الخروج الثاني… والأخير للعماد ميشال عون
كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:
إنه تشرين الأول “القهَّار” بالنسبة إلى العماد ميشال عون، في المرة الأولى خرج من قصر بعبدا في 13 تشرين الأول 1990، كرئيس حكومة عسكرية أو كـ “ضابط متمرِّد”، وفق خصومه، بملالة 113، على هدير طائرات “السوخوي” السورية، من ضمن العملية العسكرية التي أنهت “التمرد”. وبعد اثنين وثلاثين عامًا على تشرين 1990، سيخرج من القصر في آخر هذا التشرين إلى منزله الجديد في الرابية الذي بناه حتى استكماله، مع مساهمين آخرين، “متعهِّد الجمهورية” المقاوِل جهاد العرب، المدرَج من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية (OFAC)، على لائحة العقوبات، “لمساهمته في انهيار الحكم الرشيد وسيادة القانون في لبنان، واستفاد شخصياً من تفشي الفساد والمحسوبية في لبنان، وأغنى على حساب اللبنانيين ومؤسسات الدولة”.
الرابية ليست مقر السفارة الفرنسية ولا فرنسا، والعودة إليها ليست تطبيقًا لقرار نفي أو إبعاد، بل لتمضية التقاعد من الحياة العسكرية والوزارية والنيابية والرئاسية.
قبل بلوغه الثمانية وثمانين بأربعة أشهر، يخرج العماد عون من القصر الجمهوري للمرة الثانية والأخيرة بعدما خاض المعارك العسكرية ليبقى فيه، والمعارك السياسية ليعود إليه.
1988- 2022 ثلث قرن لم يمر يومٌ منه إلا واسم العماد ميشال عون موجود في صحيفة أو إذاعة أو محطة تلفزيونية أو وكالة أنباء، شخصيةٌ مثيرة للجدل بَنَت استراتيجيتها على شعار “خالِف تُعرَف”:
خالف انتخاب رئيس للجمهورية عام 1988، بعد تعيينه رئيسًا للحكومة العسكرية، لتتولى تسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية، لأنه وفق موقفه أن “لا انتخابات في ظل الأحتلال السوري”.
خالف الدعوة إلى جلسة انتخاب الرئيس في القليعات في الخامس من تشرين الثاني 1989، فحلَّ مجلس النواب فجر الرابع من تشرين الثاني.
خالف تسليم القصر الجمهوري إلى الرئيس رينيه معوَّض الذي سقط شهيدًا بين مقر رئاسة الحكومة والمقر الموقت لرئاسة الجمهورية في الرملة البيضاء في مبنى قدَّمه الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
ميشال عون ركَّز طوال عهده على توزيع الأدوار وتبادلها بينه وبين صهره جبران باسيل، عندما انتخب رئيسًا للجمهورية “عيَّن” باسيل رئيسًا للتيار الوطني الحر الذي لم يترأس التيار انتخابًا. خطَّط حين يعود إلى الرابية، ويتولى التيار مجددًا، أن يخلفه باسيل في قصر بعبدا:
هو على رأس التيار، باسيل على رأس الجمهورية، تمامًا كما كان منذ ست سنوات، هو على رأس الجمهورية، باسيل على رأس التيار.
لكن “التبادل” ليس بهذه البساطة، فما يصح في التيار، من انتهاك للنظام الداخلي وإحلال التعيين بديلًا من الإنتخاب، لا يصح في رئاسة الجمهورية.
قد ينصرف الرئيس “المتقاعِد” إلى كتابة مذكراته، علمًا أن أحد المقربين منه أعدَّ كتابًا عنه لكنه أرجأ نشره من دون أن تُعرَف الأسباب، وربما لتبدُّل الاستنتاجات.
معظم الذين عادوا معه من فرنسا، واستمروا معه في الرابية ثم في بعبدا، لن يكونوا بين المودِّعين من بعبدا إلى الرابية، هؤلاء اختلفوا مع باسيل فوقف الجنرال إلى جانب باسيل فابتعدوا، هؤلاء، وما أكثرهم، يعتقدون بأن “عهدهم بدأ” لحظة انتهاء عهد عون.
مواضيع مماثلة للكاتب:
راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة | تدمير تحت الأرض.. دمارٌ فوق الأرض |