان يتولاها الوزير جبران باسيل، مشروع قانون الموارد البترولية في المياه البحرية اللبنانية والذي تم إقراره في مجلس النواب في 17 آب 2010، ثم إصدار 25 مرسوما تعنى بالقواعد والأنظمة التي ترعى الأنشطة البترولية، وتعيين هيئة إدارة قطاع البترول في العام 2012”.

أما باسيل، فذهب أبعد من مؤسس “التيار”، عندما خاطب الخصوم في الذكرى التي أقامها في مناسبة 13 تشرين الأول عام 1991، سائلاً: “أين كانوا ما سمعنا صوتهم؟ لمّا وضعت بـ 21 أيار 2022 معادلة أن “لا غاز من كاريش من دون غاز من قانا” أين كانوا؟”

وترد الأوساط نفسها على باسيل فتعيد إلى الأذهان كيف تدرجت مواقف نصرالله من التهديدات بشأن “كاريش حتى بلغت أخيراً مرتبة “النصر الإلهي؟”

البداية، كانت في 10 حزيران الماضي، حيث أطل نصرالله بكلمة متلفزة عن موضوع النفط والغاز وترسيم الحدود البحرية. وعلّق على بدء عمل ‏‏”السفينة اليونانية” في حقل كاريش، فقال: “هذا حقل واحد، هذا حقل مشترك، أي عمل باتجاه ‏استخراج النفط أو الغاز من حقل كاريش يجب أن يتوقف…” وأعلن عن تكليف ‏النائب السابق السيد نواف الموسوي بمتابعة الملف.

الإطلالة التالية للأمين العام لـ “حزب الله”، كانت في 13 تموز الفائت، ليقول: “سجلوا المعادلة الجديدة، كاريش وما بعد كاريش وما بعد ما بعد كاريش…إذا أردتم أن تصلوا إلى معادلة لبنان – أنا لا أقول كاريش وقانا المسألة عندي أكبر من هكذا بكثير – وإن هذا البلد ممنوع أن يستنقذ نفسه بحقه الطبيعي من الغاز والنفط، فلن يستطيع أحد أن يستخرج غاز ونفط، ولن يستطيع أحد أن يبيع غاز ونفط. وأياً تكن العواقب، أيها الشعب اللبناني، فنحن قد وصلنا إلى آخر الخط”.

الإطلالة الثالثة لنصرالله كانت في كلمته في 17 أيلول الماضي لمناسبة أربعين الإمام الحسين. ومما قاله: “نحن نواكب المفاوضات التي تقوم بها الدولة اللبنانية وعيننا ومعلوماتنا كلها على كاريش، عيننا على كاريش وصواريخنا على كاريش، ولا نريد أن نتكلم أكثر من ذلك، ولا يوجد من داعي اليوم، لا أن نهدد من جديد، ولا نتوعّد، ولا نعلّي الصوت، وأعتقد أن الإسرائيلي لديه من المعطيات الكافية هو والأميركي والأوروبيين على جدية موقف المقاومة…”

آخر متابعات نصرالله للترسيم البحري، كانت في أول الشهر الجاري وذلك في الحفل التكريمي ‏للعلامة الراحل السيد محمد علي الأمين، فأعرب عن الارتياح لـ “تسلم الرؤساء الثلاثة وبشكل رسمي النص المكتوب المقترح لمعالجة هذا الملف من الجهة الوسيطة”، واصفاً الأمر بأنه “خطوة مهمة جدًا”. وقال: “إننا أمام أيام حاسمة في هذا الملف… نأمل أن تكون خواتيم الأمور جيدة”.

بالعودة إلى باسيل، فإنه إستبق كل التواريخ التي أطل فيها نصرالله بشأن حقل كاريش، بأن اختار 21 أيار 2022، وهذا ما أثار امتعاضاً صامتاً في دوائر الحزب.

كيف جاء رد “حزب الله” المزدوج، أي الرد على عون وباسيل معاً؟

يعلم “حزب الله” أن القضية الرئيسية التي تشغل بال العهد و”تياره” هي كيف “يتجرّع كأس السم” في 31 تشرين الأول الجاري، عندما يحزم الرئيس عون حقائبه ويغادر قصر بعبدا قبل منتصف ليل ذلك اليوم لمناسبة إنتهاء ولايته. ولأجل تفادي هذه الكأس يسعى العهد وتياره بكل ما أوتيا كي يضمنا مقعداً في النفوذ بعد إنتهاء الولاية. ولم يقتصر الجهد على سلب “حزب الله” من فضل الترسيم فحسب، بل ذهب باسيل إلى حد وضع شروط على من سيكون الرئيس المقبل للجمهورية لا تنطبق إلا على شخص واحد يدعى جبران باسيل.

في المقابل، وصل رد “حزب الله” وقد حمله إعلامي مقرب جداً من الحزب هو فادي بوديه رئيس تحرير “شبكة مرايا الدولية”. ففي مقابلة لقناة “نيو تي في” التلفزيونية، قال بوديه: لدينا مرشحان جديان، سليمان بك فرنجية، وعندنا قائد الجيش جوزيف عون. حتى أن جبران باسيل وصل إلى قناعة أنه لم يعد يملك الحظوظ للوصول إلى سدة الرئاسة الأولى”.

ما صرّح به الرئيس عون والنائب باسيل في ذكرى 13 تشرين الأول لم يكن “وديّاً” على الإطلاق بحق “حزب الله” وأمينه العام، فما كان من الأخير أن ردّ برسالتين “غير وديتين” إلى عون ومنه إلى باسيل. هي واحدة بواحدة، وما زلنا في البداية؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us