المظلوم لا يُسامِح
لو كان يليق بضفادع مستنقعات الداخل أن تنتج خططاً لما اقتصر تنافسها على النقيق، ولما وصل وضع البلد إلى ما هو عليه الآن. الخطط جاهزة ومعلنة، لم يبقَ إلا وجود شخص تتوافر فيه المواصفات المطلوبة لقيادة الدولة إلى التعافي
كتب محمد سلام لـ “هنا لبنان”:
لو كان يليق بضفادع مستنقعات الداخل أن تنتج خططاً لما اقتصر تنافسها على النقيق، ولما وصل وضع البلد إلى ما هو عليه الآن. الخطط جاهزة ومعلنة، لم يبقَ إلا وجود شخص تتوافر فيه المواصفات المطلوبة لقيادة الدولة إلى التعافي
دبلوماسي غير عربي، دولته عريقة في تاريخها وعميقة في تجاربها ومآسيها، سألني: ما هي، برأيك كمواطن لبناني، “مواصفات الرئيس” الذي يمكن أن يقود الدولة اللبنانية إلى التعافي؟
قبل التفكير في الجواب استوقفتني صيغة السؤال. فالرجل سألني عن “مواصفات الرئيس” لا عن “خطة عمل الرئيس”! وسألني عن “رئيس غير موجود” ولم يسألني عن “أي مرشح يمكن أن يصير رئيساً”! علماً بأن صخب الداخل اللبناني يدور حول مرشّحين. فلماذا قفز الدبلوماسي فوق خنادق المرشحين وسواتر خطط العمل وذهب مباشرة للتساؤل عن مواصفات رئيس لم يُنتخب بعد؟
“نقيق ضفادع المستنقعات يستعطي المطر، لكن الضفادع لا تصنع المطر الذي يذكّر صخبها بالحاجة إليه،” قال الدبلوماسي وأضاف: “هدوء الخارج يصنع الحلول”..
عاجلته بسؤال: ماذا عن عناوين خطة العمل المطلوبة، لماذا لا تسأل عنها؟”
أجاب الدبلوماسي: “لو كان يليق بضفادع مستنقعات الداخل أن تنتج خططاً لما اقتصر تنافسها على النقيق، ولما وصل وضع البلد إلى ما هو عليه الآن. الخطط جاهزة ومعلنة، لم يبقَ إلا وجود شخص تتوافر فيه المواصفات المطلوبة لقيادة الدولة إلى التعافي”.
فما هي برأيك كمواطن لبناني مواصفات الرئيس القادر على قيادة الدولة إلى التعافي؟ كرر الدبلوماسي سؤاله بلهجة لا تخلو من العتب الناتج عن محاولاتي المهنية المتكرّرة للالتفاف على سؤاله بسؤال.
قلت، ومن خارج سياق الجواب، إنّ “سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري نقل عنه مسؤول الإعلام في البطريركية المارونية قوله أمس للبطريرك الراعي إنه “متفائل جداً” فهل هذا يعني أنه تم إيجاد شخص مكتمل المواصفات المطلوبة خارجياً لتولي رئاسة لبنان؟”
أجاب الدبلوماسي بعصبية: “وأنا متفائل أيضاً وأسأل عن مواصفات رئيس يمكن أن ينجح في قيادة الدولة إلى التعافي. أين المشكلة؟ التفاؤل لا يلغي الحق في التساؤل”.
وأضاف: “نعم. سعادة السفير السعودي متفائل لكن ضفادع الداخل اللبناني هي التي تولّت استنباط تفسير أو تفاسير سبب أو أسباب تفاؤله، فأبقتها في خانة الترشح والخلافات المحلية على المرشحين وفشلت في الذهاب بها إلى مهام ما بعد الانتخاب. فهل بمثل هذا الفشل يمكن أن يكون أي شخص متفائل؟” تساءل الدبلوماسي.
الدبلوماسي الأجنبي على حقّ، فلم يسأل أحد من ضفادع مستنقعات الداخل اللبناني عن سبب تفاؤل السفير السعودي، تماماً كما لا تريد الضفادع أن تفهم أو تتفهّم أنّ المملكة لا تؤيّد مرشحاً للرئاسة، ولا تضع فيتو على أيّ مرشّح للرئاسة. فهذا شأن لبناني على اللبنانيين أن يتولّوه… إذا خرجوا من مستنقعاتهم.
المملكة العربية السعودية تحدّد موقفاً من “أداء رئيس” انتخبه النواب اللبنانيون لا من “وعود مرشح” غير منتخب بعد، فإذا كان هذا الرئيس غير متورط في جرائم الفساد والمخدرات ومشتقاتها، وإذا كان معنياً بإعادة لبنان إلى انتمائه العربي وغير متحالف مع أعداء العرب، عندها تتعاطى معه الرياض بإيجابية وفق ما يقتضيه الظرف.
ولكن ماذا يريد الشعب اللبناني من رئيسه العتيد؟ كرر الدبلوماسي سؤاله بإصرار.
قلت إنه إضافة إلى ما سبق من بديهيات العدالة والنزاهة والإصرار على الإنقاذ والحس السيادي وعدم التحالف مع أعداء الدول الشقيقة والصديقة، المطلوب أن لا يكون للرئيس العتيد تحالفات مع أعداء الشعب اللبناني.
“ومن هم أعداء الشعب اللبناني؟” سألني الدبلوماسي بإصرار.
قلت: كلّ من احتلّ أرضنا وسلبنا روحاً أو مالاً أو عرضاً هو عدونا… بغض النظر عن جنسيته ومعتقده.
جوابي لم يعجب الدبلوماسي، فسأل: “لماذا كل هذا الحقد في جوابك؟ الأمم تتنازع وتتصالح”.
قُلتُ: لأنّنا ظُلِمنا ولم نجد من يُنصِفُنا. المظلومُ لا يُسامِح … إذا تَمَّ إِنْصافُ المظلوم قد يَتَرَفَّعُ عَن المطالبة بتطبيق العقاب، لكنه لا يُسامِح ولا يساوي بين من ظَلم (بفتح الظاء) ومن ظُلم (بضم الظاء) المظلوم لا يُسامِح…
مواضيع مماثلة للكاتب:
لا يطلب وقف النار إلا الخاسر | هديتان من سوريا في نفس اليوم | فوز ترامب أسقط مهمة هوكشتاين في لبنان |