التزييف السياسي في الأيّام الأخيرة!
كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:
بإمكان رئيس الجمهوريّة أن يحوّل القصر الجمهوري في الأسبوع الأخير من ولايته إلى مركز لاستقبال المؤيدين والأزلام والمحاسيب، وباستطاعته أيضاً أن يفتح خزنة الأوسمة التكريميّة ويوزّع منها على “اللي يسوا واللي ما يسواش” (على الطريقة المصريّة)، ولو أتيح له تأمين توقيع رئيس الحكومة ووزير الداخليّة لكان منّ على عدد من المحظوظين من أصحاب المليارات (مجرّد صدفة) بجنسيّة لبنانيّة أسوة بما فعل في مطلع عهده.
وبإمكانه أن يعقد كل يوم ربطة عنق جديدة من تلك التي لا تزال معلقة في إحدى خزائن غرفة نومه في الجناح الرئاسي في الطابق الثاني من القصر ولم تنقل مع باقي أمتعته إلى الرابية إيذاناً بعودته المرتقبة والمحمودة إليها، ويجلس في قاعة الاستقبال الرئيسيّة التي يزين وسطها ذاك الكرسي الخشبي الشهير الذي سوف يشغر مجدداً والذي كلف البلاد الأثمان الباهظة قبل وصوله إليه وبعد جلوسه عليه!
بإمكان الرئيس أيضاً أن يقيم احتفالاً وداعياً لموظفي القصر الذين أمضى معهم ست سنوات متواصلة، وهم الذين توزعوا على غرف القصر الفخمة التي لم تنقطع عنها الكهرباء أو المياه لحظة واحدة (رغم انفصال الشبكة وانقطاع الكهرباء عن اللبنانيين جميعاً)، ولم يشعروا مع الرئيس بقيظ الحر أو برودة الشتاء (ولو أنّ بعضهم ربما شعر بها عند عودته إلى منزله).
فليقم الرئيس بكل ما تشتهيه نفسه في الأسبوع الأخير في القصر من ولائم ولقطات تذكاريّة وتوزيع أوسمة ونياشين وابتسامات، ولتُحضّر المواكب العونيّة التي ستزعق بزمامير الانتصار (ولو أنها هزيمة موصوفة!) من بعبدا إلى الرابية، وليرقص كل من سيحملون الرايات البرتقاليّة على طول الطريق ذهاباً وإياباً مع موسيقى التعظيم وأناشيد النصر ومكبرات الصوت وصور الجنرال مرفوعة وصوته يصدح: “يا شعب لبنان العظييييم”! ولكن، مهما كانت الاحتفالات “مبهرة” للمؤيدين، لن تخفي عتمة الليل وأنين المواطنين.
إنما الأهم من كل تلك الاحتفاليّات الفارغة إلّا من الشعارات الفارغة أن الخطوات السياسيّة الإرتجاليّة التي يتخذها الرئيس قبل ساعات من إنتهاء ولايته لا تعدو كونها غير ذات جدوى. ماذا يعني أن يستفيق رئيس الجمهوريّة الآن وقبل مغادرة القصر على ترسيم الحدود مع سوريا؟ ولماذا حصراً الحدود البحريّة الشماليّة وليس الحدود البريّة؟ لماذا لم يفكّر بذلك في السنوات الست الماضية؟
ثم ما هذا الأسلوب في إسقاط مبدأ فصل السلطات؟ ما علاقة نائب رئيس مجلس النواب بترسيم الحدود؟ وأين وزارة الخارجيّة؟ وكيف يمكن لنائب رئيس البرلمان أن يترأس وفداً وزارياً؟ ألا تكفي كل الممارسات “العونيّة”، في الرئاسة والتيار، بضرب الدستور وأحكامه خلال الأعوام التي سبقت الولاية وخلالها؟
ما هذا اللهاث التافه لتحقيق “إنجازات” شكليّة لا تقدّم ولا تؤخر في الأيّام الأخيرة للعهد؟ التاريخ صنّف عهد ميشال عون في موقعه الصحيح وكل محاولات التجميل والتزييف السياسي لن تغيّر من ذاك الموقع!
مواضيع مماثلة للكاتب:
7 أكتوبر: منعطف جديد في الشرق الأوسط! | لبنان يُهمَّشُ أكثر فأكثر! | إلى متى انتظار تطورات المشهد الإقليمي؟ |