بعد الاعتداء على اليونيفيل.. هل يُعاقَب لبنان دولياً؟
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:
ما إن وقعت حادثة الاعتداء على دورية من الكتيبة الإيرلندية التابعة لقوة اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان، في خراج بلدة العاقبية، حتى طُرحت أسئلة عديدة حول الأسباب الكامنة وراء هذا الاعتداء والأهداف. فيما تتجه الأنظار نحو التحقيقات والنتائج المرتقبة في ظل تأكيد لبنان عبر أكثر من مسؤول على التعويل على ما ستظهره التحقيقات وأنّ الجناة سينالون ما يستحقونه. وقد أكد لبنان التزامه بالقرارات الدولية وتطبيقها.
ولكن هل من تداعيات قانونية دولية للاعتداء على “اليونيفيل”؟ وهل من تداعيات سياسية خصوصاً أن ثمة دول قد تطرح الحادثة أمام مجلس الأمن للضغط على تعديل مهام اليونيفيل في لبنان؟
من دون شك أنه من المبكر توقع ما ستفضي إليه التحقيقات إلا أنه من الممكن أن يكون للحادثة تداعيات على وجود “اليونيفيل” في لبنان من حيث المدة، الرقعة الجغرافية والدور، من دون أن تصل الأمور إلى حدود اتخاذ تدابير بحق لبنان، إلّا إذا أفضى التحقيق إلى نتائج غير مرتقبة.
وفي هذا الاطار استبعد رئيس مؤسسة “JUSTICIA” الحقوقية الدكتور بول مرقص لموقع “هنا لبنان” أن “يتعرض لبنان لنوع من الإجراءات العقابية، خصوصاً أنّ رئيس الحكومة ووزير الدفاع كانا قد أدانا هذه الحادثة إضافة إلى أن لا يد للحكومة اللبنانية بهذه الحادثة، كما أنه ليس بمقدورها أو ربما هي غير راغبة في الدخول بنزاع مع قوى الأمر الواقع الممسكة بالمنطقة حيث وقع الحادث وبالتالي إنّ الحكومة ليست ضالعة في هذا الاعتداء على الأقل على نحو مباشر ومقصود”.
إلّا أنّ الدكتور مرقص لفت إلى أن “تعرض دورية لليونيفيل في لبنان إلى إطلاق نار يرتب نتائج سلبية من الناحية الدولية. إذ أن من أهم مهام مجلس الأمن ضمان سلامة موظفي الأمم المتحدة وأمنهم بشكل معقول، بما في ذلك على وجه الخصوص الحصول على ضمانات معقولة من الأطراف أو الفصائل الرئيسية في ما يتعلق بسلامة وأمن أفراد الأمم المتحدة. وبالتالي إن حرمان قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) من حرية التنقل وأي اعتداء على من يخدمون قضية السلام، أمر غير مقبول وينتهك اتفاقية وضع القوات المبرمة بين الأمم المتحدة وحكومة لبنان”.
وذكّر مرقص بأن” قرار مجلس الأمن 1701 يقضي بأن تتمتع اليونيفيل بوصول كامل ودون عوائق إلى جميع أنحاء منطقة عملياتها، ودعوة لجميع الأطراف المعنية إلى احترام حرية تنقل حفظة السلام الضرورية للوفاء بتفويض اليونيفيل بموجب قرار ١٧٠١.
كما أنه بموجب قرار مجلس الأمن ٢٦٥٠/٢٠٢٢ أعطى مجلس الأمن الإذن لقوة اليونيفيل باتخاذ جميع الإجراءات الضرورية في مناطق انتشار قواتها، بما يقتضيه الوضع في حدود قدراتها، لضمان عدم استخدام مناطق عملياتها لأي أنشطة عدائية من أي نوع كان، ومقاومة المحاولات التي تهدف إلى منعها بالقوة من القيام بواجباتها التي نص عليها تكليف مجلس الأمن وحماية موظفي ومرافق ومنشآت ومعدات الأمم المتحدة، وكفالة أمن وحرية تنقل موظفي الأمم المتحدة والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين المعرضين لخطر العنف الجسدي، دون المساس بمسؤوليات حكومة لبنان”.
ولفت مرقص إلى أن مجلس الأمن كان قد أدان أيضاً استمرار الاحتفاظ بأسلحة خارج نطاق سيطرة الدولة اللبنانية من جانب جماعات مسلحة في انتهاك لقرار ١٧٠١/٢٠٠٦.
وفي ما يتعلق بالتأثير على وضعية وصلاحيات اليونيفيل في لبنان أشار مرقص إلى ما نص عليه القرار ١٥٥٩ لمجلس الأمن الذي طلب بموجبه انسحاب القوات الأجنبية من لبنان بسبب تواجد ميليشيات لبنانية وطالب من الأطراف المعنية تعاونًا تامًا على وجه الاستعجال مع مجلس الأمن من أجل التنفیذ الكامل لهذا القرار ولجمیع القرارات ذات الصلة بشأن استعادة لبنان لسلامته الإقلیمیة وكامل سیادته واستقلاله السیاسي.
لكل هذه الأسباب لفت مرقص إلى إنه صحيح أن مجلس الأمن الدولي كان قد جدّد في 31 آب الماضي تفويض اليونيفيل لسنة واحدة إلا أن هناك خطورة في أن لا يتم التجديد لاستمرار عملها في لبنان جراء هذا الاعتداء المسلح الذي تم ارتكابه بحقها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي |