جبران أو لا أحد
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
لم يكن تداعي النواب الـ 27 للاجتماع في بيت الكتائب إلا بداعي الوقوف أمام موجة طائفية عاتية يريد الرئيس السابق ميشال عون إشعالها لنيل مكاسب اعتاد على نيلها بعد كل حملة تعبئة طائفية يقوم بها. فبعد سنوات ست من الرئاسة القوية التي وضعت مقام الرئاسة في الحضيض، ها هو العماد ميشال عون يسعى لاستكمال المسلسل الذي بدأ في العام 1988 حين استلم رئاسة الحكومة العسكرية فحول مهمة انتخاب الرئيس إلى مهمة انتخاب عون أو لا أحد، وكانت كوارث عظيمة منها على سبيل المثال لا الحصر حرب التحرير وحرب الإلغاء و13 تشرين التي قضت على ما تبقى من سيادة لبنانية على ما كان يسمى بالمنطقة الشرقة.
يكرر عون الفيلم العوني ذاته، ويقدم صهره في معادلة جبران أو لا أحد، ويقوم بالمهمة دون أن يرف له جفن فهو اعتاد على إيهام مناصريه بأنّ مصلحته الشخصية المباشرة هي المصلحة العامة، التي لأجلها ينتحر وطن بأهله ويدمر الاقتصاد ويسترهن القرار للسلاح الميليشياوي، كل ذلك بغطاء من عون، الذي لم يتورع عن الاحتفال بخروجه من قصر بعبدا، وسط مآسٍ وحرائق كان عهده أحد أسباب الوصول إليها.
لأجل تكرار معادلة عون أو لا أحد يعيد عون تقديم صهره كحاجز متقدم للفراغ والتعطيل، فبهذا السلاح الذي فرضه حزب الله لانتخاب عون، يمكن التمهيد لرئاسة جبران ولو بعد سنوات من التعطيل، وعون مستعد لأن يفعل ما لا يسمح ضمير أحد آخر بفعله، كي يصل بصهره إلى قصر بعبدا.
لهذا لا يتوقع للفراغ أن يكون قصيراً، طالما أن عون يضع هذه المعادلة كشرط للاستمرار في التحالف مع حزب الله. فالجنرال الذي ذاق طعم التعطيل وانتخب بقوة التعطيل رئيساً، يدرك أن صهره لن يكون رئيساً إلّا بعد الفراغ الطويل، ولو تحت ستار امتلاك حق الفيتو على أي مرشح آخر، وخصوصاً على قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي يرى فيه باسيل المرشح الجدي الأكثر حظاً للوصول إلى بعبدا.
في المرحلة المقبلة سوف نشهد، شغباً عونياً الهدف منه ابتزاز حزب الله للاستمرار في تعطيل الاستحقاق الرئاسي، فالحسابات العونية تذهب إلى توقع ارتفاع فرص باسيل الرئاسية، كما أوحى عون في تصريحه لرويترز، محاولاً الفصل بين العقوبات والرئاسة، كما سنشهد تعبئة طائفية لا مثيل لها تحت عنوان حقوق المسيحيين وصلاحيات الرئاسة، وهذه التعبئة طالما تمرس عون في استعمالها كلما دعت الحاجة، ولهذا سيكون على القوى المعارضة أن تبادر إلى مواجهة هذا السلوك بطرح وطني يتمسك باتفاق الطائف، وبالدستور وبأولوية انتخاب رئيس الجمهورية، وهي مواجهة مع سلوك نيروني لا يأبه بافتعال الحرائق لأجل المصالح الشخصية، فالتراث العوني بات معروفاً منذ العام 1988، وإذا لم يجد من يقف في مواجهته فسيحرق ما تبقى من أجل عيون الصهر الوريث.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |