أسعار المحروقات تلسع القطاعات الحيوية وتُلهب جيب المواطن


أخبار بارزة, خاص 6 شباط, 2023

أسعار المحروقات تواصل ارتفاعها على وقع استمرار سعر صرف الدولار في السوق السوداء في مساره التصاعدي، لتضرب القطاعات الحيوية التي تعتمد بمجملها على المولدات الكهربائية الخاصة في بلد حُرِم نعمة الكهرباء


كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:

أيّام الطوابير أمام محطات المحروقات صارت من الماضي اللبناني الذي على رغم بشاعته إلّا أنّه يبدو أكثر إشراقاً من المستقبل المجهول الذي ينتظرهم.. أيّام الطوابير كان المواطن لا يزال قادراً على شراء المحروقات إن وُجِدتن أمّا اليوم فالمحروقات موجودة إلّا أنّ أسعارها تواصل ارتفاعها مسجلة أرقاماً قياسية على وقع استمرار سعر صرف الدولار في السوق السوداء في مساره التصاعدي، لتضرب القطاعات الحيوية التي تعتمد بمجملها على المولدات الكهربائية الخاصة في بلد حُرِم نعمة الكهرباء. ففي أواخر الشهر الماضي، ومع تخطّي أسعار المحروقات المليون ليرة لأوّل مرة ترافقاً مع التقلبات المتسارعة في سعر الدولار الأسود ووسط احتجاجات مستوردي النفط وموزّعيه فقد تمّ الاتجاه إلى إصدار جدولين لأسعار المحروقات.
من القطاع الصحي فالتربوي والصناعي، إلى السوبرماركت والمطاعم، قطاعات تقبع أسيرة لهذه التقلبات، فكيف يتأثر كل منها بهذه الأزمة؟

القطاع الاستشفائي
أما على الخط الطبي، فارتفاع أسعار المحروقات يؤثر على القطاع الاستشفائي بشكل مباشر، إذ يوضح نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون لـ “هنا لبنان” أنّ لذلك تأثيران على القطاع، الأول يتمثل في ازدياد مصاريف المازوت على المستشفيات لتشغيل المولدات الكهربائية، والثاني ارتفاع تكاليف أسعار النقل العام والخاص وزيادة المصاريف على الموظف، وبالتالي تصبح المستشفيات الخاصة مرغمة على رفع بدل المواصلات لموظفيها لضمان حضورهم إلى العمل.

القطاع التربوي
كغيره من القطاعات لم يسلم القطاع التربوي من ارتفاع أسعار المحروقات الذي يحمل الكثير من التداعيات التي ستطال جيب الأهالي، لا سيما بعد أن لمّحت بعض المدارس إلى زيادة مبلغ إضافي على أقساطها بالدولار لتغطية نفقاتها التشغيلية، هنا تقول رئيسة اتحاد لجان الأهل في المدارس الخاصة لمى الطويل في حديث لـ “هنا لبنان”: “الأهالي يعانون كما المعلمون والمدارس، ارتفاع سعر صرف الدولار يطال الجميع، والمطلوب تعاضد كل الأطراف من أجل الوصول إلى حلول مرضية”.
وتتابع: “لا نريد تعثر المدارس ولكن بما أن معظم المدارس قد زادت أقساطها بالليرة اللبنانية أو “دولرت” جزءًا منها من المفترض أن لا يؤثر ارتفاع أسعار الدولار والمحروقات على مصاريفها”.
وتشدد الطويل على ضرورة موافقة المدارس على الخضوع لتدقيق الموازنات المدرسية كي يتبين إن كان وضعها متعثراً أم لا”.
وتلفت إلى التعميم 33 الصادر عن وزير التربية والتعليم العالي والمتعلق بعدم جواز فرض المدارس الخاصة غير المجانية أي مبالغ أياً كانت تسميتها، وأياً كانت قيمتها على أولياء أمر التلاميذ المسجلين فيها، بالإضافة إلى القسط المدرسي الذي تستوفيه من كل منهم، مؤكدة أن الأهالي حريصون على استمرار العام الدراسي”.

القطاع الصناعي
يؤكد نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش لـ “هنا لبنان” أن ارتفاع سعر صرف الدولار وما يرافقه من ارتفاع في أسعار المحروقات لن يؤثر على المؤسسات الصناعية وغير الصناعية التي تدفع كلفة التنقلات بموجب “بونات بنزين” أو بالدولار الأميركي أو تؤمن عمالها وموظفيها كما هو عليه لدى معظم الصناعيين.
أما تلك التي تلتزم بلجنة المؤشر وتدفع لموظفيها بدل النقل الصادر عن وزارة العمل (95 ألف ليرة)، فستواجه مستقبلاً مظلماً لتأثر عناصر إنتاجها، أي عنصر العمل، حيث تصبح ملزمة بتأمين بدل نقل إضافي للعامل كي يتمكن من الوصول إلى مكان عمله.
ويشير إلى سبب آخر مباشر لتأثر الشركات بارتفاع أسعار المحروقات وهو ارتفاع أكلافها، ما يزيد من أعباء وتكاليف تضاف إلى جملة التحديات التي تواجهها، فتجد نفسها مجبرة على رفع أسعار منتجاتها، وبالتالي تنقل هذه الكلفة إلى الشركات التي تستخدم منتجاتها كمدخلات وسيطة.
ويلفت إلى تأثر المؤسسات الصناعية وغير الصناعية بارتفاع أسعار برميل النفط خصوصاً تلك التي لا تحصّل ثمن بضائعها مباشرة من الأسواق ما يعرضها للخسائر.
وبحسب بكداش، فارتفاع أسعار الدولار وأسعار المحروقات لن يؤثر على عمل القطاعات الحيوية التي قامت بـ “دولرة” أسعارها.

قطاع السوبرماركت
أما بالنسبة لقطاع السوبرماركت والتجزئة، فقد اعتاد التجار على التمادي في رفع أسعار المواد الاستهلاكية بما فيها الغذائية، ولكن بحسب نقيب أصحاب السوبرماركت نبيل فهد: “إن ارتفاع أسعار المحروقات لن يؤثر بشكل مباشر على أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية لأن أصحاب المتاجر يدفعون فواتير المولدات الخاصة بالدولار، ويبقى لدولار السوق السوداء المستمر في الصعود تأثير كبير على ارتفاع الأسعار التي ستلقى حكماً على جيب المواطن”.

قطاع المطاعم
وفي ما يتعلق بالمطاعم، يقول نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري خالد نزهة في حديثه لـ “هنا لبنان”: “إن الكلفة التشغيلية على المؤسسات السياحية مرتفعة بالأصل، ومع ارتفاع أسعار المحروقات ستشهد مزيداً من الارتفاع لأن التكاليف ستزيد عليها، لاعتمادها بالدرجة الأولى على المحروقات والغاز والمياه التي ارتفعت اسعارها بوتيرة تصاعدية مع ارتفاع سعر صرف الدولار دون سقف، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمأكولات المقدمة على قوائم الطعام”.
ويلفت إلى أن العديد من المؤسسات السياحية قامت بدولرة أسعارها لمواكبة تقلبات سعر صرف الدولار، وهي اليوم في حالة تحدٍّ وصمود.
وفيما بلغ عدد المؤسسات السياحية في لبنان 8500 مؤسسة دائمة و4500 مؤسسة موسمية، فقد أقفلت 60% من هذه المؤسسات أبوابها خلال الأزمة.

بين “نار” ارتفاع سعر صرف الدولار و”لهيب” ارتفاع أسعار المحروقات وحده المواطن من يدفع ثمن الغلاء وموجاته الجديدة من جيبه المثقوب.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us