قرار من الأسد “يشقّ” الطائفة الدرزية في لبنان.. و”المشايخ” يدفعون الثمن على الحدود
كتبت مريانا سري الدين لـ “هنا لبنان”:
تعود قضية توقيف رجال دين (مشايخ) على الحدود اللبنانية-السورية إلى الواجهة مجدداً، مع توقيف رجل دين منذ أسبوع تقريباً ومنعه من تخطي الحدود إلى الداخل السوري بالرغم من استحصاله على بطاقة موقعة من مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز برئاسة الشيخ نصر الدين الغريب (المحسوبة على رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان)، ما تسبب بعودة الجدل بين الأخيرة ومشيخة العقل المحسوبة على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط برئاسة الشيخ سامي أبي المنى، ليدفع رجال الدين الكرام ثمن الانقسام السياسي داخل الطائفة بتعطيل أعمالهم في مثل هذه الحوادث.
وفي التفاصيل، فقد تم توقيف الشيخ عادل النمر وبرفقته عدد من المشايخ الدروز الاثنين الفائت على الحدود اللبنانية- السورية ومنعهم من الدخول ليعودوا أدراجهم مباشرة إلى لبنان بالرغم من استحصالهم على بطاقة موقعة من الشيخ الغريب وهي بطاقة مفروضة من قبل الرئاسة السورية على الداخلين إلى سوريا والخارجين منها من رجال الدين، الأمر الذي دفع بشيخ العقل نصرالدين الغريب إلى زيارة الشيخ النمر وتبليغه بأنّ ما حصل قد يكون خطأً تقنيًّا وستتمّ معالجته والتنسيق جارٍ مع السلطات السورية المعنية لاستيضاح ما حصل ومعالجة الأمر”، وذلك حسبما أفادت مصادر متابعة لملف البطاقات لـ”هنا لبنان”.
إلّا أنّ ما حصل أغضب الشيخ سامي أبي المنى ودفعه لزيارة النمر أيضاً، ودان أسلوب البطاقات لأنه “محصور بالشيخ الغريب مع العلم أنّ قرار البطاقات هو قرار سوري بحت وصادر عن الرئاسة السورية مباشرةً والتي قررت تكليف الشيخ الغريب حصراً بإصدار هذه البطاقات، وهو قرار جاء على خلفية قدوم عدد من الشبان متنكرين بزي ديني إلى سوريا للقتال فقررت الدولة السورية تقييد الداخلين إليها عبر إصدار مثل هذه البطاقات، حسب المصدر.
يضيف: “القرار صادر منذ ٣ سنوات وهذه ليست المرة الأولى التي يدخل فيها مشايخ دروز إلى سوريا كما وتصدر البطاقات لكل المشايخ من مختلف التوجهات السياسية ويعود سبب حصر البطاقات بالشيخ هو لأن سوريا لم تشأ أن تعطي هذا التفويض لجهة تهاجم سوريا إنّما لمشيخة تربطها علاقات طيبة مع سوريا”.
من جهته، أبدى أبو المنى “شجبه لما حصل مع الشيخ النمر واستنكاره الشديد للممارسات غير اللائقة بحق رجال الدين بشكل عام والشيخ عادل النمر على وجه الخصوص، لما يتمتع به من صفات الإخلاص والتقوى والمسلك الروحي الشريف”.
وتعليقاً على “هذا التصرف المستهجَن وما شابهه سابقاً من تصرفاتٍ كيدية، وعلى ما يتعلق به من تهديد بملفات مركبة، ومن إلزام رجال الدين الموحدين الدروز اللبنانيين بضرورة إبراز بطاقة رجل دين موقعة من جهة دينية لبنانية معينة”، أسفت مشيخة العقل لطائفة الموحدين الدروز في لبنان للتدابير المتخذة على الحدود السورية مع لبنان ولما يتعرض له المشايخ من إهانات واستفزازات، تتمثل بطلب إبراز بطاقة رجل دين صادرة عن جهةٍ دينية غير رسمية كشرط للدخول إلى سوريا، ومن استحضار ملفات مركبة بحق بعض رجال الدين لمنعهم من دخول الأراضي السورية أو لتوقيفهم من قبل أجهزة الأمن السياسي السوري”.
ورأت مشيخة العقل، في بيانها أنّ “ما حصل يوم الإثنين الفائت مع الشيخ الجليل عادل النمر وإخوانه من منع دخول وتهديد بفتح ملف له ولأحد إخوانه المرافقين، إنّما هو استفزاز واضح وتجاوز لكل أصول التعامل بين دولتين، وتعدٍّ سافر على كرامة نخبة المشايخ الموحدين الأجلاء الذين يُشرفون بطهارتهم البلاد التي يحلون فيها”، طالبةً “من إخواننا الموحدين في لبنان وسوريا تفادي ردّات الفعل الغاضبة وتحاشي التصعيد المحتمَل وإفساح المجال لإصلاح الأمور بهدوء، فإنها تطلب من الجهات المسؤولة في البلدين الشقيقين تدارك الأمر بتعقل ودراية، وذلك بإلغاء جميع التدابير الكيدية فوراً، بحيث لم يعد مقبولاً السكوت على تجاوز القانون وإهانة المشايخ الموحدين والطائفة المعروفية، وبالتالي تحمُل مسؤولية ما قد ينتج عن مثل هذه الإساءات المتعمَدة، وهي تأمل من المسؤولين في الطائفة التفكر ملياً بما حصل ويحصل على الحدود ووضع حدٍ للانقسام الداخلي المؤدي إلى الاستخفاف بكرامات المشايخ والطائفة، والتأكد بأن التاريخ لن يرحم المستهترين والمتخاذلين والمتواطئين على الكرامة العامة وعلى كرامة الأجاويد”.
من جهته أعلن المكتب الإعلامي لمشيخة العقل برئاسة الشيخ الغريب في بيان أنّ “أيّ كلام أو تصريحات تستغلّ حوادث فردية مؤسفة تحصل بشكل يومي للتصويب والتهجّم والافتراء على الدولة السورية وعلينا تنفيذاً لأجندات سياسية لا تليق بموقع الجهة التي تقف خلفها، إنما هو كلام مرفوض ومغرض يهدف إلى تشتيت الرأي العام عن الحقيقة والواقع”.
أضاف “عملية الاستهداف المتكررة لقرار الدولة السورية باعتماد بطاقة تعريف صادرة عن مكتبنا لتسهيل دخول المشايخ الأفاضل إلى سوريا، هي عملية مشبوهة ولا تنقل صورة الواقع والخلفية الصحيحة لهذا القرار، والذي جاء في السنوات الماضية نتيجة تكرار ظاهرة انتحال صفة رجال الدين والتلطي خلف الزي الديني بهدف القيام بأعمال مشبوهة كالتهريب والتنكر وغيرها من الأمور المخالفة التي تسيء إلى رجال الدين، عدا عن التهجّم والتحريض الدائمين من بعض الأفرقاء في الداخل اللبناني على القيادة السورية وجميع المسؤولين، ممّا أصبح يشكل ضرراً مباشراً لمشايخنا أثناء تنقلاتهم بين البلدين”، مؤكدةً أنه “حفاظاً على سلامة وكرامة وأمن مشايخنا وأهلنا اتخذت الدولة السورية عدّة قرارات من بينها القرار المذكور، ممّا ساهم في الحدّ من هذه الظواهر وحماية أهلنا وسلامتهم في السنوات الماضية، وكل استهداف لهذا القرار هو تدخل مباشر في سيادة الدولة السورية الشقيقة وقراراتها، علماً أنّه جاء انطلاقاً من مبدأ المعاملة بالمثل حيث تصدر مشيخة العقل في سوريا بطاقات تعريف لجميع المشايخ لدى زيارتهم لبنان”.