منتخب الأشرفية يفوز على “باسيج” لبنان بركلات الجزاء


أخبار بارزة, خاص 12 كانون الأول, 2022

كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

عندما إنتهت مباراة منتخبي المغرب والبرتغال مساء السبت ضمن وقتها الأصلي، وفوز الأول وخروج الثاني من تصفيات مباريات المونديال الحالي في قطر، لم يكن هناك أحد يتوقع أن تصل إلى ساحة ساسين في الأشرفية قافلة الدراجات النارية التي طالما اشتهرت بأنها “باسيج” لبنان.
بعد وقت قصير من “الغزوة” الجديدة للأشرفية، كما تردد هذا الوصف سريعاً، انتشرت رواية على التواصل الاجتماعي وفيها “إن مجموعة من الدراجات النارية آتية من الطريق الجديدة وكانت تُطبّل وتُزمّر لفوز فريق المغرب على البرتغال في المونديال، إقتحمت بطريقة إستفزازية حشود العائلات والأطفال والشبيبة وتوقفت أمام شجرة الميلاد في وسط ساحة ساسين حيث كانت فرقة موسيقيّة تعزف ألحاناً ميلاديّة، وراحت تهتف بعبارات” الله أكبر” وترفع الأذان لبعض الوقت، إلى أن بدأ بعضهم بالتهديد والوعيد وتوجيه كلام نابٍ وشتائم ما جعل الحشود وحرس الساحة يَستنفرون، والجيش إتخذ وضعية التأهب لملاحقة الدراجات الناريّة التي راحت تَفرّ في إتجاه السوديكو متعرّضة في طريقها إلى عدد من السيارات والمارة ما أدى إلى تضارب وتشابك بالأيدي ووقوع بعض الجرحى..”
إذاً، إنها نسخة من “باسيج” لبنان. وللتوضيح إنّ الـ “باسيج”، هو أحد فروع المنظمة شبه العسكرية التي أسسها مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الإمام الخميني في تشرين الثاني عام 1979، أي بعد أشهر من إنتصار ثورة الخميني وسقوط نظام الشاه. وكلمة “باسيج” وهي فارسية تعني “قوات تعبئة الفقراء والمستضعفين” والتي أصبحت الآن أهم أدوات القمع التي يستخدمها النظام الإيراني حالياً ضد ثورة النساء في إيران.
أما في لبنان، وعلى مدى أعوام خلت، تحركت قوافل دراجات “باسيج” لبنان النارية في مناسبات عدة أهمها إبان إنتفاضة 17 تشرين الأول عام 2019، وراحت تمارس الاعتداءات الجسدية وتخريب الممتلكات لا سيما في وسط بيروت وصولاً إلى مداخل الأشرفية من جهة جسر “الرينغ” قرب برج الغزال. وعندما ساءت العلاقات بين حركة “أمل” و”التيار الوطني الحر” قبل أعوام تحركت هذه القوافل نحو ميرنا الشالوحي والحدت.
ما هي العبرة اليوم في تحريك هذه القوافل وتحت راية إنتصار منتخب المغرب على نظيره البرتغالي في كأس العالم؟
بداية لا بد من التوضيح، هو أن اللبنانيين قاطبة، غمرتهم الفرحة بإنتصار “أسود الأطلس” وهو لقب الفريق المغربي، لاعتبارات من بينها أن فريقاً ينتمي إلى المجموعة العربية يصل إلى المراتب المتقدمة في كأس العالم ما لم يسبق له مثيل منذ ولادة منافسات الكرة قبل نحو مئة عام. في المقابل، كان هناك أكثر من سبب لأن تتوجه قوافل “الباسيج” اللبناني، ولكنها لم تفعل، في كل الاتجاهات عندما خرج المنتخب الإيراني من السباق الكروي في أول أدواره، الأمر الذي يستحق أن يغضب له هذا التشكيل شبه العسكري والذي يقلد النسخة الإيرانية.
من المفارقات التي ترافق ما سميّ بـ “الغزوة” الجديدة للأشرفية، أن إعلام “حزب الله” يواظب على توصيف الانتصارات المغربية في عالم الكرة بأنها “انتصار” لفلسطين. لكن الأمر لا يقتصر على فلسطين بل يشمل كل الأقطار العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي. لكن ما لم يرده الحزب إطلاقاً، هو أن يذكّره أحد بأن المغرب، في يوم الانتصار المشهود لمنتخبه عندما فاز على منتخب إسبانيا بركلات الجزاء وأخرج الأخير الذي هو من أعرق المنتخبات الكروية في العصر الحالي في منافسات الدور الـ 16، كانت المملكة المغربية توقع إتفاقية إقتصادية مع دولة إسرائيل. وما بين المغرب وإسرائيل علاقات عميقة تعود إلى عقود. ومن أهم معالمها، أن يهود المغرب، هم وحدهم تقريباً ما زالوا في وطنهم بعد إنشاء دولة إسرائيل عام 1948. وحتى أن بعض هؤلاء اليهود الذين رغبوا في الهجرة إلى إسرائيل بعد قيامها إحتفظوا بالهوية المغربية حتى الآن. وهناك من يعيد العلاقات بين المسلمين واليهود في المغرب إلى أيام الاندلس قبل قرون. وعندما إنتصر الإسبان على الفتح الإسلامي، فلحق الاضطهاد أيضاً بيهود الأندلس الذين غادروها جنباً إلى جنب مع المسلمين ووجهتهم العالم الإسلامي وأوله المغرب.
من الماضي إلى الحاضر، هناك وجه شبه بين “غزوة” الأشرفية الأخيرة وسائر “غزوات” مماثلة. ومن أهم هذه “الغزوات” التي لا تنسى على الإطلاق، الاجتياح الأصولي الذي استهدف الأشرفية تحت ستار “رفض الإساءة إلى القرآن والرسول العربي” في شباط 2006، وهو الشهر نفسه الذي تسلل تحته رايته “تفاهم مار مخايل” الشهير ما أوصل العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا ، كما أوصل “حزب الله” إلى الإطباق عملياً على القرار اللبناني. ولا بد من التذكير، بأن مظاهرة “الاحتجاج” المريبة قبل 16 عاماً أمام القنصلية الدنماركية بالأشرفيّة، رافقها حوادث الشغب والاعتداء على دور عبادة ومحال تجارية ومكاتب في المنطقة.
أن يقال إنّ قوافل “الباسيج” اللبناني إنطلقت من طريق الجديدة، يعني أن راكبي دراجات هذه القوافل هم من أهل السنّة. لكن هل تعني الجغرافيا أمراً جديداً خارج السياق الذي هيمن على لبنان على أعوام طويلة وترسّخ منذ عام 2005 عندما فرضت إنتفاضة الاستقلال الثاني رحيل الوصاية السورية لتحلّ مكانها وصاية “حزب الله” الموصولة بالنفوذ الإيراني؟ كذلك، هل هذا يعني أن تحريك القوافل، كما كان يحصل دوماً من منطقة خندق الغميق الشيعية في بيروت أو من الضاحية الشيعية الجنوبية للعاصمة، كان متعذراً هذه المرة، فكان لا بد من اللجوء إلى طيف مذهبي آخر، هو السنّة حالياً؟
لعل هذا التساؤل في محله، خصوصاً وان طريق الجديدة وسائر الطرق المحسوبة على السنّة تقريباً تعاني من فراغ هائل على مستوى الزعامة. في هذا السياق، يقول خبراء أمنيون، أن جهة معروفة موصولة تاريخياً بالنظام السوري وبـ “حزب الله” حالياً، تفعل فعلها في هذه الطرق لا سيما في بيروت ، ومن غير المستبعد أن تكون قد حركت “غزوة” الأشرفية الأخيرة “لغاية في نفس يعقوب”.
عام 2006، كانت “الغاية في نفس يعقوب” تفاهم الجنرال ميشال عون والسيد حسن نصرالله، فما هي الغاية اليوم في آخر عام 2022؟
في إنتظار جلاء الغبار، يمكن الإعلان بثقة أن منتخب الأشرفية فاز بركلات الترجيح على منتخب “باسيج” لبنان، فكانت الأشرفية هي فعلاً وبامتياز منتخب لبنان.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us