لو عاش بشير وشاهد عون
لو عاش لكان شهد على أسوأ وصمة في تاريخ المسيحيين، منذ العام 1988 وإلى اليوم، وهي تملأ سماءهم بالسواد والانتهازية والشعبوية والتضليل والتدمير.
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
لو عاش بشير صامتاً وليس رئيساً. لو عاش شاهداً دون أن يتحوّل إلى شهيد، لشهد على صبيٍّ أرعن ينسخ أدبيات حزب الله، بأنه انتُخب على ظهر الدبابة الإسرائيلية.
لو عاش لكان شهد على أسوأ وصمة في تاريخ المسيحيين، منذ العام 1988 وإلى اليوم، وهي تملأ سماءهم بالسواد والانتهازية والشعبوية والتضليل والتدمير.
لو عاش لكان عاين عصر عون، المليء بالاستصغار والاستجداء والذمية، لكان شاهد الكرسي تسخر من الجالس عليها بقوّة بندقية حزب الله، بدل أن تفخر بمن كان يُفترض أن تكون له، كي يبني مستقبلاً لوطنه وأهله، لا غشّ فيه ولا سمسرة ولا ارتهان ولا انتهازية.
لو عاش لقال في العلن: هل هذا هو الضابط نفسه الذي كان يتقرّب منّي، كي يصل إلى أعلى المراتب. ما باله يخطب ودّ النظام السوري في الثمانينات، ثم ينقلب بعد تيقّنه أنّه ليس المرشّح التوافقي، ثم يهاجم الميليشيات ويتحالف معها تبعاً لمصلحته، ويهاجم الاحتلال ويتحالف معه تبعاً للمصلحة نفسها؟
كان بشير سيقول حتماً: الله كم أنّ مظاهر الأشخاص خادعة، فلماذا سمحتُ له في لحظة أن يتقرّب مني وهو على ما هو من استعدادٍ لفعل أيّ شيء، ولو على الأنقاض ليصل إلى السلطة والنفوذ، تجاوزاً لأيّ مصلحة عامة؟
لو عاش بشير صامتاً وشاهداً، لبكى على المسيحيين وعلى مصيرهم، فها هم ينتقلون من حرب تحرير وإلغاء، في خطوة مجنونة وغير مدروسة، إلى احتلال طويل، كان يفترض أن ينتهي في العام 2005، فإذا بالمحرّر الديغولي، يعود تابعاً لمنظومة الاحتلال، وينفّذ كلّ أجندتها، كي تصل به إلى السلطة، فوصل وليته لم يصل.
لو عاش بشير لشهد على جرّ المسيحيين بالتضليل والشعبوية إلى إيران المحاصرة، كي يحاصروا معها، كيف تم جرّهم إلى انتحارٍ ذاتيّ من العام 2005 وإلى اليوم، فقطعوا صلاتهم بالعرب والعالم، ودمّرت مؤسّساتهم على رؤوسهم، كل ذلك كي تحقّق الانتهازية شهوتها بالسلطة، فباتوا محطّ سخرية العالم وشفقته.
لو عاش لنظر بألمٍ إلى هذا الوضع البائس، فبعدما كان هو في المقدّمة يقاتل باستقامة، مترفّعاً عن الصغائر وشهوة جمع المال والسلطة، بات يرى أمامه جوعاً عتيقاً متأصّلاً في النفس، لا يتورّع صاحبه عن القفز يميناً وشمالاً، تجاوزاً لأيّ حدٍّ أدنى من الالتزام بمبدأ.
لو عاش بشير، كانت ستدمع عيناه على مشهد هجرة الشباب وأزمة المستشفيات والجامعات، والشباب على أبواب السفارات يطمحون للقفز من السفينة الغارقة، التي ادّعى قبطانها يوماً أمام الرهبان أنّها لا تغرق لأنّه هو القبطان، فإذا به يلعب ولمصلحته الخاصة دور مساعد القرصان، وإذا بالسفينة تختطف كي يتم إغراقها، فيما القبطان “يقدّ المراجل” زهواً بانتصاراته الوهمية.
يمكن اختصار هذا المقال المتخيّل بعبارة واحدة. لو عاش بشير وشاهد ميشال عون لكان قال: “يا أرض انشقّي وابلعيني”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |