أزمة الجامعة اللّبنانيّة تابع.. عبّاس لـ “هنا لبنان”: مدرّبو الجامعة يُعانون من الإكراه الوظيفيّ
المُشكلة اليوم مرتبطة بعمليّة إحتساب ساعات العمل الحقيقيّة لمدرّبي الجامعة اللبنانية، إذ يلزم العقد المدرب على تنفيذ دوام يزيد عن ساعات العقد بمئات الساعات، وعلى التنازل صراحةً عن أجر هذه الساعات..
كتب أنطوني الغبيرة لـ “هنا لبنان”:
الفوضى المُترافقة مع إفلاس الدّولة اللّبنانيّة حطّت بثقلها هذه المرّة على الجامعة اللّبنانيّة وعلى مدرّبيها. فتوقّف التوظيف داخل الدّولة بسبب الأوضاع الصعبة التي تعاني منها، وغياب الأرقام الرسميّة لعدد الموظّفين الفعلي فيها؛ ترافق مع حاجة الجامعة اللّبنانيّة إلى الاستعانة بمدرّبين إضافيّين لسدّ الحاجة. لكن هل وضع هؤلاء المدربيّن قانونيّ، ومن المسؤول عن حقوقهم المغبونة؟
اعتبر عضو المرصد الشعبيّ المحامي علي عبّاس في حديث لـ “هنا لبنان” أنّه منذ الثمانينيات يتمّ التعاقد مع مدربين في الجامعة اللّبنانيّة في الماسترات، بهدف تدريب الطلاب في الكليات التطبيقية على أصول المهن والمختبرات.
وبسبب منع التوظيف رغم الحاجة إلى موظفين، تتعاقد هذه الأخيرة مع مدرّبين إدارييّن لتأدية مهام الموظفين؛ – غير أنّه في العام 2017 وبعد قرار الموازنة، ومع التحايل على القانون أُدخل مدرّبون إلى الجامعة اللّبنانيّة رغم منع التوظيف – ليقوموا بالأعمال الفنية والتقنيّة وإدخال المعلومات التي لا يستطيع موظّفو الجامعة القيام بها بسبب تدني تحصيلهم العلمي.
مُضيفاً: “عقود المدرّبين هي عقود بالساعة يحدد أجرها وزيرا التربية والمالية ويعادل أجر المدرّبين ثُلثي ساعة الأستاذ في الجامعة، وصدّق مجلس الوزراء على عقود التدريب قبل العام 2004 فأصبحت تجدّد تلقائياً ويقبض المدربون أجورهم شهرياً على أن تُقبض متأخرة بعد أشهُر أو سنوات أو من العمل بموجب “عقود مصالحة” وتحسم الجامعة لصالحها منها 5% باستثناء الضرائب”.
المُشكلة الأساسيّة اليوم بحسب عبّاس، مرتبطة بعمليّة إحتساب ساعات العمل الحقيقيّة لهؤلاء المدرّبين؛ فالجامعة اللبنانية تُلزمهم بالتوقيع على ساعات تتراوح بين 450 والـ 600 ساعة بحسب إختصاص المُدرّب بدوام 35 ساعة أسبوعياً فيعملون بحدود 1500 ساعة سنوياً لا يقبضون منها إلا ساعات العقد.
“وكان قد صدر قرار عن مجلس شورى الدولة أنصف المدربين لناحية الدوام حيث ألزم ألّا تزيد ساعات العمل عن ساعات العقد السنوي، لكن إدارة الجامعة لم تلتزم به واستمرت بإلزام المدربين بالساعات الإضافية”.
غير أنّه وفقاً لعبّاس، عند عدم تنفيذ قرار مجلس الشورى من قِبل الجامعة اللّبنانيّة، أقيمت دعوى غرامة إكراهيّة فاز بها المدرّبون؛ ولكن رئيس الجامعة الأسبق فؤاد أيوب أصدر تعاميم جديدة تتطلّب الطعن بها من جديد، ولا تزال هذه الطعون الجديدة في مجلس شورى الدولة ولم يُبتّ بها.
بالمُقابل أوضحَ عبّاس أنّ المُفاوضات فشِلت بين اللّجان المُنتخبة من قبل المدرّبين والإدارة، “التي دعمت رابطة العاملين في الجامعة اللبنانية والتي أعلنت بأنها تمثّل المدربين المتعاقدين كونها المفاوض الوحيد باسمهم خلافاً لرغبتهم”.
في السياق عينِه وفي ظلّ الأوضاع الإقتصاديّة الرديئة، لم تفلح كل المراجعات لدى إدارة الجامعة والمراجعات في لجم المخالفات، ومع المعاناة والضغوطات التي يتعرض لها المدربون استقال مؤخّراً الكثير منهم وخاصة بسبب كلفة الوصول إلى مراكز عملهم.
اليوم وبعد الكتاب الّذي أرسل إلى وزير العمل مصطفى بيرم، إستشار رئيس الجامعة الهيئة الإستشارية القانونية في الجامعة، فأصدرت الهيئة رأيها الموافق على الدفع الشهري وطلبت تعديل العقود. لكنّ الواقع كان مغايراً، فقد فوجئ المدربون بعقود تخالف الرأي الإستشاري – حيث يلزم العقد المدرب على تنفيذ دوام يزيد عن ساعات العقد بمئات الساعات، وعلى التنازل صراحةً عن أجر هذه الساعات – وقد وقع عليها المدربون في بعض الفروع تحت الضغط وخوفاً من عدم تجديد العقد.
وختم عبّاس، “يتوجب على رئاسة الحكومة ووزير التربية والتعليم العالي وقف التصديق مؤقتاً على العقود لدراسة قانونيتها حرصاً على ما تبقى من سمعة الجامعة اللبنانية”.
المدربون ينتظرون إنصافهم، فعملهم التعاقديّ في الجامعة اللّبنانيّة لا يؤمّن مستقبلهم في ظلّ غياب حقوقهم!