الحكومة “معطّلة”.. وإدارة البلد “على كف عفريت”!
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
يصح القول عن الشغور الذي انطلق مع انتهاء الولاية الدستورية لرئيس الجمهورية، أنه شغور مزدوج لأنه يطال رئاسة الجمهورية واجتماعات مجلس الوزراء. هكذا تبدو عليه الصورة مع فارق بسيط أن حكومة تصريف الأعمال قد تعمد في لحظة ما إلى خرق “الشغور” والانعقاد بصفة النطاق الضيق إنما لضرورات حتمية وحتى هذه المسألة يكثر فيها الاجتهاد، لكن متى تم ذلك يصبح الأمر عرفاً كما فعل الرئيس ميشال عون بتوقيعه مرسوم استقالة الحكومة المستقيلة أصلاً بعد إجراء الانتخابات النيابية وبداية ولاية المجلس النيابي الجديد.
ومن يدقق بالتفاصيل الدستورية أو الأحداث السابقة، يدرك أن ما جرى مؤخراً يعد سابقة: توقيع مرسوم الاستقالة للحكومة منفرداً، ووجود حكومة تصرف الأعمال، يختلف التفسير حول مهامها ودورها في إدارة صلاحيات رئيس الجمهورية في فترة الشغور.
وفي كل الأحوال، لا بد من ترقب الخطوات المقبلة على صعيد التعاطي مع الملفات والتي تتطلب قرارات حكومية وتلك التي تدخل في صلب عمل مجلس النواب الذي يفترض به أن يبقى منعقداً في هذه الفترة.
ووفق المعلومات التي حصل عليها موقع “هنا لبنان”، فإنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي سيبقى على تواصله المستمر مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لتنسيق المهام و الأعمال في ظل تعذر انعقاد مجلس الوزراء، إلا إذا قام تفاهم على عقد جلسة تتصف بالضرورة القصوى، وهذه أيضاً تخضع للأخذ والرد، فالدعوة إلى قيام جلسة في وقت قريب تعني حكماً نسفها لا سيما إذا قرر وزراء التيار الوطني الحر الانسحاب منها.
وهذا الأمر أصبح الرئيس ميقاتي على بينة منه.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا يتصل بتداعيات عدم انعقاد مجلس الوزراء في ظل الفراغ؟ وفي هذا السياق، يقول الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين لـ “هنا لبنان” أن صعوبات كثيرة تنشأ من جراء عدم انعقاد مجلس الوزراء، معطوفة على الفراغ في الرئاسة، فرئيس حكومة تصريف الأعمال والوزراء سيصرفون الأعمال من دون أن يتمكنوا من الاجتماع بصيغة مجلس الوزراء، ذاك أن تصريف الأعمال يتم بالمعنى الضيق ولا يمكن بالتالي مد الأيدي على صلاحيات الرئاسة أو القيام بأي عمل يحتاج إلى موافقة رئيس الجمهورية.
ويشير يمين إلى أن الواقع الدستوري الراهن يتطلب من المعنيين العمل على انتخاب رئيس جديد للبلاد، ويؤكد في رد على سؤال أو الحكومة لا يمكن لها أن تجتمع لأن في ذلك مخالفة، مع العلم أن احتمال المخالفة وارد، مشيراً إلى أن ثمة مواضيع تقع من ضمن اختصاص مجلس الوزراء، لكن هناك مواضيع أخرى تقع في صلاحية رئيس الجمهورية، معلناً أن المادة ٦٢ من الدستور أناطت صلاحيات رئيس الجمهورية بمجلس الوزراء مجتمعاً في حال شغور موقع الرئيس وليس الحكومة.
ويوضح أن الفقرة ١٢ من المادة ٥٣ من الدستور تجعل الدعوة للاجتماعات الاستثنائية لمجلس الوزراء مناطة برئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة. وهذا يعني أن لا إمكانية لعقد جلسات استثنائية لمجلس الوزراء إلا بحضور رئيس الجمهورية، مؤكداً أن لا صفة دستورية للاجتماعات الوزارية.
وماذا لو كانت الحكومة كاملة الأوصاف، يقول يمين أن اجتماعاتها تكون دورية وأن توجيه الدعوة يقع من اختصاص رئيسها.
دستورياً، تبدو حكومة تصريف الأعمال مكبلة، وعلى أرض الواقع قد تبقى الملفات عالقة في حال لم يبت بها مجلس الوزراء. وتشير مصادر سياسية مطلعة إلى أن المحاذير الكبرى تتعلق بعدم التمكن من إصدار قرارات تأخذ الطابع الخدماتي أو الطارئ، وتتطلب موافقة من المجلس، متوقعة أن تصدر مجدداً دراسات قانونية ودستورية حول اجتماعات الحكومة ودورها الراهن، ومما لا شك فيه أن القرارات الكبرى لن تتخذ، فهل يتم اللجوء إلى موافقات معينة وعاجلة؟ وهل أن غياب الحكومة عن الانعقاد يمنح الدور للمجلس النيابي؟ إنها أسئلة تحتاج إلى بلورة ما.
قد ينطلق البعض في التأكيد أن الحكم استمرارية، وقد يعجل الشغور المزدوج في تكثيف المساعي لانتخاب رئيس للبلاد، وإلى حين تحقيق ذلك فإن هذا الشغور سيمكث لفترة من الزمن، على أمل ألّا يطول.