كم هو ظالم وصف عون بـ “دونكيشوت” وباسيل بالـ “فوهرر”!


أخبار بارزة, خاص 24 تشرين الأول, 2022

كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

في مثل هذا اليوم، أي الاثنين المقبل، يكون اليوم الأخير من ولاية عهد الرئيس ميشال عون. وفيما يستعد الجنرال لحزم حقائبه للانتقال من “قصر الحجر إلى قصر البشر”، كما بدأ “التيار الوطني الحر” يردد، أي الانتقال من قصر بعبدا إلى قصر الرابية، بدا أنّ ساكن القصر الجمهوري الحالي، لم يغيّر عاداته التي عرفناه عليها قبل 31 عاماً.

ما حصل قبل 31 عاماً، أنّ الجنرال لم يغادر قصر بعبدا إلّا بعد سماعه أزيز طائرات الديكتاتور السوري حافظ الأسد والتي “أقنعته” بمغادرة “قصر الشعب” كما سماه زعيم “التيار” منذ العام 1988 وكان يومذاك رئيساً للحكومة العسكرية. أما اليوم، فعون يغادر القصر نفسه تحت وطأة أزيز طلب “مرشد الجمهورية” السيد حسن نصرالله. لكن هذه المرة صار القصر الجمهوري من “حجر” فقط. فأين “الشعب”؟

لم يكن “أزيز المرشد” منفرداً، بل صاحبه “رصاص” الاشتباك بين العهد وبين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على خلفية تشكيل حكومة جديدة تتولى إدارة الفراغ الرئاسي الذي سيبدأ رسمياً في الأول من تشرين الثاني المقبل. فمن الجهة العونية، تصاعد كلام عن “عزم رئيس الجمهورية على توقيع مرسوم قبول استقالة الحكومة”، لكن قصر بعبدا سارع إلى نفي هذا الأمر. أما على ضفة رئيس الحكومة المكلف، فجرى التصويب على ما أسمته أوساط الأخير “دونكيشوت الجمهورية”  و”الفوهرر الباسيلي”. وقيل أن كلا الوصفين يستهدفان رئيس “التيار” النائب جبران باسيل.

قبل التأمل بوصفي “دونكيشوت” و”الفوهرر”، أفادت معلومات مستقاة من أجواء المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي يتولى الوساطة بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، أنه على الرغم من انسداد الأفق أمام تشكيل الحكومة الجديدة في الفترة التي تنتهي فيها ولاية الرئيس عون في نهاية الشهر الجاري، فإن كل التكهنات حول خطوات تصعيدية سيلجأ إليها “التيار” في حال لم ينل مبتغاه، هو من باب التهويل. ومن بين هذه التكهنات أن باسيل “سيوعز إلى وزرائه ووزراء العهد في الحكومة، بوقف ممارسة مهامهم في وزاراتهم، في معادلةٍ ستضع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في موقع حرج”. ووفق هذه المعلومات، فإن لدى “حزب الله” ضمانات ألا يذهب التصعيد العوني إلى قلب الأوضاع القائمة، إنطلاقاً من أن العهد الحالي سيحافظ عندما يصبح عهداً سابقاً على مصالحه في الدولة والتي صار لها وجود فعلي على كل المستويات، وبالتالي فإن “التيار” يريد أن يبقى على مقربة من هذه المصالح مع تبدّل المواقع الذي سيشهده لبنان قريباً.

بالعودة إلى وصفي دونكيشوت” و”الفوهرر”. فالأول، ينطلق من رائعة الأديب الإسباني الخالد سيرفانتس الذي كتب رواية “دونكيشوت” في بداية القرن السابع عشر والتي جرى وصفها بأنها من “أعظم الخيال”. وبطل الرواية، أي دونكيشوت كان يعيش في الخيال عالم الفروسية مستبدلاً الأعداء بطواحين الهواء ومعتقداً أن فاتنته رائعة الجمال بينما هي في الواقع جارته الفتاة القروية العادية.

أما الوصف الثاني، أي الفوهرر فهي كلمة ألمانية تعني القائد. وفي السياسة ترتبط هذه الكلمة بالزعيم النازي أدولف هتلر وهو فعليًّا الشخص الوحيد الذي حمل هذا المنصب.

من حيث المبدأ، قد يقترب الرئيس عون عند خصومه من وصف “دونكيشوت”. فيما يقترب صهره من وصف “الفوهرر”. لكنّ أيًّا منهما لا يصل في واقع الحال إلى ما يجري وصفه به. إذ أين الرئيس عون من بساطة بطل رواية سرفانتس الذي أمضى حياته في الخيال ولم يرتكب أي سلوك أضر غيره، بل على العكس، فقد أشاع سلوكه غريب الأطوار الابتسام المفرط بسبب ظرف الرجل وسذاجته.

أما باسيل، فيبدو أنه في المقارنة مع الفوهرر، كما هو الكاريكاتور الذي يقارب الواقع. فصاحب اللقب الأصلي، كاد أن يحكم العالم لو نجحت مغامراته في الحرب العالمية الثانية.

كي لا يكون في هاتين المقارنتين ظلم غير مقصود، لا بد من إعطاء رئيس الجمهورية التي قاربت ولايته على الانتهاء حق “الخيال” لكنه لا يشبه من حيث الظرافة خيال دونكيشوت. وكل أحلام الرئيس عون ظهرت اليوم على أنها كوابيس ما زال لبنان تحت وطأتها والتي أدت فعلاً إلى سقوط لبنان في الجحيم الذي بشّر به الجنرال بنفسه.

أما باسيل، فهو مارس ولا يزال دوراً يحاول استلهام “الفوهرر” الألماني الرهيب. لكن الأمر انتهى بهذا المقلّد إلى أن ينسى نفسه، وهو أنه لن يكون “فوهرراً” ولو اعتمد شاربي هتلر الشهيرين. كما أنه لن يكون زعيماً على قياس لبنان ولو بدا أنه يعمل جاهداً ليرث مؤسس التيار.

ماذا بعد؟ لا بد من القول أنه سيكون من باب الظلم الشديد تشبيه ظرافة دونكيشوت بكابوسية الرئيس عون. كذلك من باب الظلم أيضاً إعطاء باسيل حجم هتلر. فالأخير كان حقيقة مرعبة، أما الأول فهو مجرد ممثل فاشل سيأتي الوقت قريباً لإنهاء هذا الفيلم العوني الفاشل من أوله إلى آخره.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us