نداء البطريرك الراعي والتخوف من إقصاء الدور المسيحي.. الحاج: تعطيل عن سابق تصور وتصميم لهدم الجمهورية
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:
هي ليست المرة الأولى التي يوجه فيها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رسالة إلى معطلي جلسات انتخاب رئيس الجمهورية. بعد أن تكرر سيناريو الانسحاب من جلسات انتخاب رئيس الجمهورية. والقضيّة لم تعد انسحاباً من جلسة وإنما تحوّلت إلى تعطيل عن سابق تصور وتصميم.
ما دفع بالبطريرك الراعي أن يسأل المعطلين “ماذا يعني أنكم تأتون إلى المجلس النيابي ويتأمن النصاب ثم بعد الدورة الانتخابية الأولى تغادرون القاعة ويُفقد النصاب، فلو لم يتأمن هذا النصاب في الدورة الأولى “محلولة” ولكن ما معنى أن تؤمنّوا النصاب في الجلسة الأولى وتغادروا في الجلسة الثانية؟
لماذا تفعلون هكذا فقط برئيس الجمهورية المسيحي الماروني فيما رئيس مجلس النواب يُنتخب بجلسة واحدة ورئيس الحكومة يُكلف فور انتهاء الاستشارات النيابية. كأنكم تقولون إنكم تستطيعون الاستغناء عن رئيس الجمهورية”.
أسئلة تُطرح في ظل تحليلات تشير إلى أن أي سعي لتعطيل الاستحقاق الرئاسي إنما يهدف إلى إسقاط الجمهورية من جهة، وإلى إقصاء الدور المسيحي، والماروني تحديداً عن السلطة من جهة أخرى، وإلا كيف يُفسر أن يمنع كل مرة انتخاب رئيس لكي تنتقل صلاحياته إلى مجلس الوزراء. فهل أصبح الاستحقاق الرئاسي لزوم ما لا يلزم؟
وفي هذا الإطار أكد النائب رازي الحاج لموقع “هنا لبنان” أنه في كل مرة “شاركنا فيها في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية كنا نكرر أن هناك موجبا دستورياً وطنياً يجعلنا نشارك ونصوّت لمرشح فيما نبقى للمشاركة في جلسات من المفترض أن تكون متتالية حتى انتخاب رئيس.
أما الدستور فواضح في المادة 74 منه التي تنص على أنه عندما تخلو سدة الرئاسة لأي سبب كان على المجلس النيابي أن يلتئم فوراً ويقوم بانتخاب رئيس ولا يقوم بأي عمل آخر وبالتالي إن القضية ليست مسألة نصاب بل إن الدستور ذهب أبعد بالتأكيد على وجوب أن يحضر النواب لانتخاب رئيس للجمهورية”.
ولفت الحاج إلى أنه “بعد اتفاق الطائف كان اسم رئيس الجمهورية يفرض في ظل الاحتلال السوري وكان النواب يزودون بالاسم وينتخبونه في المجلس النيابي.
بعد الخروج السوري أصبح انتخاب الرئيس خاضِعاً لنوع من البازار السياسي إذ أن الفريق الذي يملك القدرة التعطيلية هو الذي يوافق على الاسم أو هو من يفرض الاسم، إلا أن هذا الأمر لا يمكن أن يكمل بهذه الطريقة لأننا لسنا على استعداد أن نترك شعبنا يموت من الجوع والاستمرار في حالة انحلال المؤسسات. كما لا يمكننا أن نترك هذا التشوه الكبير الذي يصيب الجمهورية اللبنانية في بنيتها واقتصادها وأجيالها المقبلة بالهجرة وغيرها.
وبالتالي لا يمكن السكوت عن تجاوز الدستور وخطف مجلس النواب وعدم الذهاب إلى انتخاب رئيس.
وعن موقف البطريرك الراعي لفت الحاج إلى أنه “نفهم جيداً ما يعنيه البطريرك عندما يطرح هذا الأمر من هذه الزاوية، إذ أن الخيارات تكون معدومة عند انتخاب رئيس مجلس النواب الذي يجب أن ينتخب بالعرف من الطائفة الشيعية وأن يكون نائبا وبالتالي لا إمكانية حتى لترشيح أي شخص آخر، نحن نكتفي بعدم التصويت والاعتراض على هذا الأمر بينما لا نعطّل الجلسات ونخضع لهذه الديمقراطية.”
وأكد الحاج أنه “بممارستنا السياسية لم نعمد أبداً إلى تعطيل نصاب جلسة انتخاب رئيس مجلس نواب ولا عدم المشاركة في الاستشارات النيابية لتسمية رئيس حكومة بل نحتكم إلى الديموقراطية ومقتضيات الدستور، وهذا الأمر يجب أن ينطبق على انتخاب رئيس للجمهورية، ولتذهب اللعبة الديمقراطية في المجلس إلى أقصاها.”
وشدد الحاج على أن من يعطل انتخاب رئيس لا يريد فقط إيصال رئيس جمهورية على “ذوقه” بل يريد تعطيل إمكانية معارضة الرئيس الذي سيفرضونه علينا. وبالتالي يريدون إدخالنا بمفهوم تحت عنوان “التوافق على رئيس” لانتخاب رئيس يريدونه أن يكمل في السياسة المعتادة في لبنان ويغضّ الطرف عن الدويلة التي تنمو إلى جانب الدولة ليس فقط عسكرياً بل اقتصادياً أيضاً. للوصول إلى أن تموت الدولة الفعلية بمؤسساتها وبدستورها وقوانينها كي تنشأ الجمهورية التي يؤسسون لها منذ العام 1982.
وتوجه الحاج إلى المعطلين بالقول: “انزلوا إلى المجلس وانتخبوا رئيساً ونحن نذهب إلى المعارضة”. إلا أن الحاج عاد واستدرك أنهم “يرفضون هذا الأمر لأنهم يريدون تعطيل دورنا الرقابي والتشريعي ويريدون تعطيل دورنا في معارضة أي عهد جديد، ويريدوننا بالقوة شركاء معهم والتوافق معهم ليستمروا في إدارة الدولة كما أداروها في الثلاثين سنة الماضية وتحكموا بحكومتين على الأقل بعد الانهيار الاقتصادي وكانت إدارتهم للأزمة أسوأ من الأزمة بحد ذاتها. يريدون عن سابق تصور وتصميم هدم بناء الجمهورية اللبنانية بدستورها الذي بني على مفهوم الحرية بشقيها السياسي والاقتصادي يريدون تدمير لبنان وهويته”.
أما ما هو المطلوب من الرئيس نبيه بري فشدد الحاج على وجوب “أن يأخذ الرئيس بري زمام المبادرة إذ أنه يدعو إلى الجلسات ويعرف الدستور بحذافيره. وهو يجاهر دائماً أنه يريد الحفاظ على الدستور وعلى الميثاقية.
لا يمكن تغييب رئيس الجمهورية ولا يمكن أن نقبل بمبدأ يحاولون تكريسه أن الدولة تمشي بلا رئيس للجمهورية.
واذا كان الرئيس بري حريصاً على الميثاقية، عليه أن يلزم كتلته حضور الجلسات والدعوة إلى جلسات متتالية وتركها مفتوحة.”
وأكد الحاج أنه لا يمكن الاستمرار بدولة من دون رئيس جمهورية لذلك “إن موقفنا واضح لناحية عدم قبول حتى تشريع الضرورة إذ أن لا ضرورة أهم من ضرورة انتخاب رئيس ولا يمكن أن يكون هناك انتظام لمؤسسات الدولة من دون انتخاب رئيس.
من يحاول إلغاء دور رئيس الجمهورية والإيحاء بأن الدولة “تمشي بلا رئيس” أي أنه لا يريد انتظاماً في المؤسسات الدستورية بل يريد اقتصاداً موازياً. ولا يريد قانوناً ومحاسبة ولا إصلاحاً إنما يريد شراء الوقت. يريد زيادة أعداد اللبنانيين في الهجرة وتقويض من تبقى من اللبنانيين في الداخل. وكان ضرب للطبقة الوسطى عماد الاقتصاد القوي الذي يستطيع أن يساهم في النمو وعماد المجتمع القوي للمحاسبة. بالخلاصة لا يريدون للجمهورية اللبنانية بدستورها، بهويتها وميثاقيتها… أن تبقى”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي |