“قزي” لـ “هنا لبنان”: إذا لم يتم تعديل الرسم الجمركيّ فسنقول وداعاً لقطاع السيارات المُستعملة!
كتب أنطوني الغبيرة لـ “هنا لبنان”:
لبنان الّذي ينزف ينعى اليوم قطاعاً جديداً من قطاعاته الاقتصاديّة. فقطاع السيارات المُستعملة من أبرز القطاعات التي أثّر عليها ارتفاع الدولار الجمركيّ؛ الرسوم الجديدة لم تترافق مع خطط تطبيقيّة من قِبل الدولة اللّبنانيّة المُغيّبة. فسياسيّو لبنان يفتقدون أبسط الصفات الإنسانيّة، ممّا ينعكس سلباً على حياة المواطن. وبين نهاية شهر تشرين الثاني وبداية شهر كانون الأوّل تغيير جذريّ وكبير حصل على حياة المواطن من جهة وعلى القطاعات الاقتصادية من جهة أخرى.
فما مصير قطاع السيارات المُستعملة بعد ارتفاع الدولار الجمركيّ؟
تواصلنا في “هنا لبنان” مع رئيس نقابة مستوردي السيارات المستعملة إيلي قزي للإحاطة بمعلومات إضافيّة حول هذا الموضوع، فأشار إلى أنّه بعد هذا القرار جميع السلع والخدمات ازدادت أسعارها وليس قطاع السيارات وحده. لكن بالنسبة لنا، بحسب قزي، قطاع السيارات هو المتضرر الأول بسبب ارتفاع الدولار الجمركي. فالسيارة التي كانت رسومها سبعة ملايين ليرة فاقت رسومها اليوم المئة مليون؛ وهذا ما سيؤثر على جميع القطاعات وخاصةً تلك المرتبطة بقطاع السيارات المُستعملة التي قد يتوقّف إستيرادها.
أضاف، الدولة تعتبر أنها ستستفيد من الرسوم الجديدة في هذا القطاع، لكنّ الواقع مُغاير؛ كون هذا القرار سيسبب ضرراً مُباشراً للدولة. فالطبقة الفقيرة لم يعد باستطاعتها شراء السيارات المُستعملة، ممّا “سيدفعنا للإفلاس والإقفال”.
أكمل قزي، الزيادة عليها أن تكون مدروسة ويجب أن يكون هناك طرق وخطط للتعديل؛ فلا دراسات ولا اجتماعات مع الجهات المعنية لعرض حسنات وسيئات الزيادة الجمركيّة والضرر المترتب عنها. النقابة تَعتبر أن القطاع سيُفلس بسبب القرارات العشوائية المُجحفة بحقّه، وبالتالي إفلاس أكبر للدولة لأنها لن تستفيد من هذا القطاع الذي كان من أكثر القطاعات التي تدرّ لها المال.
قزي حمّل المسؤولية لجميع المسؤولين، من مجلس النواب الى الحكومة والوزارات المعنية وبالأخصّ وزارة المالية. مُشيراً إلى أنّ الإتفاقيات اللّبنانيّة مع الإتحاد الأوروبي حدّدت نسبة الرسوم الجمركية 5%، لكن في لبنان قاموا ببدعة إضافيّة تُعرف “برسم إستهلاك” بنسبة 45% تضاف الى 5% السابقة.
مُردفاً، الدولار لم يعد 1500 ليرة بل إزداد اليوم عشرة أضعاف، وهذا ما يجعل خسارة قطاع السيارات المُستعملة كبرى. لذا على الدولة خفض هذه القيمة – بالقانون يمكننا التقدّم بالشكوى ضدّ الدولة اللّبنانية أمام القضاء الخارجيّ، كون تصرّفها غير قانونيّ وممنوع – وإذا لم يتعدّل هذا الرسم كرّر قزّي عبارة “لن نستطيع الإستمرار؛ أمّا إذا أكملنا مسيرتنا، ستستفيد الدولة وستستطيع الطبقتان الفقيرة والوسطى إقتناء السيارات”. فعمل القطاعات الأخرى مرتبط بقطاع السيارات المستوردة، فإذا لم يتم تعديل الرسم الجمركيّ سننعى القطاع.
أمّا بالنسبة لموازنة 2023، تكلّم قزي عن أحاديث تدور بالأفق حول اعتماد منصّة صيرفة لتحديد الرسوم الجمركيّة للسيارات المُستعملة. مشيراً الى ضرورة تعديل الشطور، فمثلاً قيمة العشرين مليون ليرة المحددة على دولار 1500 ليرة، ما تزال نفسها مع الدولار الجديد؛ لكن بالواقع عليها أن تصبح مئتي مليون.
خاتماً، المرحلة الجديدة تفرض تعديلات على القوانين لحماية القطاع وإلاّ الهجرة ستكون الخيار الوحيد! المطلوب تعديل الشطور، إصدار لوائح وجداول جديدة – منذ العام 2019 لم تصدر لوائح وجداول جمركية جديدة – وعلى الدولة الإيفاء بوعدها الذي يضمن للسيارات المُستعملة المشحونة قبل تاريخ القرار والمنطلقة في البحر مع بواليص شحن الدخول وفق الرسم الجمركي السابق وتُعفى من الرسم الجديد، والمطلب الأخير هو تعديل رسم الإستهلاك. وطالب الحكومة ورئيسها ووزير المالية التحرّك قبل فوات الأوان، والإجتماع مع النقابة لأخذ القرارات المناسبة، للحفاظ على حقوق القطاع والناس على السواء.
بدورها اعتبرت العالمة في مجال الاقتصادّ “ميراي قسطا” أنّ الرسوم الجمركية طالت المستلزمات غير الرئيسية للمواطن، ومن ضمنها السيارات المستهلكة المستوردة كوننا في لبنان لا نصنّع سيارات، وهناك نحو 70% من السلع الأساسية لم تتأثر. خوف المواطن اليوم هو على السلع الغذائية أكثر من المواد الكماليّة، لأن نسبة الأفراد الّذين يستطيعون شراء سيارة أو أي جهاز إلكتروني ضئيلة.
الطبقة الفقيرة والمتوسطة اليوم بحسب قسطا تبددت آمالها بشراء أيّ نوعٍ من السيارات. مُعتبرةً أنّ غلاء الدولار الجمركي طال فئة معيّنة من الناس لن تستطيع دفع هذه الرسوم الكبرى المفروضة. من مسؤولية الدولة اليوم القيام برقابة كبرى وحملات توعية جديدة للحفاظ على حقوق المواطن بعد خارطة الطريق الجديدة التي رسمتها.
الدولار الجمركيّ الجديد زاد الشرخ بين الطبقات الإجتماعية، لتصبح الرفاهية حكراً على أغنياء لبنان فقط؛ فهل يصل اليوم الّذي سيغيب فيه إستيراد السيارات المُستعملة عن لبنان؟